نام کتاب : مطارح الأنظار نویسنده : الشيخ الأنصاري جلد : 1 صفحه : 266
رجل أن عمر بن حنظلة قد أتانا فقال عليه السلام إذا لا يكذب علينا وذلك دليل على أن تقليد الأموات من شعار المجتهدين أيضا فكيف بالمقلدين إلى غير ذلك مما يفيد إطباقهم على الأخذ بأقوال الأموات والجواب أن دعوى الإجماع على هذه المسألة التي قد نقل غير واحد من الأساطين المهرة عدم الخلاف فيها ليس إلا اجتراء على اللَّه وافتراء على أمنائه فعهدتها على مدعيها وأما الأمور التي يقفها المدعي فهي مما لا يزيح علة ولا ينفع في غلة وإنما هي كسراب بقيعة يحسبه الظمآن ماء فإذا قربت منها تراها موقدة لنار الغلة ومزيدة للداء والعلَّة أما الأول فلأن الإجماع على طريقة الحدس غير متوقف على الاجتماع وعلى طريقة اللطف والبرهان فهو موقوف على الاجتماع أما في عصر واحد فلا حاجة أيضا إلى الاتفاق في جميع الأعصار وأما في جميع الأعصار فلا بد من عدم الخلاف في جميعها لصدق الاجتماع وذلك إنما هو لأجل تحصيل الاتفاق ولا ربط له بشيء من التقليد وذلك ظاهر لمن له عين البصارة فضلا من البصيرة وأما الثاني فلأن فائدة تدوين الكتب لا تنحصر في التقليد بل منها يعرف مواقع الإجماع وكيفيات الاستنباطات وأطوار الاستدلالات وأنواع الاستخراجات من الأدلة وإشارات الأخبار والالتفات إلى الأسرار نعم من لم يذق حلاوة التحقيق وما شم من رائحة التدقيق يعتقد أن مثل هؤلاء الأجلة الذين لهم القدح المعلى من قداح الفضل كان بعضهم يقلد بعضا وإنما هو قياس غير جائز ولنعم ما قيل كار پاكان را قياس از خود مگير كيف وهم صرحوا في كتبهم الأصولية والفروعية بعدم جواز التقليد على ما عرفت فيما تقدم وأما الثالث فلأن الموافقة في الرأي والدليل ليس تقليدا وأمّا قولهم وتبعه في ذلك غيره فلا دلالة فيه على التقليد كما لا يظن ذلك ذو مسكة بل المراد أنه وافقه في ذلك ولفظة المتابعة إنما هو بواسطة تقدم زماني بينهما وأين ذلك من التقليد ومن هذا القبيل حال أتباع الشيخ والسيّد وغيرهما ولعمري إنها حكاية معجبة مضحكة كيف زعموا في حق الفحول وأما الرابع والخامس فلأن الاعتماد على الروايات المنقولة أو الجرح والتعديل ليس تقليدا كما هو ظاهر أما الأول فلأن الاعتماد على النقل فيما لا يظهر لنا خلافه من العدل والثقة لا ارتباط له بالتقليد وأما احتمال الإرسال والقطع والإضمار وغيرها مما لا يعقل مدخليته فيما نحن بصدده كما ذكره المستدل وأما الثاني فقد أشرنا في الاعتراض على الفاضل التوني حيث حاول نقض دليل المحقق الثاني إليه وتوضيحه أن الاعتماد على الجرح والتعديل إما أن يكون وجه التوهم فيه أنه اعتماد على اعتقاد المعدّل والمجروح فيما يصير سببا لهما عنده فلو اعتقد أحد خمرية مائع وشرب بقصد أنه الخمر يحكم بفسقه بحسب اعتقاده أو اعتقد حرمة الماء فشربه فإنه يحكم بفسقه وذلك اعتماد على اعتقاده بعد موته وهو يوجب تقليد الأموات بل ولو كانوا فسّاقا وهل هذا إلَّا عار وشنار وإما أن يكون وجه التوهم فيه أنه اعتماد على الشهادة بعد موته مع أن الموت لو كان مسقطا لقوله لم يكن وجه لاعتبار الشهادة وإما أن يكون وجه التوهم أن العدالة والفسق موقوفتان على مسائل اجتهادية كعدد الكبائر أو معناها ومعنى العدالة وكل ذلك من الأمور المختلف فيها وذلك معلوم قطعا فتارة يكون واحد عند بعضهم فاسقا بواسطة ارتكابه ما هو كبيرة عنده دون غيره وتارة يكون عدلا بواسطة اعتقاده أن العدالة عبارة عن حسن الظاهر إلى غير ذلك فالاعتماد على الجرح والتعديل من هؤلاء المختلفين في المسألة يوجب تقليدهم فيما اعتقدوا بل ويوجب ذلك مع عدم علمهم بفتواهم وأنت خبير بأن شيئا من ذلك مما لا يقبل التفوه به أما الأول فلأن مداره ليس على الواقع وإنما هو منوط باعتقاده وما يحكم به من الأمور المترتبة على ذلك ليس مربوطا بالتقليد كما لا يكاد يخفى على أوائل العقول وأما الثاني فلأن المناط في الشهادة هو القول الموجود بعد الموت أيضا إذ حدوثه يكفي عن بقائه في الأزمنة المتأخرة وأما الثالث فهو مبني على حمل العبارة الواقعة من المعدل والجارح على الواقع أو على معتقده فعلى الأول يعتمد عليه من هذه الجهة وعلى الثاني فالموافق له في الاعتقاد ربما يوافقه والمخالف له لا يوافقه ولعل إطباقهم على عدم الفحص عن حال المعدل ورأيه إنما هو دليل على حمل العبارة الواقعة في مقام التعديل والجرح على الواقع فلا وجه لحسبان أمثال ذلك دليلا على المطلوب على أن ذلك يوجب التعويل على قول الفاسق على الأول كما أشرنا إليه والاعتماد على ما ليس معلوما على الثاني وهل هذا إلَّا بهت وأما استفادة التوثيق من الأمور الاجتهادية فلا نسلم أنهم يعولون عليه من دون مراجعة إلى ما هو السبب في ذلك بعد علمهم بأن التوثيق إنما نشأ من الاجتهاد كما يظهر من حال عمر بن حنظلة فإن جماعة من الأصحاب أنكروا على الشهيد في توثيقه المستفاد من الخبر ونحن أيضا قد اعتمدنا على ما ذهب إليه الشهيد لاعتقاد الدلالة في الرواية ثم إنه بقي الكلام فيما ذكره الشريف الجزائري في منبع الحياة من أن كتب الفقه شرح لكتب الحديث كما ذكرناه في صدر الباب ولقد أجاد المولى البهبهاني في فوائده فيما أورد عليه بقوله أولا ما تقول لو لم يكن كتب الفقه موجودة أو كانت موجودة لكن لم يوجد من يفهم كتبهم إذ فهم كتبهم على وجه الصحة والإصابة لا يتحقق للفضلاء فضلا عن العوام على أن الذي يفهمها لا يكاد أن يعثر على خلافاتهم مثل أن الماء القليل ينجس بالملاقاة وأن الكرّ ما ذا وهكذا إلى آخر كتبهم إذ لا يكاد يتحقق مسألة وفاقية لا تكون من ضروري الذين أو ضروري المذهب والضروري لا تقليد فيه أو تكون من غير الضروري لكن تنفع المقلد من حيث عدم ارتباطها في مقام العمل بالمسائل الخلافية أو جلها لا يتم العمل إلَّا بضميمة الخلافيات مع أن الأخباريين يمنعون عن العمل بفتاوي المجتهدين مطلقا والمجتهدين بالعكس
266
نام کتاب : مطارح الأنظار نویسنده : الشيخ الأنصاري جلد : 1 صفحه : 266