نام کتاب : مطارح الأنظار نویسنده : الشيخ الأنصاري جلد : 1 صفحه : 267
وأيضا ما يقولون في الوقائع الخاصة والحوادث الجزئية التي ليست مذكورة في كتب الفقهاء بخصوصها وغالب ما يحتاج الناس إليه من هذا القبيل ولا يستنبط من الكتب أو يستنبط لكن لا يقدر على استنباطه كل أحد بل ربما لا يقدر على استنباطه سوى المجتهد سيما إذا تعلق الواقعة بالوقائع المشكلة مثل القصر والإتمام والرضاع وغير ذلك من المعضلات وأيضا العدالة مثلا يحتاج إليها في غالب الأحوال في المعاملات والعبادات والإيقاعات فلو لم يكن موجودا ولم يكن ممن يعرف العدالة بأنها هي الملكة أو عدم ظهور الفسق وأولها هل يستحق باجتناب الصغائر والكبائر أيضا وأن من الكبائر الإصرار بالصغائر وأن الإصرار بما ذا يتحقق وأنه هل يعتبر فيه اجتناب المنافيات للمروءة أم لا وعلى تقديره فأيّ شيء هي وأنه لا بد من المعاشرة الباطنية أو يكفي الظاهرية وبالجملة لو لم يكن العادل أو من يعرف العدالة أو العادل ما ذا يصنعون وهذه هي الشبهة المذكورة في لسان العامة حسبنا الروايات والاجتهادات وأطال رحمه اللَّه في النقض والإبرام عليهم وما أفاده وإن لم يكن خاليا عن النظر كما لا يخفى على من أمعن فيها إلا أن فيه الجواب أيضا فتدبر وقد يستدل على الجواز بالعسر والحرج وستعرف الكلام فيه هداية [ في تفصيل الفاضل التوني ] قد عرفت نسبة التفصيل إلى الفاضل التوني ولا بأس بنقل كلامه ليتضح مرامه قال بعد المنع عن عموم النهي عن التقليد واختصاصه بالأصول والمنع من انعقاد الإجماع في جواز التقليد بزعم أنها مسألة غير معهودة من أيام الأئمة عليهم السلام والتمسك بإطلاق الأخبار الخاصة واندفاع العسر والحرج الموجبين للتقليد بمتابعة الميت أيضا والذي يختلج في الخاطر في هذه المسألة أن من علم من حاله أنه لا يفتي إلا بمنطوقات الأدلة ومدلولاتها الصريحة كابني بابويه وغيرهما من القدماء يجوز تقليده حيا كان أو ميتا ولا يتفاوت حياته وموته في فتاويه وأما من لا يعلم من حاله ذلك كمن يعمل باللوازم الغير البينة والأفراد والجزئيات الغير البينة الاندراج فيشكل تقليده حيّا كان أو ميتا فإن من تتبع وظهر عليه كثرة اختلاف الفقهاء في هذه الأحكام يعلم أن قليل الغلط في هذه الأحكام قليل مع أن شرط صحة التقليد ندرة الغلط والسر فيه أن مقدّمات هذه الأحكام لما لم يوجد فيها نصّ صريح كثيرا ما يشتبه فيها الظن بالقطعي وربما يشتبه الحال فيتوهم جواز الاعتماد على مطلق الظن فيها فيكثر فيها الاختلاف ولهذا قلَّما يوجد في مقدمات هذا القسم مقدمة غير قابلة للمنع بل مقدمة لم يذهب أحد إلى منعها وبطلانها بخلاف الاختلاف الواقع في القسم الأول فإنه يرجع إلى اختلاف الأخبار فإن قلت فعلى هذا يبطل جواز اعتماد المجتهد في هذا القسم الثاني قلت لا يلزم ذلك لأنه إذا حصل له الجزم باللزوم والفردية يحصل له الجزم بالحكم الشرعي ومخالفة الحكم المقطوع به غير معقول فتأمل قال إذا عرفت هذا فالأولى والأحوط للمقلد المتمكن من فيهم العبارات أن لا يعتمد على فتوى القسم الثاني من الفقهاء إلَّا بعد العرض على الأحاديث