responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مطارح الأنظار نویسنده : الشيخ الأنصاري    جلد : 1  صفحه : 241

إسم الكتاب : مطارح الأنظار ( عدد الصفحات : 307)


مرجّح وأنه لا يكفي للترجيح إرادة الفاعل وتعلق قصده بأحد المتساويين في نظر الفاعل وإلا لزم الترجّح بلا مرجح وهو ضروريّ البطلان وبدهي الاستحالة فبعد إحراز هاتين المقدمتين لا يعقل عدم تصديق العقل لأحكام الشرع فإنه تعالى خبير في حكمه وحكيم في صنعه فلا مناص من إمضاء العقل حكم الشرع على الوجه المذكور وقد زعم بعض القاصرين أن من قال بعدم كفاية الإرادة في الترجيح كما في المقام إنما ينافي قوله في دفع ما ذهب إليه سليمان بن عباد الصيمري من أن دلالة الألفاظ ذاتية أو الوضع لمناسبة ذاتية بأن إرادة الواضع مرجحة فإن كون إرادة الواضع مرجحة إنما يناسب مذاق من يجوّز صدور الفعل عن الفاعل من غير اقترانه واستناده إلى الفاعل وقدرته وأما على المشرب الحق الأصفى الأتم الأكمل فلا يكفي في الترجيح تعلق الإرادة إذ الكلام إنما ينقل إلى نفس الإرادة مساواة الفعل بالنسبة إليها أيضا لكنه لا يخفى عدم استقامة ما زعمه فإن الإرادة تارة قد يقال للقصد وأخرى للعلم بالأصلح فعلى الأول لا يكفي في الترجيح كما في المقام وعلى الثاني فهي بعينها هي المصلحة الداعية للفعل وصدوره من الفاعل والمراد من الإرادة المرجحة في مقام الوضع هو هذا المعنى نظرا إلى منع انحصار المرجح في الوضع فيما يرجع إلى ذات اللفظ والإتيان بلفظ الإرادة مجردا عن القيد المذكور إنما هو الإشعار بتوغل اللفظ وما يتعلق به من الوضع ومرجحاته في التوقيفية كما لا يخفى وأما المعنى الثاني فتارة يحمل على أن كلما حكم به الشرع حكم به العقل تفصيلا أو فعلا وأخرى على أن كلما حكم به الشرع حكم به العقل إجمالا أو بعد الاطلاع على جهات الفعل فعلى الأول لا شك في فسادها لمخالفتها للوجدان الصّحيح وعلى الثاني فلا شك في صحتها لوجوه منها أنه لو لم يكن كل ما حكم به الشرع حكم به العقل صادقا لم يصدق قولنا كل ما حكم به العقل حكم به الشرع والتالي باطل فالمقدم مثله أما بطلان التالي فلما تقدم في المقام الأول وأما الملازمة فلأن عدم صدق قولنا كل ما حكم به الشرع حكم به العقل يلازم عدم صدق عكسه وهو قولنا بعض ما حكم به العقل حكم به الشرع وكذب العكس يلازم صدق نقيضة لاستحالة ارتفاع النقيضين وهو قولنا لا شيء مما حكم به العقل حكم به الشرع وقد ثبت أن كل ما حكم به العقل حكم به الشرع وهو المذكور في التالي وأما القول بأن العقل يمكن أن لا يكون له حكم في مورد حكم الشرع فليس على ما ينبغي لأن الكلام إنما هو بعد الاطلاع على الواقع على ما هو عليه وعلى تقديره لا يعقل عدم الحكم لأن الأحكام منحصرة بالحصر العقلي في الخمسة كما لا يخفى ومنها الكتاب العزيز قوله تعالى قل إنّما يأمر ربّي بالقسط وقوله عزّ من قائل قل إنما حرّم ربّي الفواحش ما ظهر منها وما بطن وجه الدلالة أن المستفاد من انحصار المأمور به في القسط والمحرّم في الفواحش هو ذلك كما هو ظاهر ومنها الأخبار كما في خطبة أوصى بها أمير المؤمنين ابنه الحسن عليهما أفضل الصلاة والسّلام من الرحمن وأكملهما من أنه تعالى لم يأمرك إلا بالحسن ولا ينهاك إلا عن القبيح وقول الباقر عليه السلام في رواية سبق ذكرها فإنه لا يكره اللَّه إلا القبيح فالأمر ظاهر لا ينبغي أن يرتاب فيه ذو مسكة نعم بقي هنا شيء وهو أنه قد تقدم أن الأشاعرة قد تمسكوا في نفي الإدراك العقلي بآية التعذيب نظرا إلى أن انتفاء اللازم يساوق انتفاء الملزوم وهو الحكم الشرعي جريا على طريقة العدلية من ثبوت الملازمة بعد ثبوت الحسن والقبح وتنظَّر فيه الفاضل التوني بأن ثبوت الحسن والقبح العقليين لا يلازم وقوع التكليف نظرا إلى جواز التفكيك بين الحكمين فاستند في دفع الملازمة بالآية المذكورة في أحد الوجهين ولقد أجاب عنها القوم بوجوه الأول أن الآية على ما يشهد به مساقها واردة في مقام نفي التعذيب في الدنيا قبل البعثة ويظهر ذلك بعد الرجوع إلى الآيات السابقة منها واللاحقة لها فعدم وقوع التعذيب في مستقلات العقل في الدنيا لا يقضي بعدم ترتب العقاب عليها ولو في الآخرة لوضوح أن نفي الأخص لا يستلزم نفي الأعم ولو في فرد آخر غير الأخص الثاني أن غاية ما يستفاد من الآية نفي العذاب الفعلي ولو في الآخرة وهو لا ينافي الاستحقاق لمكان العفو واستحقاق العقاب في المستقلات العقلية مما لا يدانيه ارتياب واعترض عليه في الوافية بأن الواجب ما يجوز العقل ترتب العقاب على تركه وبعد ما عرفت من العفو كما اعترفت به لا يجوّز العقل ترتب العقاب على المدركات العقلية للقطع بصدق المخبر بالعفو والجواب عنه أن تعريف الواجب بما ذكره إنما هو اقتراح من نفسه قدس اللَّه نفسه فإن حقيقة الوجوب هو الطلب الحتمي الأكيد وهو أمر بسيط لا مدخل لتجويز ترتب العقاب عليه فيه كيف ولا نقول بمدخلية الاستحقاق في حقيقته وأما ما عرفه بعضهم بما يترتب على تركه الذم والعقاب فهو تعريف باللازم وعلى تقديره فلا غائلة أيضا لأن تجويز ترتب العقاب على تركه إنما هو من حيث ذات الواجب مع قطع النظر عما عداه وهذا موجود في المقام وإن لم نجوز ترتب العقاب على الترك نظرا إلى امتناع تخلف وعده سبحانه فإن عدم التجويز لعارض ليس بضائر كما لا يخفى فإن قلت إن من جملة ما يقرب العباد إلى الطاعة ويبعّدهم عن المعصية هو وعد اللَّه سبحانه على الطاعة ووعيده على ارتكاب المعصية بل هذا من أعظم ألطافه على العباد جلَّت عظمته فالإخبار بالعفو إنما يوجب التهاون في مدركات العقول ويورث الإغراء في أفاعيلهم والذهول فربما يفرط المكلف فيما تشتهيه نفسه من ارتكاب المحرمات العقلية وترك واجباتها اتكالا على عفوه تعالى واعتمادا على فضله وذلك ينافي ما هو المعلوم من طريقة الشرع من الحث على فعل الواجبات والتحريص على ترك المحرمات فهو نقض لغرضه تعالى وعلى هذا فلا وجه لحمل الآية على الإخبار بالعفو بل لا بد من حملها

241

نام کتاب : مطارح الأنظار نویسنده : الشيخ الأنصاري    جلد : 1  صفحه : 241
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست