نام کتاب : مطارح الأنظار نویسنده : الشيخ الأنصاري جلد : 1 صفحه : 252
هداية اختلفت كلمات أرباب النظر في اشتراط الحياة في المفتي فالمعروف بين أصحابنا الاشتراط والمنسوب إلى العامة عدمه بل صرح في المنهاج بإجماعهم عليه حيث قال جواز تقليد الميت إجماعي في عصرنا وهو خيرة الأخباريين من أصحابنا ومنهم أمينهم الأسترآبادي والمحدث الكاشاني في محكي السفينة وفي مفاتيحه ظاهر أو السيّد الجزائري ووافقهم المحقق القمي من المجتهدين وذهب بعضهم إلى عدمه مع عدم المجتهد الحي نقله فخر المحققين عن والده واستبعده وحمل كلامه على محل آخر وهو المحكي عن الأردبيلي والشيخ سليمان البحراني والشيخ علي بن هلال قلت ولعله ليس تفصيلا في المقام فإن الكلام على ما ستعرف إنما هو في الجواز عند التمكن من استعلام حال الواقعة من الحي وأما عند عدمه فلبيان الحكم فيه محل آخر كما لو انقرض الاجتهاد العياذ باللَّه وذهب الفاضل التوني إلى عدم الاشتراط فيما إذا كان المفتي ممن علم من حاله أنه لا يفتي إلا بمنطوقات الأدلة كالصدوقين ومن شابههما من القدماء فإنه يجوز الأخذ بفتاويهم حيّا وميتا وأما إذا كان ممن يعمل بالأفراد الخفية للعمومات واللوازم الغير الظاهرة للملزومات فلا يجوز تقليده حيا وميتا وهو أيضا ليس من التفصيل في هذه المسألة وإنما ذلك يعدّ تفصيلا في أصل التقليد فالأولى عدّ الفاضل في عداد نظرائه من الأخباريين ونقل السيّد صدر الدين في محكم شرح الوافية عن بعض معاصريه التفصيل بين البدوي والاستمراري فلم يقل بالاشتراط في الثاني وقال به في الأول والمختار ما هو المعروف بين الأصحاب وقبل الخوض في المطلب ينبغي رسم مقدمة وهي أنه لا إشكال في اختلاف الفتوى والرواية في الأحكام واللوازم المترتبة عليهما أما الرواية المنقولة لفظا فمغايرتها واختلافها للفتوى أمر لا يكاد يستر فيه العاقل فضلا عن الفاضل وأما المنقولة معنى فهي وإن كانت مفاد اللفظ الصادر عن الإمام عليه السلام لكنه بشرط العلم أو الظن المعتبر بمساواة الألفاظ في الأصل والمنقول في الإفادة ولا يجوز التعويل في النقل على أمر قد اعتقده اجتهادا والملحوظ فيه إنما هو بيان المراد من حديث واحد إلى غير ذلك وأما الفتوى فهي عبارة عن الإخبار بأحكام اللَّه بحسب الاعتقاد ومنشأ الاعتقاد إنما يكون الخبر تارة وغيره تارة أخرى فيجوز الفتوى عند توقفها على إعمال الظنون الاجتهادية في الأحاديث الواصلة إلى المجتهد والأخذ بمجامعها وحمل بعضها على بعض إلى غير ذلك من الاختلافات التي يطلع بها الخبير المتتبع بين الفتوى والنقل للرواية معنى ومن هنا منع من الفتوى بعض من لم يمنع من الرواية معنى بل لعل النقل بالمعنى مما لم يقل بالمنع منه أحد من أصحابنا فإن المخالف في هذه المسألة أبو بكر الرازي وأتباعه بخلاف الفتوى فإن الأخبارية بأجمعهم على المنع من الإفتاء فإنه فرع الاجتهاد وهم ليسوا من أصحاب الاجتهاد كما هو المعروف من طريقهم وكلمات جملة منهم ممن اطلعنا عليها صريحة فيما ذكرنا فما يجوز عندهم من الفتوى عبارة عن نقل الحديث بالمعنى وما ليس كذلك فلا يجوّزونه ويلحقونه بالقول بالقياس والاستحسان ويعتقدون أن أرباب الفتاوي بالمعنى الذي ذكرنا خرجوا بذلك عما هو المأخوذ عن الأئمة الأطهار وزعموا أنهم في ذلك تبعوا العامة في العمل بالرأي والاجتهاد المنهي عنه والاستحسان وليس المقام محل إبطال ذلك الزعم وإنما المقصود أنهم لما أرادوا الفرق بين الفتوى والنقل اعتقدوا فساد الأول زعما منهم أنها داخلة في المنهي عنه والكلام في المقام إنما هو في جواز التقليد بعد الموت في هذه الفتاوي التي لا يقول الأخباري بها حال الحياة أيضا مما هي موقوفة على إعمال الاعتقادات في تشخيص مداليل الأدلة ولا كلام لنا في الأخبار المنقولة بالمعنى على وجه لا يختلف الأصل والمنقول إلا في العبارة كما في الترجمة بالفارسية من مراعاة العموم والخصوص والإطلاق والتقييد فإنه لا يجوز نقل المطلق بالمقيد وإن ظن الناقل أن المراد منه المقيد فإن ذلك الظن منه اجتهاد لا يكون حجة إلا له ومن هنا يظهر أن خلاف الأخباريين كما نقلناه ليس واردا في هذا المقام على ما عرفت من كلام التوني أيضا قال السيّد الجزائري في مقام الاستدلال على ما ذهب إليه من عدم الاشتراط إن كتب الفقه شرح لكتب الحديث ومن فوائدها تقريب معاني الأخبار إلى أفهام الناس لأن فيها العام والخاص والمجمل والمبين إلى غير ذلك وليس كل أحد يقدر على بيان هذه الأمور من مفادها فالمجتهدون بذلوا جهدهم في بيان ما يحتاج إلى البيان وو ترتيبه على أحسن النظام والاختلاف بينهم مستند إلى اختلاف الأخبار أو فهم معانيها من الألفاظ المحتملة حتى لو نقلت تلك الأخبار لكانت موجبة للاختلاف كما ترى الاختلاف الوارد بين المحدثين مع أن علمهم مقصور على الأخبار المنقولة وبالجملة فلا نفرق بين التصنيف في الفقه والتأليف في الحديث انتهى ويظهر منه أن تجويزهم لذلك ليس إلا من جهة أن الفتوى عندهم هي الرواية المنقولة بالمعنى على وجه لو اعتقد اختلافهما ما كان يقول بذلك كما هو ظاهر من مساق كلامه وبالجملة أن المجتهدين قد خالف طريقتهم طريقة الأخباريين في العمل بالظنون الاجتهادية التي هي منتهية إلى القطع والأخباريون لا يعتقدون العمل بالظنون وإن كان عملهم على خلاف معتقدهم فيتخيّلون أن الفتوى عبارة عن الرواية المنقولة فحسبوا جواز الاعتماد عليها بعد الموت وقبله كالرواية بخلاف المجتهدين فإنهم يعتقدون الاختلاف بين الرواية والفتوى بما عرفت فلا يرون الجواز ومن هنا يظهر أيضا أن لا وجه لاستدلال بعضهم بطريقة السلف فإنهم
252
نام کتاب : مطارح الأنظار نویسنده : الشيخ الأنصاري جلد : 1 صفحه : 252