responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مطارح الأنظار نویسنده : الشيخ الأنصاري    جلد : 1  صفحه : 250


حكم العقل بوجوب دفع الضرر ولو في صورة الشك مما لا يعارضه شيء فأكل الفاكهة وشم الورد وإن اشتمل على أمارة المنفعة وخلا عن أمارة المفسدة إلا أنه ليس عدم الضرر به في الدنيا مقطوعا به والعقل مستقل بوجوب الاجتناب وحيث إنه لا شرع كما هو المأخوذ في عنوان البحث فلا تعارض أيضا ثم إن المراد من قولهم قبل الشرع بعد ما عرفت من أن الكلام في حكم العقل ظاهر يعنون به قبل ملاحظة الشرع فلا حاجة إلى بعض التطويلات الواقعة في كلام جملة منهم في المقام تذنيب قد ذكر المحقق القمي في آخر البحث كلاما طويلا مرجعه إلى أن اعتبار أصالة الإباحة على القول بها في أمثال زماننا الذي قد كشف الشارع الحكيم عن حال جملة من الأشياء المشتملة على أمارة المنفعة الخالية عن أمارة المفسدة كشرب الفقاع واستماع الغناء وأمثال ذلك ظنّي فالقول بحجيتها موقوف على اعتبار الظن واستقلال العقل بحجيته وفرع عليه الحكم بكونها من المستقلات العقلية وعلى ذلك بنى الأمر في الرد على الفاضل التوني والسيد الشارح رضوان اللَّه عليهما حيث حكم الأول بأن النزاع في الملازمة قليل الجدوى بل عديمها إذ ما من مورد لحكم العقل إلا وقد ورد من الشرع فيه آثار كثيرة وأخبار وافرة واستجوده الثاني فزعم أن أصالة حجية كل ظن إنما هي ثمرة من ثمرات مسألة الملازمة إذ بعد إحراز حكم العقل بحجية الظن وتطابق الحكمين كما هو المقصود بالبحث في الملازمة فالظن حجة شرعية وأية ثمرة أعظم منها إذ عليها تدور رحى الفقه من الطهارات إلى الديات واعترض عليه بعض من تأخر عنه بمنع مقدمات الانسداد على ما قرره المورد ولعمري إنه اعتراض بارد ومنع فاسد إذ لا يناط ترتيب الثمرة على صحة المذهب كما لا يخفى بل إن كان ولا بد من الاعتراض فليعترض بأن جماعة منهم السيد علم الهدى والعلامة آية اللَّه نقلوا الإجماع على حجية الظن في مورد الانسداد فلا ثمرة أيضا إلا أنه أيضا بمعزل عن الصواب كما لا يخفى والتحقيق فيه يتوقف على تمهيد مقدمة فيها تتميم لما تقدم أيضا فنقول قد تقدم وجوب دفع الضرر الدنيوي عقلا وقد مر فيه الكلام على وجه يليق بالمقام وأما الضرر الأخروي فلا شك في كونه واجب الدفع أيضا بل العقل حكمه فيه أشد والنقل إبلاغه فيه أبلغ كما قال أمير المؤمنين عليه السلام ألف ألف ضربة من السيف أحسن من الموت على الفراش في مقام الجهاد إلى غير ذلك مما لا يحصى ولا يصلح لمعارضة شيء مع وجوده بخلاف الضرر الدنيوي فإنه مع احتمال العقاب لا يعقل معارضة بشيء آخر إلا أن يرتفع العقاب فلا كلام في أن العقل يستقل بوجوب دفع الضرر سيّما إذا كان أخرويا إلا أن الحكم العقلي في المقام وأمثاله إنما هو مجرد إرشاد وإراءة للمصلحة أو تشريع منه وطلب وجوبي أو ندبي على اختلاف مراتب المصالح والحكم الشرعي المطابق لحكم العقل أيضا هو حكم إرشادي أو حكم تشريعي قد يتوهم كما عن بعضهم أن حكم العقل في أمثال المقام وكذا حكم الشرع حكم تشريعي وليس على ما توهّمه لأن المراد بالإرشاد في الأوامر والنواهي المسوقة لبيانه ليس إلا بيان حقيقة الفعل وآثاره المترتبة عليه من مدح أو ذم ونحوهما من غير أن يكون مفيدا لإيجاب أو استحباب أو تحريم فلا يترتب على مخالفة الأوامر الإرشادية إلا ما يترتب على نفس الفعل من آثاره ولا على إطاعتها إلا ما يترتب عليه في نفسه من دون أن يترتب على الإطاعة والعصيان فيهما ما يترتب عليهما في الأوامر التشريعية من الفوائد المنوطة بهما والعقل في مقام الحكومة لا يزيد حكمه على هذا القدر كما لا يخفى إذ ليس له سلطان المالكية وأما الشرع وإن كان له التشريع إلا أن في بعض الأفعال ما يمنع عنه وبعضها مما لا يقبله كما في الأوامر الواردة في مقام الإطاعة والعصيان كقوله تعالى * ( أَطِيعُوا ا لله وأَطِيعُوا الرَّسُولَ ) * مثلا وفي مقام الاتّقاء عن النار كقوله تعالى * ( فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ والْحِجارَةُ ) * وفي مقام طلب القرب بالنسبة إليه ورفع الدرجة في الجنّة وأمثالها فإن تلك الأمور غايات في الأوامر الشرعية فالأمر بها لا يزيد على إفادة حسنها في نفسها من غير أن يحتاج إلى غاية أخرى فيها وعلى هذا فلا يصلح لأن يكون الأمر المتعلق بها في الشريعة أمرا تشريعيّا وإن أبيت عن ذلك فنقول لو كان الأوامر المترتبة على تلك الأمور وما يقاربها أوامر تشريعية يلزم التسلسل وبطلان التالي كالملازمة أوّلية فلا يترتب على مخالفة النهي عن معصية الرسول إلا ما يترتب على معصية الرسول ولا عصيان في تلك المخالفة لما عرفت من لزوم التسلسل على تقديره فظهر من جميع ما مر أن حكم العقل بوجوب شيء إنما هو مجرد إرشاد منه وحكم الشرع المطابق له قد يكون تشريعيّا كما في كثير من الشرعيات وقد يكون إرشاديا كما في وجوب دفع الضرر الأخروي المنتهي إلى العقاب و ما يماثله وإذا تمهّدت هذه فنقول قد تقدم في مباحث الظن اختلاف مشارب القائلين بالانسداد في كيفية الاستنتاج منه فتارة بالحكومة كما هو مشرب التحقيق وأخرى بالكشف على ما مر تفصيل القول في بيان المراد منهما وعلى التقديرين لا وجه لتفريع مسألة الظن على مسألة الملازمة أما على الأول فلأن حكم العقل تارة في مقدماته كقبح التكليف بما لا يطاق وأخرى في نفس النتيجة وعلى التقديرين لا يتم ما ذكره أما الأول فلأن قبح التكليف راجع إلى فعله تعالى وخروج أفعاله عن مسألة التلازم والتطابق مما لا يدانيه ريبة فإن أفعاله تعالى ليس مما يتعلق به حكم الشرعي وأما الحكم العقلي فيها فليس على ما هو المتراءى منه كما تخيله جهّال الأشاعرة على ما تقرر في محله وأما الثاني فلأن حكم العقل بالعمل بالظن على ما عرفت مرجعه إلى الاحتياط في المظنونات وهو من فروع الإطاعة والعصيان وقد تقرر في المقدمة الممهّدة عدم تعلق حكم شرعيّ بهما فالظن حال الانسداد كالعلم حال الانفتاح فكما أن العلم لا يقبل الجعل فكذا الظن فلا وجه لجريان مسألة التلازم فيه

250

نام کتاب : مطارح الأنظار نویسنده : الشيخ الأنصاري    جلد : 1  صفحه : 250
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست