responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مطارح الأنظار نویسنده : الشيخ الأنصاري    جلد : 1  صفحه : 240


حرمة شيء واجب واقعا فإنه لا يجديه مع عدم قصده إليه ولا يتصف بالحسن والقبح وكذا لو اعتقد وجوب شيء حرام وتركه تجريا على اللَّه نعوذ باللَّه فإنه يذم على نفس التجري ولا يمدح في ترك الحرام الواقعي كما نبهنا عليه في بعض المباحث السّابقة فتلخّص مما مر أن الملازمة الظاهرية مما لا محصّل لها بوجه والحق ثبوت الملازمة الواقعية وما قد يتوهم في المقام من دلالة الظواهر على انتفاء الملازمة كما في قوله تعالى في تحريم الشحوم على اليهود فبظلم من الذّين هادوا حرّمنا إلى آخره وقوله وجزيناهم ببغيهم إلى آخره وقول ابن عباس في اليهود في قصة البقرة من أنهم شدّدوا فشدّد اللَّه عليهم وأمثال ذلك فمما لا يقاوم ضرورة العقل فلا بد من حمله على أن الفعل بعد الظلم والبغي والتشديد منهم اختلف أوصافه لا أن مجرد الظلم حرّم الشحوم عليهم مثلا من غير وجدان الفعل للصفة المقتضية للتحريم كما نبه عليه المحقق القمي في بعض مباحث القياس فتدبر جيدا فإنه حقيق بالتدبر ومما يعدّ من الوجوه الدالة على ثبوت الملازمة الواقعية بين حكمي العقل والشرع الإجماع بأقسامه نقلا وتحصيلا مركبا وبسيطا أمّا الإجماع البسيط فيكشف عن تحصله أمور منها ما عزا الأستاذ إلى الشيخ في العدة من أنه لا خلاف في أن كل محظور عقلي فهو محظور شرعيّ وظاهره نفي الخلاف بين أرباب التحصيل وأهل النظر ولا أقل من نفيه بين العدلية ومنها ما أفاده جمال المحققين في تحقيقاته على العضدي من أنه لا خلاف بين العدلية في ذلك ومنها ما ذكروه في ثمرة النزاع بين الفريقين من ترتيب الأحكام الشرعية على القول بالإدراك وعدمه على تقدير عدمه ومنها احتجاج الأشعري في نفي الحسن والقبح بلزوم الجبر في أفعاله تعالى وجواب العدلية بأن انتفاء القبح لصارف لا ينافى الاختيار وعدم تعرضهم في دفع ذلك بمنع الملازمة مع كفايته في الجواب كما لا يخفى ومنها احتجاج الأشعري أيضا بنفي التعذيب اللازم للحكم الشرعي على انتفاء الملزوم كما يرشد إليه قوله تعالى وما كنّا معذّبين حتى نبعث رسولا وجواب أهل العدل بأن الرسول أعم من الرسول الظاهر ولم يتعرض واحد منهم لنفي الملازمة إلا من هو محجوج بالإجماع ومنها ما أضافه بعضهم بالمدح والذم والثواب والعقاب آجلا وعاجلا في تفسير الحسن والقبح عند تحريره لمحل النزاع فإنه قد أفرط في الإشعار بأن بعد تسليم الإدراك لا ينبغي التشكيك في ثبوت الملازمة حتى إنه يعلم في مقام إثبات الحسن والقبح وإلا فهو بظاهره فاسد إذ لا يذهب وهم إلى دعوى إدراك الثواب والعقاب في الآجل إلَّا بعد تسالم الخصمين بعد الإدراك في ثبوته وبالجملة فمن تدبر في مطاوي كلماتهم في مجاري استدلالاتهم وموارد ثمراتهم وتحرير عنواناتهم لا يكاد يرتاب في ثبوت الملازمة بعد تسليم صغرى الإدراك حتى إن الأشاعرة الذين نسبتهم إلى القواعد المأخوذة من مشكاة الولاية ومصباح الهداية كنسبة السوفسطائية إلى القواعد الموروثة عن البداهة والمنتهية إلى الضرورة ولا ينكرون ثبوت الملازمة بعد تسليم الإدراك كما عرفت في إلزاماتهم على العدلية فتنبّه في الغاية وتذكر ما أسلفنا لك في تحرير العنوان إلى النهاية وأما الإجماع المركب فلأن علماء الإسلام بأجمعهم بين منكر للحسن والقبح العقليين وبين ملتزم بالملازمة بين الحكمين فكل من قال بثبوت الإدراك العقلي التزم بملازمته للحكم الشرعي إلا ما قد يحكى عن الزركشي وأشباهه ممن لا اعتداد بشأنهم في تحصيل الإجماع الكاشف عن رضا الإمام والرئيس بالعمل بما أدركه العقل فالقول بثبوت الحسن والقبح وانتفاء الملازمة إحداث لقول ثالث فيكون باطلا ومما يدل على ثبوت الملازمة أيضا الكتاب والسنة فمن الأول قوله عز من قائل في مدح النبي صلى ا لله عليه وآله يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر ويحلّ لهم الطيّبات ويحرم عليهم الخبائث والتقريب أن المعروف والمنكر هما الحسن والقبيح العقليان والمستفاد من السياق بدلالة وقوعه في مقام المدح هو العموم وإن كان تعريف الجنس مما لا يلازمه ولا مدح على تقديره كما لا يخفى والأمر فيه محمول على مطلق الطلب لعموم المعروف للمستحب فالترك لو كان من المنكرات التي ينهى عنها فالفعل واجب وإلا فهو مستحب فلا يرد عدم التميز كما زعمه بعض الأجلة وقوله تعالى إن اللَّه يأمر بالعدل والإحسان وينهى عن الفحشاء والمنكر وجه الدلالة أن العدل من كل شيء وسطه ومستقيمه ومستقيم الأفعال حسنها والعموم أيضا مستفاد من المقام على ما عرفت وقوله تعالى وليكن منكم أمة يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وقوله تعالى حكاية عن لقمان في وصية ابنه يا بني أقم الصّلاة وأمر بالعرف وانه عن المنكر وجه الدلالة في الكل واضح والمناقشة فيها مما لا وقع لها بعد اعتضاد بعضها ببعض كما لا يخفى ومن الثاني جملة من الأخبار منها ما ورد في خطبة الوداع التي خطب بها النبي صلى ا لله عليه وآله يوم الغدير ألا ما من شيء يقرّبكم إلى الجنة ويبعّدكم عن النّار إلَّا وقد أمر اللَّه تعالى به ألا ما من شيء يقرّبكم إلى النار ويبعّدكم عن الجنة إلَّا وقد نهاكم عنه ومنها ما روي عن أبي جعفر عليه السلام في رجل سأله عن طول الجلوس في بيت الخلاء دع القبيح لأهله فإن لكل شيء أهلا ووجه الدلالة ظاهر وفيما تقدم منا من البرهان العقلي كفاية فلنعطف عنان القلم إلى بيان الكلية القائلة بأن كل ما حكم به الشرع حكم به العقل فنقول إن هذه الكلية منهم تحتمل وجهين الأول أن كلما حكم به الشرع قد صدقه في الحكم في تلك الواقعة العقل واعتقد وقوعه في محله وصدوره من أهله وهذا المعنى مما لا يكاد ينكره القائل بانفكاك الحكمين من العدلية أيضا الثاني أن كلما حكم به الشرع حكم العقل على طبقه حكما إنشائيا جعليا كما في عكسه على ما مر تحقيق الكلام فيه فالمعنى الأول يتوقف ثبوته على مقدمتين مسلَّمتين عند العدلية وقد فرغنا عن إثباتهما في غير الفن إحداهما أن أفعاله تعالى معللة بأغراض لا تعود إليه لئلا يلزم الاستكمال في حقه والبعث منه تعالى عن ذلك علوّا كبيرا وثانيتهما امتناع الترجيح

240

نام کتاب : مطارح الأنظار نویسنده : الشيخ الأنصاري    جلد : 1  صفحه : 240
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست