نام کتاب : مطارح الأنظار نویسنده : الشيخ الأنصاري جلد : 1 صفحه : 257
تقليد الأحياء في الغالب إذ قل ما يتفق أن يعلم بالأعلمية في الأحياء حتى بالنسبة إلى الأموات فالإجماع على وجوب تقليد الأعلم في الأحياء دليل على أن الأموات لا عبرة بأقوالهم قال الشهيد في رسالته المعمولة في المسألة لو صح جواز تقليد الميت يلزم من ذلك التزام شنيع وهو أنه يتعين الرجوع حينئذ إلى الأعلم من الأحياء والأموات عملا بما قررناه من القاعدة فلو فرض مجتهد حي يعلم قصور رتبته عن بعض من سلف من الفقهاء الأموات ولكن ليس في العصر سواه أو فيه غيره ولكنه أعلم الأحياء يلزم على هذا عدم جواز الرجوع إليه والأخذ بقوله لوجوب تقليد الأعلم والفرض أن بعض الأموات أعلم منه وأن قولهم معتبر وهذا خلاف الإجماع لا يقال هذا الفرض منفي بالإجماع على خلافه فبقي الكلام فيما لا إجماع فيه عليه فإن مثل ذلك كاف في تخصيص العام والتمسك بما عدا المخرج بالدليل لأنا نقول هذا باطل محال لزم من جواز تقليد الميت من حيث اتفق أو على وجه مخصوص وكل حكم لزم منه فهو محال فيكون جواز تقليد الميت على ذلك الوجه محالا وبه يتم المطلوب أقول لمانع أن يمنع لزوم ذلك من تقليد الميت فلعله ناش من لزوم تقليد الأعلم إلا أنه خلاف الإنصاف لأن وجوب تقليد الأعلم عندهم مفروغ عنه فالإجماع المحكي على وجوب تقليد الأعلم لا بد من تخصيصه بالأحياء على وجه يظهر منه عدم الاعتداد بتقليد الأموات فيكون هذا الإجماع مثل الإجماعات المنقولة على عدم جواز تقليد الميت إلا أنهما مختلفان بالصراحة والظهور السادس ما تمسك به المحقق المذكور أيضا من أن المجتهد إذا تغير اجتهاده وجب العمل بالآخر ولا يعلم الأخير في الميت وفيه أنه إن أريد أنه لا يمكن العلم بالتقديم والتأخير في الميت على وجه الإطلاق فهو غير سديد ضرورة إمكان العلم بذلك في كثير من الموارد كما أنه إذا علم تأخير تأليف الكتاب الموجود فيه الفتوى ونحوه وإن أريد أنه قد لا يمكن ذلك فهو لا ينهض مانعا من التقليد فإن الحي قد لا يمكن العلم بذلك في فتواه أيضا وطريق الحل فيهما واحد وهو عند عدم إمكان العلم أو ما يقوم مقامه بالتعيين إما أن يكون متمكنا من الرجوع إلى فتوى لا معارض لها من ذلك المفتي فلا بد من الرجوع إليه وإلا كان مخيرا بحكم العقل ومنه يظهر الجواب عما أورده الشهيد الثاني رحمه الله من أن كثيرا من الفتاوي المنقولة من الكتب غير مستند إلى أحد من المجتهدين فلعل المفتي بها ليس مجتهدا فإن انحصار المانع في أمثال هذه المواقع دليل على الجواز على تقدير تسليم وجودها مع أن الظاهر أن أحدا من أرباب الكتب المتداولة لا ينسبون القول إلى من ليس مجتهدا لا يقال إن تعيين المفتي من الشروط لأنا نقول لا دليل على ذلك كما يبين في محله ثم إنهم قد ذكروا وجوها أخر كلها مزيّفة والعمدة في المقام هو الوجهان المقدمان وهو الهادي إلى سبيل الرشاد هداية في ذكر احتجاج المجوزين وهي كثيرة لا تحصى أقواها أمور منها العقل والكتاب والسنة