responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مطارح الأنظار نویسنده : الشيخ الأنصاري    جلد : 1  صفحه : 231

إسم الكتاب : مطارح الأنظار ( عدد الصفحات : 307)


حيث فسر الحسن بجزاء الخير والقبح بجزاء الشر لكن إذا أضيف إلى اللَّه تعالى يكون الأول ثوابا إذ جزاء الخير منه لا يكون إلا الثواب والثاني عقابا فلو لا أن النزاع في المقامين مما يرجع إلى نزاع واحد لم يصح ذلك كما لا يخفى على المتدبر ومنها ما ذكره العميدي في شرح التهذيب من أن الحسن هو الفعل الذي لم يكن على صفة تؤثر في استحقاق الذم والقبح ما كان على صفة تؤثر في استحقاق الذم وفسر الذم بأنه قول أو فعل أو ترك قول أو فعل ينبئ عن اتضاع حال الغير ومثل للأول بالشتم من الرئيس لذي المروءة وللثاني بالضرب منه له وللثالث بتركه ردّ السّلام وللرابع بترك القيام له مع أهليته لذلك ولا شك أن اعتبار الذم في الحسن والقبح وجودا وعدما ثم تفسيره بما عرفت أصرح دليل على الاكتفاء عن الثاني بالأول إذ ليس الذم بهذا المعنى إلا العقاب ومنها ما أفاده جمال المحققين في تعليقاته على العضدي من نسبة الحسن والقبح بالمعنى المذكور إلى المعتزلة وفي مورد آخر ادعي الإجماع من الإمامية على القول بالحسن والقبح بالمعنى المذكور ومنها ما عن الكاظمي في شرح الزبدة من تفسيره للحسن والقبح بما ذكرناه ومنها ما ذكره جملة من أساطين العلماء كالمحقق والشهيد وأضرابهما من تقسيم حكم العقل إلى ما يتوقف على خطاب شرعي وما لا يتوقف ومثلوا بالتحسين والتقبيح العقليين كحرمة الظلم ووجوب ردّ الوديعة وأما كلمات مخالفينا فعن المواقف تفسير الحسن في محل النزاع باستحقاق المدح في العاجل والثواب في الأجل والقبح باستحقاق الذم والعقاب كذلك وعن القوشجي تفسير الحسن والقبح أيضا بما سمعت كما عن الباغنوي أيضا مثل ما مر وقال الأسنوي في شرح المنهاج اعلم أن الحسن والقبح قد يراد بهما ملائمة الطبع ومنافرته وقد يراد صفة الكمال وصفة النقص ولا نزاع فيهما وإنما النزاع بمعنى ترتب الثواب والعقاب فعندنا أنهما شرعيان وذهب المعتزلة إلى أنهما عقليان بمعنى أن العقل له صلاحية الكشف عنهما وأنه لا يفتقر الوقوف على حكم اللَّه لاعتقادهم وجوب مراعاة المصالح والمفاسد وإنما الشرائع مؤكدة انتهى وصراحة ذلك في المقصود مما لا ينبغي أن ينكر فظهر من جميع ما مر أن المراد بالحسن والقبح الواقعين في عنوان النزاع المراد به ما به يستحق الفاعل المدح في العاجل والثواب في الآجل فإثبات أن العقل يحكم بالحسن والقبح في قوة إثبات أن العقل يدرك حكم اللَّه كما هو المراد بالملازمة ويكفيك شاهدا في المقام قولهم إن الظلم حرام وردّ الوديعة واجب حيث لا يعنون بالوجوب إلا الطلب الملازم للعقاب عند المخالفة نعم لو كان المراد من الحسن والقبح هو مجرد المدح والذم دون الثواب والعقاب كان لتغاير العنوانين وجه هذا تمام الكلام في عناوين القوم وأما أدلة الطرفين الواردة على النفي والإثبات فتقضي باتحاد العنوانين وكفاية إثبات الحسن العقلي عن الملازمة فأدلة المثبتين من لزوم إفحام الأنبياء وعدم وجوب معرفة اللَّه لولاه تقتضي بما ذكرناه لأن مجرد إدراك استحقاق الذم والمدح لا يلزم منه الوجوب ولا يندفع منه إفحام الأنبياء ما لم يلاحظ مع ذلك العقاب ولو احتمالا وأما أدلة النافين كآية التعذيب فدلالتها على أن المراد بالحسن والقبح ما يلازم الثواب والعقاب صريحة وإلا فنفي التعذيب لا مساس له في نفي الذم والمدح وكذا في جواب القائلين بالتحسين عنهم بأن المنفي هو فعلية العذاب دون استحقاقه إيماء إلى المطلب المزبور من حيث عدم تعرضهم لعدم مدخلية الحسن والقبح للعذاب فنفيه لا يدل على عدم الحسن كما لا يخفى وأما ثمرات المسألة على ما فرع عليه العضدي وأضرابه من عدم وجوب شكر المنعم فلا عقاب ولا إثم في تركه على من لم يبلغه دعوة النبوة فما لا تصح إلَّا على الدعوى المذكورة وبالجملة فنحن لا نقول بأن المقامين متحدان لا تغاير بينهما بوجه لا يمكن النزاع في أحدهما مع تسليم الآخر ولكنا نلتزم بأن النزاع الواقع بين العدلية والأشعرية مما يغني عن هذا النزاع في المقام الثاني فكأن بعد تسليم صغرى الإدراك من العقل وأهليته فلا نزاع في كونه سبيلا إلى الحكم الشرعي على وجه لا ريب فيه كما استظهرنا ذلك من الوجوه المذكورة في عناوين القوم وأدلتهم وثمرات المسألة على ما هو الشأن في استكشاف أمثال المقاصد وسيأتي ما يوضح ذلك عند الاستدلال على المقصود وتوضيح البحث وتنقيحه يقتضي بسطا في المقام فنقول إن هنا نزاعين أحدهما أن العقل هل يدرك حسن شيء أو قبحه أم لا يدرك فأثبته الإمامية ومن تابعهم من المعتزلة وأنكره الأشاعرة وحيث إن الكلام في المقام ليس من الكلام في مباحث الفن لعدم كون المسألة أصولية بل إنما هو من المبادئ الأحكامية فقد طوينا الكشح عن ذكرها مضافا إلى بداهة المقصود حتى إن إكثار الكلام فيها ربما يعد من العبث حيث إنه لا يفيدنا غير ما هو المعلوم لنا منها بسلامة الوجدان مع أنّ لنا فيه غنى عن تجشم البرهان إلا أنه لا بد أن يعلم أن الحسن والقبح الواقعين في العنوان قد اختلف في تفسيرهما فعن بعضهم كالفاضل التوني والفاضل الزركشي تفسيرهما بمجرد المدح والذم دون الثواب والعقاب قال الأول في محكي الوافية الحق ثبوت الحسن والقبح العقليين في الجملة لقضاء الضرورة ولكن في إثبات الحكم الشرعي كالوجوب والحرمة الشرعيين بها نظر ثم فرق بين الوجوب العقلي والشرعي باستحقاق الذم على الأول والثواب على الثاني ثم قال بعد ذكر أمور من وجوه النظر فإن قلت الواجب العقلي هو ما يكون تاركه مذموما عند كل عاقل حكيم والحرام العقلي ما يكون فاعله مذموما كذلك فالحرام العقلي لا بد وأن يكون ممقوتا للَّه وليس الحرام الشرعي إلا ذلك لأن فاعل فعل ممقوت عنده مستحق لعقابه ضرورة قلت الحرام الشرعي ما يجوز للمكلف العقاب عليه ولا يكفي مجرد الاستحقاق وإن علم انتفاؤه بسبب ما كان من إخباره

231

نام کتاب : مطارح الأنظار نویسنده : الشيخ الأنصاري    جلد : 1  صفحه : 231
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست