responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مطارح الأنظار نویسنده : الشيخ الأنصاري    جلد : 1  صفحه : 248


والإرادة فما لم يقصد حصول عنوان لم يحصل على وجه يتصف بالحسن والقبح وإن وقع ما هو القبيح أو الحسن في الواقع كالتأديب المترتب على الضرب فيما لم يكن مقصودا وقتل النبي صلى ا لله عليه وآله المترتب على الصدق إذا لم يكن الصادق مريدا له في صدقه والسر في جميع ذلك هو ما عرفت في المقدمة الممهدة من أن مناط الانقسام إلى الحكمين هو إمكان جعل الأحكام الشأنية وعدم وصولها إلى المكلف فيمكن أن يقال إن للشيء مع قطع النظر عن الجهل حكما ومن حيث هو مجهول حكما آخر بخلاف الأحكام العقلية فإن الشأنية فيها غير معقولة لامتناع ذهول النفس عنها كما لا يخفى الثالث في بيان الأقوال في المسألة فقيل بالإباحة وقيل بالحظر وتوقف الشيخ الأشعري وفسر تارة بعدم الحكم وأخرى بعدم العلم بالحكم قلت إن التفسير الأول يلائم مذهب الأشاعرة بعدم حكم للعقل في أمثال المقام كما عن الحاجبي وأضرابه والتفسير الثاني يلائم كون هذا البحث إحدى مسألتي التنزل والمماشاة كما لا يخفى وإذ قد عرفت هذه الأمور فالمنقول من حجج المبيحين أمور أحدها ما نقله الشيخ في محكي العدة من أن تلك الأفعال منفعة بلا مضرة أما أنها منفعة فبالفرض وأما أنها بلا مضرة لأنها لو كانت فيها مضرة آجلا أو عاجلا لوجب على الحكيم اللطيف نصب أمارة مفيدة للعلم ولا أقل من الظن المفيد للوثوق عليها والمفروض عدمها والجواب عنه على ما نبّه به الشيخ والمحقق الجمال في تعليقاته على العضدي منع لزوم نصب أمارة عليها لم لا يجوز أنه تعالى قد وكلنا على أنفسنا بعد وضوح طريقة العقلاء في الإطاعة والعصيان وهذا الجواب عن الشيخ كما ترى يناقض ما أورده في الإجماع من أن طريق ثبوت الإجماع منحصر في سلوك سبيل اللطف بل هذا هو بعينه ما أورد عليه السيد ومن العجب أن السيد قد احتج للقول بالإباحة بهذه الحجة اللهم إلا أن يوجه بأن اللطف ربما يقول بوجوبه الشيخ على اللَّه بعد ما يقتضي التكليف لا قبل ملاحظة ما يقتضي التكليف إلا أن فيه ما لا يخفى وبالجملة فالسيّد والشيخ متعاكسان في المسألتين بل ربما يعدّ هذا من الشيخ من وجوه التأييد لاعتبار الإجماعات المنقولة في كلامه فتدبر وثانيها أن الأشياء المشتملة على المنفعة لو لم تكن مباحة لزم أن يكون إيجادها عبثا منه تعالى عن ذلك علوا كبيرا وسخافته بحيث لا يخفى على أحد إذ غاية ما يمكن القول به عدم العلم بالفائدة ولا يلزم منه عدم الفائدة وإلا فالفائدة فيها معلومة لمن تدبر وتبصّر وثالثها ما احتج به بعض الأجلة وهو أن ضرورة العقل قاضية بالإباحة في الظاهر عند عدم ما يدل على الخلاف من غير فرق بين المشتمل على المنفعة وغيره لظهور أن التكليف بأقسامه الأربعة مشروط بالعلم والنسيان عقلا وعادة وإذ ليس فليس ولا نعني بالإباحة إلا ذلك وفيه بعد الغض عما أشرنا إليه سابقا في تحرير محل النزاع من انحصار عناوين القوم فيما يشتمل على المنفعة ومن أن الحكم بالإباحة حكم واقعي أنه إن أراد قضاء ضرورة العقل بالإباحة بمعنى عدم الحرج والمؤاخذة فمسلَّم إلَّا أنه لا يجديه لوقوعه في غير محل النزاع كما صرح به العضدي حيث حكم بعدم النزاع في الإباحة بهذا المعنى حتى عند الأشعري وإن أراد الإباحة بمعنى الإذن والترخيص كما قد يقال باستظهاره من نفي الأحكام الأربعة وإثباته ففيه أنه لا نسلم القضاء ضرورة العقل بالإباحة بهذا المعنى وأمّا تخيله من اشتراط التكليف بأقسامه الأربعة بالعلم فهو كذلك إلا أن الإباحة بهذا المعنى أيضا من الأحكام التكليفية ويحتاج إلى العلم عقلا وعادة ولو سلم فانتفاء الأربعة لا يلازم إثبات الإباحة لوجود الواسطة وهو عدم الحكم فإن الأحكام وإن كانت منحصرة في الخمسة إلا أنه لا ينهض دليل على ثبوتها في جميع الأشياء بحسب حكم العقل فتدبر ورابعها ما استند إليه جملة من المتأخرين وهو استقرار طريقة العقلاء بعدم الاجتناب عنها وحكمهم بلحوق المتحرز عنها بأصحاب السوداء والجنون واستحقاق المقتصر في التنفّس على قدر الحاجة للذم عقلا وفيه أن محل بالكلام على ما مر يشمل فيما لو كان المفسدة مشكوكة لأن انتفاء أمارة المفسدة لا ينافي الشك بوجودها ولا نسلم استقرار طريقة العقلاء في محل الشك بالحكم بالإباحة لو لم نقل بأن سجية كل عاقل يحكم بالاجتناب عند الشك لعدم العلم بالإذن عند الشك وأمّا إلحاق المتحرز بأصحاب السوداء والجنون فهو إنما يثمر في إبداء الاحتمال لا العمل بمقتضاه بعد حصول الشك كما قد يمكن الاستشعار من قولهم أصحاب السوداء على ما لا يخفى وبالجملة لا دلالة في الدليل المذكور على الإباحة في جميع الصور بل العقلاء يقتصرون على الظن بالسلامة ولو بتحصيل الظن من بعض السوالف والأمور الغير المعتبرة من التسويلات النفسانية كما هو مشهود من ملاحظة حالهم في أمور معاشهم مثلا لو فرضنا نزول بلية مساوية النسبة في الكل فالنفس يحتال في إخراجها منها لا على وجه يكون مردّدا في الواقع بل في تحصيل الظن بالخروج كما لا يخفى وقد يحتج للقول بالإباحة بأقيسة مشهورة وأمثلة عرفية كالاستظلال بحائط الغير والاستضاءة من نوره وليس على ما ينبغي للقطع بالفرق من حصول الإذن فيها دون غيره كما لا يخفى واحتج القائل بالحظر بوجهين الأول ما مر الإشارة إليه مرارا من أن ارتكاب تلك الأفعال تصرف في ملك الغير بغير إذنه فإن العبد في مقام العبودية لا يملك شيئا حتى نفسه فكيف بغيرها والتصرف في ملك الغير بغير إذنه قبيح فيحرم التصرف فيه والجواب عنه أن قبح التصرف في ملك الغير مطلقا ممنوع بل ما لم يستلزم التضرر للمالك أو في صورة منع المالك وإن لم يستلزم ضررا بالنسبة إلى المالك فإن التصرف في ملك الغير لا يستقل العقل بإدراك حكمه بعنوان نفسه بل من حيث أوله إلى عنوان آخر يستقل العقل بإدراك حكمه كالظلم ونحوه وعند انتفاء التضرر أو عدم المنع لا قبح فيه لعدم رجوعه إلى عنوان قبيح نعم في الصورتين المذكورتين

248

نام کتاب : مطارح الأنظار نویسنده : الشيخ الأنصاري    جلد : 1  صفحه : 248
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست