نام کتاب : مطارح الأنظار نویسنده : الشيخ الأنصاري جلد : 1 صفحه : 261
إسم الكتاب : مطارح الأنظار ( عدد الصفحات : 307)
استصحاب وجود الكر المطلق فيما إذا كان مما يترتب عليه حكم كما لو نذر أن يعطي فقيرا درهما لو كان الكر مثلا موجودا قلت نعم إلا أنه يمكن القول بأن الموضوع هو الظن لعدم ترتيب هذه الأحكام على غيره في الشريعة عند انتفائه وهو غير معلوم الوجود وعلى تقدير الوجود فلا عبرة به أيضا لاحتمال مدخلية الحياة فيه وأصالة عدم مدخلية الحياة في الموضوع لا يجدي لأن ذلك لا يشخص أن الموضوع هو الظن المطلق وبعبارة ظاهرة أن عدم جريان الاستصحاب موقوف على عدم العلم ببقاء الموضوع واحتمال ارتفاعه في الواقع وأصالة عدم المدخلية لو كان مفاده في الشرع وجود الموضوع كان مجديا ولكنه لا يترتب على عدم المدخلية وجود الموضوع إلا بواسطة مقدمة عقلية فتأمل في المقام فإن الأمر بمكان من الغموض والخفاء وهذا تمام الكلام في الوجوه العقلية ولهم أيضا بعض الوجوه الأخر إلا أن الإنصاف أن التعرض لها يوجب التعطيل فيما هو الأهم وأمّا الكتاب فالذي يدل منه على مطلوبهم على ما زعموا آيات الأولى قوله تعالى * ( فَلَوْ لا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ ولِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ ) * والتقريب أن الآية تدل على وجوب الحذر بعد الانذار الواجب إما لأن الحذر لا يعقل جوازه بعد وجود المقتضي وعند عدمه لا يحسن وإما لأن وجوب الانذار المفروض في الآية مقدمة للحذر يدل على وجوبه لأن وجوب المقدمة دليل على وجوب ذيها وإما لأن عدم وجوب الحذر على تقدير وجوب الانذار يوجب اللغو نظير ما تمسك في المسالك من قوله تعالى * ( ولا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ ) * على وجوب اتباع قولهن والانذار عبارة عن الإبلاغ مع التخويف وهو كما يصدق في الرواية فكذلك يصدق في الفتوى بل الظاهر أن دلالتها على وجوب قبول الفتوى أظهر من دلالتها على قبول الرواية لأن الحكاية بدون التخويف لا تسمى إنذارا ومع التخويف لا دليل على اعتباره لأن التخويف موقوف على اجتهاد المنذر في الحكاية ولا دليل على لزوم متابعة الراوي إذا لم يكن فهمه في حق المنذر بالفتح حجة بخلاف المفتي فإن اعتقاده حجة في حق المستفتي فلو قال أيها الناس اتقوا اللَّه في شرب الخمر فإنه يترتب عليه المؤاخذة الإلهية فقد حصل التخويف ووجب التخوف والحذر إما لوجود المقتضي وإما لوجوب الانذار وإمّا للزوم اللغو ويتم فيما لا يحصل معه التخوف إما لعدم التخويف أو لغيره بعدم القول بالفصل وبالجملة فالآية ظاهرة في وجوب التفقه ووجوب الانذار وهما يستتبعان وجوب الحذر والقبول على أحد الوجوه الشامل بإطلاقه للرواية والفتوى كما عرفت والانذار كما يصدق في فتوى الحي فكذلك يصدق في فتوى الميت بواسطة التخوف الحاصل من مراجعة ما جعله علامة للتخويف كالرجوع إلى كتابه فإنه يصدق أنه أنذر ولو في زمان حياته وحصل للمقلد التخوف ولو بعد مماته فيجب اتباعه فالآية بإطلاقها تدل على وجوب اتباع فتوى الميت لصدق والانذار وإن أبيت عن ذلك فنقول لو فرضنا أن المجتهد قد أنذر في حال حياته ولم يتبعه المقلد عصيانا ثم بدا له بعد موته اتباعه فهل ترى عدم صدق الانذار في مثله وليس ذلك من التقليد الاستمراري بل هو تقليد بدوي إذ المفروض عدم الأخذ بالفتوى في حال الحياة وعدم العمل أيضا فإن قلت إن الآية ظاهرة في النفر إلى الجهاد كما يشهد به الآيات التي قبلها وبعدها فلا يدل على وجوب التفقه والانذار نعم ربما يترتب على النفر التفقه من ملاحظة آثار رحمة اللَّه على أوليائه وظهورهم على أعدائه وغير ذلك ولا دليل على وجوب ما يترتب على الفعل إذا لم يؤخذ الفعل الواجب مقدمة له بل كان الترتب اتفاقيا كما هو ظاهر قلت إن سوق الآية في آيات الجهاد لا ينافي ظهورها في وجوب التفقه والانذار الموقوف عليه الاستدلال مع ورود الأخبار الدالة على إرادة وجوب التفقه من الآية كما يستفاد من استدلال الإمام عليه السلام به كرواية الفضل عن الرضا عليه السلام قال إنما أمروا بالحج لعلة الوفادة إلى اللَّه وطلب الزيادة إلى أن قال ونقل أخبار الأئمة إلى كل صقع وناحية كما قال عز وجل * ( فَلَوْ لا نَفَرَ ) * الآية ولا يخفى أن اختصاص الأخبار بالذكر لا يدل على اختصاص الآية بالرواية دون الفتوى فلا ينافي ما هو مناط الاستدلال من دعوى الإطلاق والاستدلال بالآية في بعض الروايات على وجوب تحصيل معرفة الإمام بعد موت الإمام السابق لا يدل على اختصاصه بمثله حتى لا يشمل ما نحن فيه وهو ظاهر جدا هذا غاية ما يمكن الانتصار للمستدل بالآية ومع ذلك فلا دلالة فيها على المطلوب وتوضيح المقام بعد تمهيد وهو أن اعتبار التقليد يحتمل أن يكون من وجهين أحدهما اعتباره من حيث إنه طريق إلى الواقع وإن قول العالم هو المرجع للجاهل فإنه يكون طريقا لما هو المطلوب في الأمور الغير المعلومة مثل رجوع الجاهل بصناعة إلى أهل تلك الصّناعة في استعلام ما يتعلق به غرضه منها الثاني أن يكون معتبرا من حيث إنه حكم ظاهري تعبد به المولى وإن لم يحصل منه العلم ولا ينافي ذلك كون الحكمة في جعله طريقا هو كونه طريقا ظنيا في العرف والعادة فيكون من الظنون النوعية أي الأمارات التي لا تدور مدار حصول الظن الفعلي منها وإن كان الوجه في جعله إفادته ذلك في الأغلب ولا ريب أن هذين الوجهين مختلفان فالكلام المسوق لبيان أحدهما يغاير سوق الآخر فإن الأول غير محتاج إلى جعل وحكم سوى الإخبار عما هو ثابت في الواقع بخلاف الثاني فإنه لا بد فيه من إنشاء حكم ظاهري في موارد تلك الأمارة ولعل ذلك غير خفي على الفطن فإن أريد من التمسك بالآية إثبات الوجه الأول فهو حسن فإن في الآية دلالة على تقرير ما عليه العقلاء في استكشاف مطالبهم من الأمارة المفيدة لها إذ لا يستفاد من الآية إلا مطلوبية الحذر عقيب الانذار في الجملة وأما وجوب البناء على الانذار فهو مبني على ما هو المناط فيه عندهم من حصول المنذر فيه أو ما هو يقوم مقامه عندهم كالظن المتاخم بالعلم على وجه لا يعتنى باحتمال خلافه في وجه ولذا صح ذلك فيما يطلب فيه العلم فلا يكون
261
نام کتاب : مطارح الأنظار نویسنده : الشيخ الأنصاري جلد : 1 صفحه : 261