نام کتاب : مطارح الأنظار نویسنده : الشيخ الأنصاري جلد : 1 صفحه : 263
كذبا فالعدالة معتبرة فيه من هذه الجهة وأما السّنة فما يمكن استئناس بها على المدعى صنفان الأول الأخبار الخاصة الواردة في مقامات خاصّة مثل ما دل على الأمر بالرجوع إلى زرارة بقوله إذا أردت حديثا فعليك بهذا الجالس مشيرا إلى زرارة وقوله صلى ا لله عليه وآله حين ما سئل ابن أبي يعفور عمن يرجع إليه إذا احتاج أو سئل عن مسألة فما يمنعك عن الثقفي يعني محمد بن مسلم وقوله للعقرقوفي عليك بالأسدي يعني أبا بصير وقوله لعلي بن مسيب عليك بزكريا بن آدم المأمون على الدين والدنيا وقوله لما قال له عبد العزيز بن المهدي ربما أحتاج ولست في كل وقت ألقاك أ فيونس بن عبد الرحمن ثقة آخذ عنه معالم ديني فقال نعم وفيه دلالة واضحة على أن قبول قول الثقة مفروغ عنه وإنما السّائل سأل عن الصغرى وفي الكافي عن أحمد بن إسحاق قال سألت أبا الحسن عليه السلام وقلت له من أعامل أو عمن آخذ وقول من أقبل فقال له العمري ثقة فما أدى إليك عني فعني يؤدي وما قال لك عني فعني يقول فاسمع وأطع فإنه الثقة المأمون وقال الصادق عليه السلام لأبان بن تغلب اجلس في مسجد المدينة وأفت الناس فإني أحب أن يرى في شيعتي مثلك وقوله ائت أبان بن تغلب فإنه قد سمع مني حديثا كثيرا وجه الدلالة في هذه الأخبار أن بعضها مختصة بالفتوى وبعضها شاملة للرواية أيضا فيكون هذه الروايات أدلة على التقليد وبإطلاقها تدل على جواز تقليد الميت أيضا والجواب أن قضية الإنصاف عدم دلالة جملة من هذه الأخبار على قبول قول المفتي وعلى تقدير الدلالة فلا دلالة فيها على قبول قول الميت وفتواه أ ترى أن الأمر بالرجوع إلى أبان مع كونه حيا يدل على أن الميت مما يمكن الرجوع إليه وعلى تقدير الدلالة فلا دلالة فيها على ما هو المطلوب في زماننا فإن جواز الرجوع إلى الأموات فيما إذا كانوا مثل هؤلاء الأجلاء الذين يكون فتاويهم بمنزلة رواياتهم كما يستفاد من قول الشيخ أبي القاسم العمري في كتب الشلمغاني أقول فيها ما قاله العسكري عليه السلام في كتب بني فضال فإنه ينادي بأن فتاويهم إنما هي متون الروايات فلا عبرة بقياس حال غيرهم بهم وأما الثاني فهي الأخبار العامة وهي كثيرة منها ما يدل على وجوب قبول الحكم عند الترافع مثل رواية عمر بن حنظلة الواردة في الترجيحات انظروا إلى من كان منكم قد روى حديثنا ونظر في حلالنا وحرامنا وعرف أحكامنا فارضوا به حاكما فإذا حكم بحكمنا فلم يقبل منه فإنه بحكم اللَّه استخف الحديث ومثل مشهورة أبي خديجة انظروا إلى رجل يعرف شيئا من قضايانا فاجعلوه بينكم حكما ودلالتهما على التقليد إما من الأولوية كما قيل وإما لعدم القول بالفصل وإما بواسطة أن رفع الخصومة المترتب على القضاء فيكون موقوفا على قبول فتواه ويتم بالإجماع المركب ومنها ما يدل على وجوب الرجوع إليهم الشامل للرواية والفتوى بإطلاقه مثل قول الحجة عجل اللَّه فرجه على ما رواه المشايخ الثلاثة في الغيبة وإكمال الدين والاحتجاج في التوقيع الشريف لإسحاق بن يعقوب