نام کتاب : مطارح الأنظار نویسنده : الشيخ الأنصاري جلد : 1 صفحه : 244
وحصول اللطف وإن كان يصحح العقاب إلا أنه خارج عن فرض المستدل كما لا يخفى أصل هل الحسن والقبح ذاتيان للأشياء أو بالصفات اللازمة أو يفصل بين الحسن والقبح ففي الأول يكفي انتفاء الجهة المقبحة وفي الثاني بالصفات اللازمة أو بالوجوه والاعتبارات أو يختلف بحسب اختلاف الأشياء ففي البعض ذاتي وفي الآخر اعتباري وفي الثالث بالصفات اللازمة وجوه بل وأقوال فقيل بأنهما ذاتيان ويحتمل أن يراد به أمران أحدهما أن يكون نفس ذات الشيء كافية في انتزاع الحسن والقبح منها من غير حاجة إلى ملاحظة حيثية خارجة عنها بعد وجودها كما في سائر لوازم الماهيات كالزوجية بالنسبة إلى الأربعة فإن بعد ملاحظة الحيثية التعليلية المقيدة لوجودها يكفي في انتزاع الزوجية ذاتها الثاني أن يكون الذات مقتضية للحسن والقبح فيتوقف انتزاعهما عنها إلى عدم المانع في الخارج فعلى الأول إما أن يكون المراد بالذات ذوات كليات الأجناس العالية والمتوسطة والأنواع الحقيقة والأصناف أو المراد ذوات المصاديق الخارجية والجزئيات الحقيقية ولا يجري هذه القسمة على الثاني إذ لا يعقل أن يكون الجزئي الحقيقي مقتضيا للحسن لجواز انقسامه باعتبار وجود المانع وعدمه والمفروض كونه جزئيا حقيقيا هذا خلف والظاهر أن المراد هو الأول من الأول كما يرشدك إليه ما أورد على القائل بالذاتية من عدم جواز النسخ على تقديرها وجواب بعض أصحاب هذه المقالة بأن النسخ من جهة تعارض الذاتيين فإن كلا من الإيراد والجواب صريح في أن المراد هو أن الذات تكفي في انتزاع الحسن والقبح وكذا يشعر بذلك ما أورد عليهم من لزوم التناقض في الصدق الضار والكذب النافع مضافا إلى أن احتمال أن يكون الذات مقتضية للحسن والقبح فاسد من جهة أخرى لأن عدم المانع إن لوحظ فيها على وجه يصير منوعا فينقلب إلى الأول وإلا فلا يفترق عن القول بالوجوه والاعتبار ويحتمل ضعيفا أن يراد بالذات ذوات الجزئيات أيضا إذ ليس المراد أن الحسن والقبح في الكل كذلك بل قد يكون ذات المصداق الخارجي مقتضيا للحسن أيضا فلا ينتقض بالعلم لعدم مدخلية صدق زيد في حسن كلي الصّدق كما لا يخفى وقيل بالصفات اللازمة ويحتمل أن يراد بها ما هي لازمة للذوات الكلية أو الجزئية أيضا ويحتمل أن يراد بها الصفات التي هي بمنزلة الفصول للأجناس والظاهر أن المراد هي الصفات اللازمة لنفس الماهيات على وجه يكفي في انتزاعها تحقق الماهية فعلى القول بالذاتي نفس الحسن والقبح بمنزلة تلك الصفات وعلى هذا القول هذه الصفات واسطة فيه كما لا يخفى وقيل بالتفصيل بين الحسن والقبح فيكفي في الأول انتفاء جهة مقبحة وفي الثاني بالصفات اللازمة ويحتمل أن يراد من الحسن عدم الحرج في الفعل وإليه ينظر ما قد يوجد في كلمات بعضهم من أن الحسن ما لا حرج في فعله ويحتمل أن يراد أن الحسن في الفعل إنما هو بحسب اقتضاء الذات فيكفي فيه انتفاء جهة مقبحة بخلاف القبح فإنه بالصفات اللازمة على أحد الوجوه المتقدمة فيها وهذا هو الظاهر وقيل بالوجوه والاعتبار والفرق بين الوجوه والاعتبار على ما يساعده الاعتبار وإن كان لا يظهر من موارد كلماتهم هو أن المراد بالأول هي العناوين المنتزعة من ذوات الأفعال التي لا يمكن تخلف الفعل عنها فلا بد من أن يقع على واحد منها كالتأديب والإهانة في الضرب والإنجاء والإضرار في الكذب ونحوهما والمراد بالاعتبار هو الأوصاف اللاحقة للأفعال باعتبار ملاحظة المعتبر على وجه لو لم يكن الاعتبار لما كانت تلحق بالفعل مثلا قد يكون الخروج عن البلد مما يقضي به شيء إلا أنه بعد ملاحظة خروج الرفقة والرئيس قد يوجد في نفس الخروج صفة بعد الاعتبار تقضي بالخروج كما لا يخفى وقد يصير المثال من الأول والأمر سهل ثم الفرق بين هذا القول والقول الأول ظاهر فإنه على الأول مورد الحسن تمام الفعل والوجه وعلى الثاني نفس الفعل باعتبار الوجه وأما الفرق بين هذا القول والصفات اللازمة أيضا ظاهر باللزوم وعدمه ثم إن أصحاب هذا القول بين معمّم في الوجوه والاعتبارات حتى العلم والجهل سواء كانا متعلقين بالصفة أو الموصوف ومخصص بالموصوف فقط ومخّصص بغيرهما فعلى الأول ما لم يعلم بالظلم ولقبحه لا يكون قبيحا وعلى الثاني لو جهل بالظلم لا يكون قبيحا وعلى الثالث فهو قبيح مطلقا وقيل باختلاف الموارد فربما يكون ذاتيا كما في الظلم والشرك وشكر المنعم والخضوع لوجهه الكريم وربما يكون بالوجوه والاعتبار كما في التأديب والإهانة وغير ذلك كما في اعتبار مطابقة العمل بقول الأعلم مثلا فإن هذه المطابقة ليست من العناوين المتحدة مع الفعل في الخارج إلا اعتبارا وهذا هو الحق الحقيق بالتصديق الذي لا محيص عنه ولعل هذا ما ذهب إليه الإمامية بأجمعهم على حسب ما يظهر منهم في موارد كلماتهم ومطاوي تحقيقاتهم ولهذا تراهم لا يلتزمون بالنسخ في جميع الأحكام كما صرح بذلك الشيخ في العدة والعلامة في النهاية وجماعة من متكلمي الإمامية كما لا يخفى على المتتبّع لكن لا ينبغي أن تخصيص الوجوه والاعتبار بغير العلم والجهل المتعلقين بالصفة إذ لولاه للزم الدور الباطل فإن العلم بالقبح متأخر عنه لكونه متعلقا به فلو كان العلم المتأخر عنه مؤثرا في قبحه لزم تأثير المتأخر في المتقدم فلا بد من فرضه مقدما وعلى تقديره يلزم تقدّم العلم على وجوده وتأخر القبح عن وجوده وهو باطل جدّا بخلاف العلم بالموصوف إذ لو لم يكن الموصوف معلوما لما كان وقوعه على وجه الاختيار فإنه مما علم ضرورة احتياج الفعل الاختياري إلى العلم والإرادة فعلى تقدير الجهل يكون الفعل اضطراريا ومن المجمع عليه المقطوع به عدم اتصاف الفعل الاضطراري بالحسن والقبح فالعلم بالموصوف لا بد وأن يكون مما له دخل بالحسن والقبح على هذا الوجه
244
نام کتاب : مطارح الأنظار نویسنده : الشيخ الأنصاري جلد : 1 صفحه : 244