والإجماع أما الأول فتقريره من وجوه أحدها ما عول إليه المحقق القمي رحمه الله ومحصّله أن رجوع العامي إلى المجتهد ليس تعبّدا كما يومي إليه تعليلهم في وجوب الأخذ بالأعلم بأن الظن في طرفه أقوى مضافا إلى أنه لا دليل على التعبد أما السيرة والإجماع فلا جدوى فيهما أما الأولى فلأن السلف المعاصرين للإمام كان باب العلم في حقهم مفتوحا وعملهم إنما هو بعلمهم وأما الإجماع فهو موهون بذهاب فقهاء حلب على وجوب الاجتهاد عينا وإنكار جملة من أصحابنا الأخباريين للتقليد مما لا يقبل الإنكار فأين الإجماع بل التقليد اعتباره في حق العامي إنما هو بواسطة الظن الثابت اعتباره بعد الانسداد على وجه العموم والكلية بالبرهان العقلي ولا فرق بين الظن الحاصل من قول الحي وغيره كما هو قضية ضرورة العقل فمناط العمل بقول الحيّ موجود في قول الميت بل ربما يكون الظن الحاصل من قول الميت أقوى وبالجملة فلا فرق بين المجتهد والمقلد في جواز العمل بالظن فإن المسوغ للمجتهد هو موجود بعينه في حق المقلد فلو دار أمره في الفروع بين حي وميت وحصل له الرجحان في أن متابعة ذلك الميت أقرب إلى حكم اللَّه يجب اتباعه بل وكيف يجوز للعالم الذي لا يجوز ذلك منعه عنه إذا لم يحصل من قوله الظن بعدم الجواز وعلى تقدير حصوله فلا يوجب ارتفاع الظن في المسألة الفرعية فيدور الأمر بينهما ومن هنا يظهر أنه لا وجه للقول بأن الإجماع المنقول والشهرة المحققة كل منهما أمارة ظنية على عدم جواز الاعتماد على الميت في الفروع إذ بعد تسليم إمكان انعقاد الإجماع في مثل هذه المسألة التي لم تكن متداولة في زمان المعصوم وإفادة المنقول منه كالشهرة الظن لا ترجيح لهذا الظن بالنسبة إلى الظن الحاصل في المسألة الفرعية لو لم نقل بأن الظن بالواقع أقوى لأن المقصود هو الوصول إلى الواقع أقول فيه وجوه من النظر أمّا أولا فلأن منع السيرة استنادا إلى انفتاح باب العلم في حق الموجودين في زمان الأئمة عليهم السلام مما لا يصغي إليه فإنه إن أراد من الانفتاح إمكان الوصول لهم إلى الأحكام الواقعية علما فهو مما لا سبيل إلى إثباته بل المنصف يقطع بخلافه ضرورة وإن أراد ما هو الأعم من العلم ومن الأمارة المعلومة الاعتبار فهو حق لكنه ينهدم معه بنيان الكلام إذ ليست تلك الأمارة إلا قول العالم للجاهل وفتواه في غير مورد الرواية المنقولة لفظا ومعنى وأما منع الإجماع بخلاف الحلبيين والأخباريين فليس في محله لانقطاع الأول وقد عرفت أن إنكار الأخباري إنما هو بواسطة حسبانه أن الفتوى أمر مغاير لما هو جائز عنده ولذلك لو لم يكن الفتوى مبنية على الإنظار الدقيقة التي ما جعل اللَّه لهم في ذلك حظا ونصيبا لا نراهم مانعين منه وبالجملة فجواز تقليد العامي في الجملة معلوم بالضرورة للعامي وغيره وليس علم العامي بوجوب الصلاة في الجملة أوضح من علمه بوجوب التقليد مع اتحاد طريقهما في حصول العلم من مسيس الحاجة وتوفر
257
نام کتاب : مطارح الأنظار نویسنده : الشيخ الأنصاري جلد : 1 صفحه : 257