وأما الحوادث الواقعة فارجعوا فيها إلى رواة أحاديثنا فإنهم حجتي عليكم وأنا حجة اللَّه وجه الدلالة أنه عليه السلام أمر بالرجوع إلى رواة الأحاديث وهو بإطلاقه شامل للرواية والفتوى وعلى التنزل فقوله عليه السلام فإنهم حجتي عليكم يوجب ذلك لأن الحجة يقبل قوله وفتواه أيضا وهو دليل على اعتبار قوله بعد موته أيضا فإن الحجة قوله معتبر مطلقا ويؤيده قوله وأنا حجة اللَّه فإن ذلك يفيد أن حجية من جعله حجة إنما هو من قبيل حجية نفسه عليه السلام الموجب لاعتبار قولهم بعد موتهم أيضا ومنها ما هو صريح في جواز التقليد كرواية الاحتجاج عن تفسير الإمام عليه السلام في قوله تعالى * ( ومِنْهُمْ أُمِّيُّونَ لا يَعْلَمُونَ الْكِتابَ ) * والرواية طويلة لا بأس بإيرادها وهو أنه قال رجل للصادق عليه السلام فإذا كان هؤلاء القوم من اليهود والنصارى لا يعرفون الكتاب إلا بما يسمعون من علمائهم لا سبيل لهم إلى غيره فكيف ذمهم بتقليدهم والقبول من علمائهم وهل عوام اليهود إلا كعوامنا يقلدون علماءهم فإن لم يجز لأولئك القبول من علمائهم لم يجز لهؤلاء القبول من علمائهم فقال عليه السلام بين عوامنا وعلمائنا وبين عوام اليهود وعلمائهم فرق من جهة و تسوية من جهة أما من حيث استووا فإن اللَّه تعالى ذم عوامنا بتقليدهم علماءهم كما ذم عوامهم بتقليدهم علماءهم وأما من حيث افترقوا فلا قال بين لي يا بن رسول اللَّه قال عليه السلام إن عوام اليهود قد عرفوا علماءهم بالكذب الصريح وبأكل الحرام والرشا وتغيير الأحكام من وجهها بالشفاعات والتعصب الشديد الذي يفارقون إليه أديانهم وإنهم إذا تعصّبوا أزالوا حقوق من تعصّبوا عليه وأعطوا ما لا يستحقه من تعصّبوا له من أموال غيرهم وظلموهم وعرفوهم يتعارفون المحرمات واضطروا بمعارف قلوبهم إلى أن فعل ما يفعلونه فهو فاسق لا يجوز أن يصدق على اللَّه ولا على الوسائط بينهم وبين الله فلذلك ذمهم لما قلدوا من عرفوا ومن علموا أنه لا يجوز قبول خبره ولا تصديقه ولا العمل فيما يؤديه إليهم عمن لم يشاهده ووجب عليهم النظر بأنفسهم في أمر رسول اللَّه صلى ا لله عليه وآله إذ كانت دلائله أوضح من أن تخفى وأشهر من أن لا يظهر لهم ولذلك عوام أمتنا إذا عرفوا من فقهائهم الفسق الظاهر والعصبية الشديدة والتكالب على حلال الدنيا وحرامها وإهلاك من يتعصبون عليه وإن كان لإصلاح أمره مستحقا وبالترفرف والإحسان على من تعصّبوا له وإن كان للإذلال والإهانة مستحقا من قلد من عوامنا مثل هؤلاء الفقهاء فهم مثل اليهود الذين ذمّهم اللَّه بالتقليد لفسقة فقهائهم فأما من كان من الفقهاء صائنا لنفسه حافظا لدينه مخالفا على هواه مطيعا لأمره مولاه فللعوام أن يقلدوه وذلك لا يكون إلا بعض فقهاء الشيعة لا جميعهم فأما من ركب من القبائح والفواحش مراكب فسقة فقهاء العامة فلا تقبلوا منه عنا شيئا ولا كرامة وإنما كثروا التخليط فيما بينهم يحمل عنا أهل البيت ليسلك لأن الفسقة يتحملون عنا فيحرّفونه
263
نام کتاب : مطارح الأنظار نویسنده : الشيخ الأنصاري جلد : 1 صفحه : 263