بل لو عكس أيضا كان أحوط انتهى أقول أما منع عموم النهي عن التقليد واتباع غير العلم فهو مما لا ينبغي الإصغاء إليه كيف وذلك من الأمور الضرورية وقد دل على حرمته الأدلة الأربعة فيكفي من الكتاب قوله تعالى * ( آ لله أَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَى ا لله تَفْتَرُونَ ) * ولا سبيل لتوهم الاختصاص فيه حيث إن الإنكار على مجرد عدم الإذن كما هو ظاهر ومن السنة رواية القضاة الأربعة ومن الإجماع ما حكاه الوحيد البهبهاني من ضرورة صبيان الإمامية ونسائهم على عدم الجواز وأما العقل فلا ريب أن في ذلك تقولا على اللَّه العليم وهو ظلم في حقّه تعالى المحرّم عقلا مضافا إلى قوله تعالى * ( ولَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنا بَعْضَ الأَقاوِيلِ لأَخَذْنا مِنْه بِالْيَمِينِ ثُمَّ لَقَطَعْنا مِنْه الْوَتِينَ ) * ومرّ ذلك مفصّلا على وجه لا مزيد عليه في مباحث الظن مع أن دعوى اختصاص تلك النواهي يوجب هدم أساس الأخباريين فإنهم هم الذين يعتمدون على هذه العمومات عند إثبات كل مجهول ولو كان بينهما بعد المشرقين كما هو ظاهر على من تدبّر كلماتهم في مطاويها وأفسد من ذلك ما قاله المحقق القمي رحمه الله من أن الاستدلال بحرمة العمل بالظن استدلال بالظن فمعنى قولنا الأصل حرمة العمل بالظن لا ظن المجتهد الحي إنا نظن حرمة العمل بالظن فإذا حصل الظن للمقلد بأن ما قاله الميت هو حكم اللَّه فكيف يقول إني أظن أنه ليس حكم اللَّه فإن بعد الغض عما زعمه من أن ظواهر الكتاب غير معلوم جواز العمل بها إلا من حيث اندراجها تحت مطلق الظن فإن ذلك قد فرغنا عن إبطاله في مباحث الظن إن دليل ذلك الأصل لا ينحصر في الكتاب في آية منها بل وذلك يستفاد من الكتاب علما بواسطة تعاضد الظواهر بل الأخبار في ذلك متواترة حتى إن بعض المتأخرين قد تصدى بجمعها وقيل إنها خمسمائة رواية والضرورة الدينية أيضا قد ادّعوها كالضرورة العقلية مع أن كلامه يناقض ما أفاده في بعض إفاداته من أنه لا منافاة بين حصول الظن مع الظن بعدم جواز العمل به فلا منافاة بين حصول الظن من قول الميت مع الظن بعدم جواز العمل بهذا الظن كما عرفت فيما أفاده في الجواب عن الإجماع المنقول على عدم الجواز وأما المنع من انعقاد الإجماع على جواز التقليد فهو مما لا يسمع منه بعد ما ترى من إطباق الخلف والسلف على ذلك على وجه لا يستراب فيه المنصف وأما عدم تداولها بين أصحاب الأئمة عليهم السلام فهو أفسد من سابقه لما اعترف به من إطلاق الأمر بالرجوع إلى أصحاب الأئمة عليهم السلام وإن كان دعوى الإطلاق فيها بعيدا عن الإنصاف لظهورها في الحياة كما عرفت فقوله لكن تخصيص الحي وإخراج الميت يحتاج إلى دليل مدخول بأن ذلك على تقدير الإطلاق وليس في الأدلة الخاصة والعامة بأسرها دلالة على التقليد التعبدي فكيف بإطلاقها للميت وأما ما أفاده من التفصيل فهو ذهاب إلى ما ذهب إليه الظاهريّون ورجوع عما أسّسه العلماء الإلهيون وهدم لبنيان الاجتهاد والفتوى كما نبّهنا عليه
267
نام کتاب : مطارح الأنظار نویسنده : الشيخ الأنصاري جلد : 1 صفحه : 267