نام کتاب : مطارح الأنظار نویسنده : الشيخ الأنصاري جلد : 1 صفحه : 238
لا امتنان فيه نظرا إلى وجوب صدور الأحسن منه تعالى فهو في مقام الربوبية وعدم جواز صدور القبيح منه لا امتنان له فواه جدا فإن عدم صدور القبيح منه تعالى إنما هو لغنائه لا لشيء آخر على وجه يضطر إليه فإن امتناع القبيح لصارف يؤكد الامتنان حيث إن اتصافه بذلك أيضا من أعظم المنن كما أن فياضيته على وجه الإطلاق محض الامتنان على العباد وإلا فلا وجه لعدّ الوجود من أعظم نعمائه التي منّ بها على خلقه كما لا يخفى وأما على مشرب التحقيق فبأن يقال إن حسن الفعل قد يتدارك بوجوه أخر ويحرز بجهات أخرى على الوجه الأتم الأكمل من غير تكليف إذا اقتضى المصلحة لذلك كما في الحكم بإفطار الصّائم في السفر فإن التنعم بنعمة في السفر عند المشقة قد يوجب شكر المنعم والخضوع لوجهه الكريم المنان المشتمل على أكمل المصالح وأتم الفوائد فرفع التكليف والإحسان بما لا يستحقه من مجازاته تعالى له بجزائه الجميل مما لا يقدر العاقل بإحصاء وجوه امتنانه عما قليل كذا أفاد الأستاذ دامت إفاداته لكنه لا يخفى عدم اندفاع النقض على المذهبين بذلك وإن حلّ الإشكال به فتدبّر الخامس لا ريب في أن كثيرا من الأحكام المقررة في الشريعة معللة في الحقيقة ظنا أو احتمالا بحكم غير مطردة في مواردها ومع ذلك فقد حافظ الشارع على عمومها وكليتها حذرا من الأداء إلى الاختلال بموارد الحكم كتشريع العدة المعللة بحفظ الأنساب ونحوه فالفعل في الموارد المنفكة عن العلة خال عن المصلحة مع اطراد الحكم واختصاص الحكمة بالبعض والجواب عنه أولا فبما عرفت مرارا وثانيا أنه لا نسلم كون تلك الحكم علة للحكم الشرعي كيف ولولاها لزم التخلف بل تلك الحكم إنما هي تقريبات لأذهان المخاطبين لمناسبة جزئية أو علل لتشريع الحكم وإظهاره وإبرازه كما في شأن نزول الآيات القرآنية فإن المصالح الكامنة في الأشياء المقتضية للأمر بها والنهي عنها مما لا يعلمها إلا اللَّه والراسخون في العلم من أمنائه وخلفائه وأما ما تخيله من كفاية الاحتمال فيما يراه من نفي الملازمة كما أشار إليه بقوله ظنا أو احتمالا وصرّح به أخيرا في ذيل كلامه فلعله سهو عن قلمه أو غفلة عن قواعد المناظرة فإن الناقض لا بد وأن يكون في مقام النقض موردا لمورد يخالف مقصود خصمه قطعا ولا يكفيه الاحتمال نعم المانع يكفيه الاحتمال في قبال الاستدلال وبالجملة فمن يقول بالملازمة فإن منعها مانع بتجويز أمثال ذلك فلا بد لنا من إحكام الدليل الدال على الملازمة وسدّ باب الاحتمال بإقامة البراهين القطعية وإن نقضها الناقض بأن يقول إن المورد الكذائي قد تخلف فيه الحكم المذكور فلا بد له من إتيانه بمورد قطعي المخالفة وعلينا إمّا إصلاحه أو الالتزام بمقالته ومن الظاهر أن الوجوه التي استند إليها في عدم ثبوت الملازمة إنما هو أوردها على وجه النقض كما لا يخفى فلا وجه حينئذ لإبداء الاحتمال وثالثا أنه كما يحتمل أن يكون اطراد تلك الأحكام بواسطة حسن في التكليف فكذلك يحتمل أن يكون بواسطة حسن في الفعل المكلف به في غير الموارد الموجود فيها العلة لأن اشتمال فرد على مصلحة من طبيعة مما يجدي في انتزاع عنوان عن فرد مماثل له في النوع فيصير ذلك العنوان من وجوه ذلك الفرد ويحتمل أن يكون حسنا فيصير مأمورا به وبالجملة فلا دليل على انحصار المصلحة في شيء بخصوصه فلعل الحكم في الأفراد الغير الواجدة لتلك الحكم مستند إلى علة عامة لغيرها أيضا أو يخصّ بها ولعمري كيف يرضى العاقل فضلا عن الفاضل بالاستناد إلى مثل هذه الوجوه في دفع ما قد اتفقت العدلية عليه كما سنبيّنه إن شاء اللَّه السادس الصبي المراهق إذا كان لطيف القريحة كامل العقل يثبت في حقه الأحكام العقلية مع أنه لا يجب عليه شرعا والجواب الالتزام بالأحكام الشرعية في حقه أيضا بعد ما أدرك الحكم العقلي كحرمة الظلم أو وجوب ردّ الوديعة غاية ما في الباب عفوه ثابت بالشرع تفضّلا كما في المعاصي الصغيرة مثلا مع أن الحكم بثبوت العفو في بعض المقامات كما لو فرضنا فيما لو قتل الصبي قبل بلوغه بساعة مع كمال عقله وإدراكه نبيا صلى ا لله عليه وآله أو وصي نبي صلى ا لله عليه وآله في غاية الصعوبة فإنه ربما يخالف العدل على ما لا يخفى وبالجملة فنحن نقول إن كلما أدرك العقل أن الفعل الفلاني مما يترتب عليه الثواب بمعنى جزاء الخير أو العقاب بمعنى جزاء الشر أو لا يترتب عليه شيء منهما عند العقلاء والحكماء فيمتنع أن يكون حكم الشارع الذي هو خالق العقلاء الحكماء بخلافه وإن شئت التوضيح فلاحظ المباح العقلي هل يصح أن يحكم الشارع بوجوبه أو حرمته أو لا يصح وقس عليه البواقي فنقول إن بعد ما أدرك العقل جهات الفعل ولم يحكم بوجوبه أو حرمته أو استحبابه أو كراهته وحكم بإباحته فإيجاب الشارع الحكيم له لا يخلو عن وجوه إما لحسن فيه قبل الأمر والمفروض خلافه أو لحسن فيه بعد الأمر على وجه يتفرع عليه التكليف فالأمر فيه محقق لعنوان حسن مطلوب حقيقة هو مأمور به واقعا كما في الأوامر التعبدية كالصّلاة والزكاة فإن بعد الأمر يحصل عنوان حسن غير الامتثال هو يصير مأمورا به وأما حسن الامتثال فلا يتفرع عليه التكليف بل الامتثال يتفرع عليه فلا يصلح وجها لتعلق التكليف بالفعل وأما الابتلاء كما أورده القوشجي على المحقق الطوسي في بيان كلامه وإرادة القبيح قبيحة وكذا ترك إرادة الحسن فإما مع العلم فلا وجه له وإما مع الجهل فالامتثال به أيضا لا حسن فيه لأن حسن الامتثال إنما هو من حيث تحصيل محبوب المولى والمفروض أنه لا حسن فيه نعم في صورة الجهل لاعتقاد المكلف من حيث ظاهر الأمر الكاشف عن الطلب واقعا بالمحبوبية يحسن منه الانقياد ويحرم عليه التجري بترك المطلوب على حسب ما اعتقده وهذا ليس من حسن الامتثال في شيء كما لا يخفى وليس هذا الأمر صوريا صرفا ولفظيا بحتا والكلام على تقدير خلافه فلا يصلح نقضا على الملازمة الواقعية نعم لو قلنا بأن الطلب أمر يغاير الإرادة أو لا يستتبعها بل يمكن الانفكاك بينهما كما يراه بعض الأعاظم تبعا للأشاعرة فلا ملازمة بين الحكمين ولعل الناقض المذكور قد بنى كلامه على ذلك إلا أن الكلام معه حينئذ في أصل المبنى ثم إنه قال
238
نام کتاب : مطارح الأنظار نویسنده : الشيخ الأنصاري جلد : 1 صفحه : 238