نام کتاب : مطارح الأنظار نویسنده : الشيخ الأنصاري جلد : 1 صفحه : 227
إلى انتفاء الوصف العنواني عن الذات فإن التوصيف مسبوق بالحمل قطعا كما هو ظاهر لا سترة عليه وتارة يستعمل في نفي الصفة عن الذات فيكون مفادها مفاد العدم إذا كان رابطا وتلك الصفة مختلفة جدّا فتارة تكون صحة ما تعلق به المنفي كقوله لا صلاة إلَّا بطهور بناء على عدم حمل النفي فيه على نفي الذات وحمله على نفي الصفة كما يراه جماعة فيكون المراد هو عدم مطابقة الصلاة بدون الطهارة لما هو المأمور به حقيقة وتارة يراد به نفي المشروعية كقوله لا جماعة في نافلة فيكون المراد هو عدم تعلق طلب الشارع بالجماعة في النافلة ويغاير الأول بالاعتبار وقد يراد به نفي الفضيلة كقوله لا صلاة لجار المسجد أو نفي الكمال كقوله لا صلاة لحاقن ويفارق الأول بأن نفي الفضيلة لا ينافي الإباحة في العبادات بخلاف نفي الكمال فإنه يضاد الكراهة المعتبرة في العبادات وقد يراد به نفي الوجوب كقوله لا إعادة إلا في خمس ونفي جميع الآثار الشرعية أو بعضها على اختلاف المقامات كقوله لا رضاع بعد فطام ولا يتم بعد احتلام ولا عمل إلا بنية إلى غير ذلك من موارد الاستعمال وحيث إن ذلك التركيب صالح لأن يراد به الوجوه المذكورة اختلف القوم في بيانه وإجماله على أقوال ثالثها التفصيل بين الأسماء الشرعية واللغوية التي لها حكم واحد وبين غيرها من الأحكام اللغوية التي لها أحكام متعددة فالإجمال في الثاني والبيان في الأول ومثل بعضهم للأول بقوله لا إقرار لمن أقر بنفسه على الزنى وقوله لا غيبة لفاسق وقد يتخيل أن وجه الإجمال في المقام على تقديره هو دوران الأمر بين مجازات عديدة بعد تعذر الحمل على المعنى الحقيقي وقد يورد عليه بأنه ليس في محله بل المعنى الحقيقي أيضا وهو إرادة نفي الذات أحد المحتملات من حيث حدوث الوهن في الحمل عليه للزوم تقييدات كثيرة في بعض الموارد كما هو معلوم في قوله لا صلاة إلا بفاتحة الكتاب فإن الحمل على نفي الذات يوجب تقييد الصّلاة بغير الموارد التي تقع الصلاة بدون الفاتحة كالناسي والجاهل والأخرس والمضطر ونحوهم ومما ذكرنا أولا يظهر فساد ذلك كله فإن أداة النفي استعمالها في نفي الذات على وجه يراد بها العدم المحمولي الذي لا يحتاج إلى الخبر لو لم نقل بكونه مجازا لأنه من المعاني الاسمية التي لا يستفاد من الأداة فلا أقل من أن لا يكون استعمالها في نفي المحمول مجازا من غير فرق بين المحمولات سواء كان وجودا أو أمرا غيره فلا يتصور هناك مجاز في تلك الموارد حتى يقال بدوران الأمر بين المجازات بعد تعذر الحقيقة أو بين الحقيقة وأحد المجازات بل الوجه في الإجمال هو ما قرر من صلاحية إرادة جميع ما يمكن نفيه من الموضوع المفروض دخول الأداة عليه نعم على تقدير حمل الأداة على نفي المحمول والصفة لا بد من تقدير الخبر من غير فرق بين أن يكون الخبر وجودا أو أمرا آخر اللَّهم إلَّا أن يقال إن ظاهر الأداة لو قلنا باحتياجها إلى الخبر هو نفي خصوص المحمول الوجودي ولعل هذا هو الوجه في امتيازها عن المشبهة بليس بحسب المعنى إذ على تقدير كونها غير ظاهرة في نفيه خاصة لا تمايز بينهما معنى وهو أيضا في غاية الإشكال فلا بد من التأمل احتج القائل بالبيان مطلقا بأن الفعل المنفي إما من العبادات أو من غيرها وعلى الأول فإما أن تكون موضوعة للصحيحة أو للأعم فعلى الأول لا إجمال لإمكان الحمل على نفي الذات وعلى الثاني فيحمل على أقرب المجازات وهو نفي الصحة لتعذر الحمل على المعنى الحقيقي وعلى الثاني فيحمل على نفي الفائدة لأنه الأقرب هذا إذا لم نقل بثبوت وضع ثانوي لهذه التراكيب لنفي الفائدة وعلى تقديره فالأمر أظهر وأجيب عنه بأنه على القول بالصحيح لا وجه لحمله على نفي الذات كما تقدم من أنه في عرض أحد المجازات مضافا إلى استلزامه حمل الكلام على الأخبار وهو ليس من شأن المعصوم وهو الإخبار عن نفي الذات بدون الشرط أو الجزء وعلى القول بالأعم لا وجه لإطلاق القول بأنه لا يحمل على نفي الذات لاحتمال أن يكون الجزء الثابت جزئيته بالكلام المذكور من الأجزاء المقومة التي ينتفي الكل بانتفائها ولو عند القائل بالأعم بل لا بد من القول بأنه من تلك الأجزاء نظرا إلى ظاهر اللفظ وفيه نظر أما أولا فلما عرفت من أنه لا يتصور مجاز في التركيب المذكور وأما ثانيا فلأنه لا مناص من حمل الكلام على الإخبار كما هو ظاهر التركيب أيضا غاية الأمر أن المخبر به على تقدير حمله على نفي الصفة هو الحكم الشرعي الذي شأن الإمام عليه السلام بيانه وهو حاصل على تقدير نفي الذات أيضا فلا داعي إلى صرف كلامه عن ظاهره إلى غيره مع أن ما أورده على القول بالأعم لا ينافي مقصود المستدل من البيان فإن حمل الجزء على ما لا يتقوم الكل بدونه كما هو ظاهر اللفظ مما يؤكد البيان ولا ينافيه ثم إنه قد يمكن على القول بالأعم حمله على نفي الذات بوجه آخر وهو تنزيل الفعل الفاقد لذلك الجزء منزلة العدم مبالغة في الاعتناء بشأن ذلك الجزاء أو الشرط وبذلك يظهر وجه آخر لعدم لزوم مجاز في تلك التراكيب على تقدير حملها على نفي الصفات فإن التصرف في أمر عقلي ونظيره في غير المقام قوله عليه السلام المؤمن إذا وعد وفي والمسلم من سلم المسلمون من يده ولسانه فإنه مشعر بعدم إيمان من لا يفي بالوعد وعدم إسلام من لم يسلم منه المسلمون لكنه محمول على ادعاء نفي الإيمان والإسلام عند التخلف والإيذاء ومن هنا يظهر أنه على القول بالأعم لا ينحصر وجه المبالغة في الاعتناء بما لا يعد الفعل صحيحا لولاه بل يحتمل أن يكون وجه التنزيل هو فقد الكمال كما في قوله لا صلاة لجار المسجد إلا في المسجد واحتج القائل بالإجمال بما مر إليه الإشارة من صلاحية التركيب للوجوه المحتملة وأما المفصّل ففي جهة الإجمال يشارك من قال به مطلقا وفي جهة البيان بأن الفعل الشرعي يمكن انتفاؤه بفوات شرطه أو جزئه فيحمل النفي على ظاهره كما لا إجمال مع اتحاد حكم اللغوي بصرف النفي إليه على تقدير وجود الفعل وعلى تقدير عدمه فلا إجمال والتحقيق أن هذه التراكيب لا يقتضي الإجمال إذ لو قلنا باستفادة العدم المحمولي من الأداة أو قلنا بأن المستفاد
227
نام کتاب : مطارح الأنظار نویسنده : الشيخ الأنصاري جلد : 1 صفحه : 227