responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مطارح الأنظار نویسنده : الشيخ الأنصاري    جلد : 1  صفحه : 247


من المستقلات العقلية فنحن لا نقول بأن اختلاف حكم الكلَّي والجزئي لا يجري في دفع الإشكال كيف ولولاه لبطل الاستدلال عن أصله بل نقول بأن مجرد هذا الاختلاف لا يقضي بعدّ الظلم من المفاهيم التي يستقل العقل بإدراك حكمه وما نحن فيه مما لا يستقل العقل بإدراك حكمه بعد جريان الكلام المزبور فيه أيضا كما عرفت الثاني أن ما لا يستقل العقل بإدراك حكمه ضرورة من دون حاجة إلى الوسط في الإثبات هل يستقل بإدراك حكمه بالنظر ومع ملاحظة الدليل والوسط أم لا فمحل النفي هو الإدراك الضروري ومحل الإثبات على تقديره هو الإدراك النظري فلا تناقض وقد يستفاد هذا الجواب من تحرير البعض في عنوان البحث كالعميدي على ما لا يخفى وفيه أيضا ما عرفت من جريانه بعينه فيما يستقل العقل بإدراكه كيف ومرجع هذا الوجه عند التدبر هو الوجه الأول على بعض الوجوه فالعنوان الذي لا يستقل بإدراك حكمه العقل إلَّا بعد ملاحظة الوسط ليس من المستقلات العقلية وإنما الوسط منها ولا معيار في المقام لاختلاف المراتب فربما يكون الشيء بعنوان جزئي منها وربما يكون منها باعتبار صنفه على اختلاف مراتب الأصناف أو باعتبار نوعه أو جنسه السافل إلى أن يصل إلى جنس الأجناس في سلسلة الطول فأكل الفاكهة في المقام بمنزلة الظلم الشخصي في ذلك المقام فكما أن الظلم الشخصي لا يعدّ من المستقلات العقلية إلا باعتبار الاندراج فكذا أكل الفاكهة لا يعدّ منها إلا باعتبار التصرف في مال الغير الذي مرجعه في الحقيقة إلى عنوان الظلم على بعض الوجوه كما لا يخفى الثالث ما أفاده بعض أفاضل المتأخرين طاعنا به على الفاضل القمي حيث استصعب دفع الإشكال وهو أن الحكم في المقام بالنسبة إلى مرحلة الظاهر والجهل بالنسبة إلى مرحلة الواقع والنفي في الواقع لا ينافي الإثبات في الظاهر كما في أصالة البراءة فإن شرب التتن مما لا يستقل العقل بإدراك حكمه الواقعي ويستقل بإدراك حكمه الظاهري من غير تناقض بين الحكمين وفيه أنك قد عرفت فيما تقدم أن حكم العقل بالإباحة عند المبيح وبالحظر عند الحاظر واقعي على ما هو لائح من مطاوي كلماتهم وإن كان باعتبار جهالة حكم موضوعه وتوضيحه وتحقيقه يحتاج إلى رسم مقدمة وهي أنه لا يتصور في الحكم العقلي أن يكون ظاهريا بل كل ما يحكم به العقل فهو حكم واقعي لأن اختلاف الأحكام الشرعية بأن يكون بعضها واقعيا وبعض آخر ظاهريا إنما هو بواسطة إمكان جعل حكم في الواقع وعدم الوصول لمانع إلى المكلف فما هو المجعول واقعا حكم واقعي وما هو المحكوم به في مقام العمل والفتوى حكم ظاهري وهذا كما هو ظاهر يصح فيما لو كان الحاكم غير المكلف وأما فيما إذا كان هو المكلف كما فيما نحن فيه فلا وجه لعدم الوصول حتى يقال بأن المجعول الغير الواصل حكم واقعي والمحكوم به في مقام الجهل بالواقع حكم ظاهري لا يقال قد يكون الفعل قبيحا والعقل من حيث جهله بقبحه مثلا يحكم بجواز ارتكابه وإباحته فمن حيث قبحه واقعا له حكم واقعي ومن حيث الجهل به له حكم ظاهري لأنا نقول الكلام في المقام إنما هو في الحكم التابع للقبح والحسن على ما هو المقرر في المراد منهما في محل النزاع والحسن والقبح بالمعنيين المعهودين لا يلحقان للأفعال الغير الاختيارية اتفاقا من العدلية والأشعرية فالفعل القبيح في الواقع لا يتصف بالقبح إلا بعد العلم به على وجه يصير به اختياريا فهو حال الجهل لا يتحقق قبيحا لأن المفروض عدم العلم بالعنوان القبيح ومع عدمه لا يصح قصده وبدون القصد لا يكون اختياريا فلا يتصف بالقبح في الواقع وإذا تمهّدت هذه المقدمة فنقول إن حكم العقل بقبح التصرف في ملك الغير يقع على وجوه فتارة مع العلم بعدم إذنه ولا ريب في كونه حكما واقعيا غير منوط بالجهل وأخرى مع عدم العلم بإذنه فأما مع إذنه واقعا أو مع عدم الإذن في الواقع والحكم بقبح التصرف في الصورتين أيضا حكم واقعي وإن كان في موضوع الجهل فإن تعريض النفس في معرض الهلاكة عنوان حكم العقل ولا اختلاف فيه في جميع الصور وعدم وقوع الهلاكة في البعض لا يناط بالاختيار فلا يصح القول بكونه فارقا في الصّور الثلاثة وبالجملة فمقتضى القول بالخطر كما هو ظاهر ما تمسك به هو الخطر الواقعي وفي قباله القول بالإباحة سيّما بعد ملاحظة ما أجابوا به عن دليل الحظر من معلومية الإذن هو الإباحة الواقعية فجعل النزاع في الحكم الظاهري في المقام كما في أصالة البراءة ودفع التناقض بأن عدم الاستقلال إنما هو بالنسبة إلى الواقعي والاستقلال إنما هو في مرحلة الظاهر إنما هو تأويل بما لا يرضاه المتنازعون كما لا يخفى على المتأمل فالتحقيق في دفع الإشكال هو أن يقال إن استقلال العقل إنما هو في موضوع عدم وجدان ما يقتضي المفسدة وعدم استقلاله فيما لم يلاحظ مع الفعل هذا العنوان وليس من الحكم الظاهري في شيء فإن موضوعات أحكام العقل ليس أحدها في سلسلة الطول بالنسبة إلى الآخر بل الكل في عرض الآخر بخلاف الأحكام الشرعية فإنها ربما يكون أحد الموضوعين فيها في عرض الموضوع الآخر كالحاضر والمسافر وقد يكون مرتبا على الآخر كما في أصالة البراءة على ما سيجيء تحقيقه والأحكام الظاهرية إنما تتصور فيما إذا كان أحد الموضوعين مرتبا على الآخر مثلا حكم العقل بحرمة الظلم حكم واقعي وحكمه بحرمة الضرب فيما إذا شك في حصول التأديب أيضا حكم واقعي وإن حصل التأديب ومثله في الشرعيات يسمى بالحكم الظاهري فإن للشيء مع قطع النظر عن العلم والجهل حكما محزونا في الشرع وأما الأحكام العقلية فموضوعاتها لا تحصل إلَّا بعد العلم والإرادة حيث إن الكلام على ما عرفت إنما هو في الحكم التابع للحسن والقبح اللاحقين للأفعال الاختيارية التي لا تصير اختيارية إلا بالعلم

247

نام کتاب : مطارح الأنظار نویسنده : الشيخ الأنصاري    جلد : 1  صفحه : 247
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست