نام کتاب : مطارح الأنظار نویسنده : الشيخ الأنصاري جلد : 1 صفحه : 232
وأيضا بداهة استلزام المكروهة عند اللَّه لاستحقاق محل نظر انتهى وقال الثاني على ما حكاه الأول أن الحسن والقبح عقليان والوجوب والحرمة شرعيان فلا ملازمة بينهما حيث قال تنبيهان الأول أن المعتزلة لا ينكرون أن اللَّه تبارك وتعالى هو الشارع للأحكام وإنما يقولون إنّ اللَّه شرّع أحكام الأفعال بحسب ما يظهر من مصالحها ومفاسدها فهما عندهم مؤديان إلى العلم بالحكم الشرعي والحكم الشرعي تابع لهما لا عينهما فما كان حسنا جوّزه الشارع وما كان قبيحا منعه فصار عند المعتزلة حكمان أحدهما شرعي والآخر عقلي إلى أن قال في ثاني التنبيهين ما اقتصر عليه المصنف من حكاية قولهم هو المشهور يعني أن ما حكاه صاحب جمع الجوامع عن المعتزلة من إدراك العقل الثواب والعقاب هو المشهور بينهم ثم قال وتوسط قوم وقالوا قبحها ثابت بالعقل والعقاب ثابت بالشرع ثم قال وهو المنصور انتهى والتحقيق على ما عرفت من استظهارنا من العناوين والأدلة والثمرة أن المراد منهما هو الثواب والعقاب ويرشدك إليه أيضا تصديق الزركشي باشتهاره بين المعتزلة كما لا يخفى وثانيهما ما اشتهر بين من تأخر من التوني من مسألة الملازمة من أنه بعد تسليم إدراك العقل للمدح والذم فهل يدرك الثواب والعقاب زعما منهم أنّ الحسن والقبح في محل النزاع هو مجرد المدح والذم من غير مدخلية للثواب والعقاب فيهما وهذا هو البحث الذي نحن بصدده فنقول إن الحق كما عليه المحققون ثبوت الملازمة الواقعية بين حكم العقل والشرع وهذا الحكم هو مفاد قولنا كل ما حكم به العقل حكم به الشرع وسيأتي بيان المراد من القضية المذكورة وحيث إن المخالف في المقام ممن يعتد بشأنه ليس إلا جمال المحققين والسيّد الصدر شارح الوافية فالأقرب ذكر كلامهما لتوضيح مرامهما ثم ذكر ما يرد عليهما عندنا قال السيد المذكور في المقام بعد ما مهّد مقدمتين في جملة كلام طويل له إنا إذا أدركنا العلَّة التامة للحكم العقلي بوجوب شيء أو حرمته مثلا يصح أن يحكم عليه بأن الشارع حكم أيضا بمثل الحكم العقلي عليه لما مر في المقدمة الأولى ولما فرضنا عدم بلوغ التكليف إلينا لا يترتب عليه الثواب وإن ترتب على نفس الفعل شيء من قرب أو بعد فلا يكون واجبا أو حراما شرعيا إلى أن قال وبالجملة وجود الإضافة التي يعبر عنها بالخطاب معتبر في تحقق حقيقة الحكم وليس مجرد العلم التصديقي من الشارع بأن شيئا خاصّا مما يحسن فعله أو تركه وكذا إرادته من المكلف أن يفعل أو يترك ورضاه من فعل ومقته لآخر حكما شرعيا من دون أن يصير المكلف مخاطبا بالفعل بأن يصل إليهم قول النبي صلى ا لله عليه وآله أن صلّ وصم وكذا إخبار الشرع بأن هذا الشيء واجب أو حرام أو طلبه قبل بلوغ الخطاب ليس حكما فعلى هذا يكون كل الأوامر والنواهي قبل علم المكلف بها خطابات بالقوة لا يترتب عليها آثارها من الثواب والعقاب ثم قال وحينئذ نقول إن أردت بقولك كل ما يحكم به العقل مطابق للواقع فقد حكم الشارع عليه بحكم مماثل له أنه علم وأذعن بأن هذا الشيء بحيث لو نقل إلى المكلف الأمر به أو النهي عنه لكان مستحقّا للثواب والعقاب مع الامتثال وعدمه أو أراد به أن الفعل أو الترك مرضي عنده أو ممقوت له أو أخبر أهل بيته بالحكم أو قال لهم قولوا للناس افعلوا أو لا تفعلوا إن رأيتم المصلحة وهم ما رأوها فجميع ذلك لا نمنعه ونسلمه ولكن لا يترتب عليه الثواب والعقاب وإن أردت أنه طلبه فعلا أو تركا بحيث حصل التكليف وصرنا مكلفين فهو خلاف الفرض لأن المفروض عدم بلوغ الحكم إلينا بل نريد أن نثبت الحكم الشرعي بتوسط الحكم العقلي ثم إنه بعد ذلك أورد على نفسه سؤالا حاصله أنه بعد قطع العقل بالحكم الواقعي لا مجال لإنكار كونه حكم اللَّه وهو المطلوب فأجاب عنه بأن التعبّد بمثل هذا الشيء محل نظر لأن المعلوم أنه يجب فعل شيء أو لا يجب إذا حصل الظن أو القطع بوجوبه أو حرمته أو غيرهما من جهة نقل قول المعصوم عليه السلام أو فعله أو تقريره لا أنه يجب فعله أو تركه أو لا يجب مع حصولهما من أيّ طريق كان كالفتوى فإنه لا يجوز الفتيا بقول المعصوم المسموع منه في المنام ثم إن السيد المذكور قد أفاد شيئا آخر في إحدى المقدمتين الممهّدتين وهو عدم كون الجهات المدركة للعقل علة تامة للحكم بل غاية ما يمكن أن يدركه العقل هو بعض الجهات المحسنة والمقبحة ويجوز أن يكون هناك جهة أخرى في الواقع لم نحصّلها فيمكن أن تكون معارضة للجهة المدركة فلا يكون الحكم كما أدركه وقال جمال المحققين بعد ما نقلنا عنه في عنوان النزاع أن الحسن والقبح في بعض الأشياء مسلم لكن يمكن أن لا يكون في بعض الأشياء جهة حسن ولا جهة قبح ومع ذلك أمر الشارع به ونهى عنه ليعلم المطيع من العاصي ثم أجاب عن ذلك بإمكان الاستكشاف من الأخبار والآثار الواردة عن الهداة الأطهار والآيات القرآنية والبيّنات الفرقانية عدم تعلق الأمر والنهي إلا لكل حسن وقبيح على أن يكون الحسن مأمورا به والقبيح منهيّا عنه وبالجملة فلم يظهر من المحقق المذكور مخالفة حتى يحتاج إلى دفع مقالته ونقلها فالأولى عطف عنان الكلام إلى دفع ما أفاده السيد المذكور وستعرف الجواب عما أورده المحقق المذكور في دفع الشبهة التي أوردها بعض الأجلة في منع الملازمة فنقول فيما أفاده السيد نظر من وجوه الأول أن ما أفاده في تفكيك حكم العقل والشرع بتسليم الرضا والمقت ومنع الثواب والعقاب ليس على ما ينبغي وتوضيحه وتحقيقه أن الحكم الشرعي قد يطلق ويراد به الخطاب الفعلي التنجيزي الصادر منه تعالى أو أحد أمنائه عليه السلام وإليه ينظر تعريفهم له بأنه خطاب اللَّه المتعلق بأفعال المكلفين على حسب اختلاف القيود المعتبرة فيه عند بعضهم وقد يطلق ويراد به الخطابات الشأنية التي صدرت عن الشارع وإن لم يعلم بها المكلف لعدم وصولها إليه من حيث ممانعة مانع داخلي أو خارجي عنه فهي مخزونة عند أهلها وبعبارة واضحة الأحكام التي يقول بثبوتها المخطئة وبعدمها المصوبة ويشارك الأول في مجرد الجعل ويمايزه من حيث عدم حصول الفعلية فيه بخلاف الأول وقد يطلق ويراد به
232
نام کتاب : مطارح الأنظار نویسنده : الشيخ الأنصاري جلد : 1 صفحه : 232