نام کتاب : مطارح الأنظار نویسنده : الشيخ الأنصاري جلد : 1 صفحه : 226
هداية لا إجمال في آية السرقة وهي قوله تعالى السّارق والسّارقة فاقطعوا أيديهما أما القطع فلأن المتبادر منه مطلق الإبانة الصادقة على جميع مراتبها وخصوص مرتبة خاصة وإرادتها بالدليل وقد مر أنه لا يوجب الإجمال إذ بعده لا إجمال وقبله محمول على المسمى نعم لا يبعد القول بالإجمال من حيث إن الظاهر وهو إبانة الكل غير مراد قطعا ولا ظاهر بعده فيردّد بين المراتب العديدة من إبانة اليد ولكن الإجمال إنما جاء به من قبل أمر آخر لا بواسطة نفس الآية وأما في اليد فإن الظاهر منها تمام العضو المخصوص وثبوت اسم خاص لبعض أجزائه مما لا دليل فيه على خلاف ما ذكرنا وأما الموارد التي يستعمل لفظ اليد فيها على بعضها كما في قولك عوضت يدي وقطعت يدي ونحو ذلك فليس اليد مستعملة فيها في أبعاضها بل في تمام العضو إلا أن نسبته تلك الأفعال إنما تقتضي اتصاف المورد بالفعل المذكور على الوجه المذكور من دون مجاز في الفعل أو في المورد كما أفاده بعض المحققين في عوائده حيث قال بعد ما قرر من أن العرف ربما يتسامحون في صدق بعض المعاني على مصاديقها إن هذه القاعدة يعني المسامحة جارية في وضع الجزئي الصوري للنسبة بين الشيئين أيضا فكلما يعد في العرف هذه النسبة فهو المراد بالإضافة من غير تغيير في حقيقة المضاف والمضاف إليه فإن الموضوع له للماهية الإضافية النسبة العرفية الحاصلة بين الحقيقتين فالتقبيل الحقيقي لزيد الحقيقي يحصل بجزء منه عرفا لا بمعنى أن زيدا الواقع في هذا التركيب يراد منه جزؤه عرفا بل بمعنى أن النسبة العرفية التي هي الجزء الصوري تحصل بذلك ولم يعلم للجزء الصوري معنى غير هذا لغة ولم يعلم للهيئة معنى آخر سوى المصداق العرفي ولا يختص ذلك بالتركيب الإضافي بل كذلك الإسنادي والتوصيفي نحو زيد مضروب وهذا الثور أسود إذا كان فيه نقطة بيضاء والقصيدة العجمية إذا كانت فيها ألفاظ عربية انتهى ما أردنا نقله بأدنى تفاوت فما أفاده بعيد إلا أنه لا حاجة إلى اعتبار المسامحة في النسبة كما يظهر من قياسها على ما يقع من التسامح في طرفيها مضافا إلى ما يظهر منه أن المعنى العرفي يغاير المعنى الحقيقي وليس كذلك بل المعنى محفوظ على الوجهين إلا أن التسامح في دعوى العرف صدق المعنى الحقيقي على ما ينزلونه منزلة الواقع وعليك بإمعان النظر في كلامه لعلك تطلع على ما لم نطلع عليه وهو الموفق المسدّد الهادي هداية الأقرب أن التحليل والتحريم المضافين إلى الأعيان كقوله تعالى أحلَّت لكم بهيمة الأنعام وحرّمت عليكم أمّهاتكم لا يلازم الإجمال وقيل بالملازمة وآخر بالبيان مطلقا واحتج الأول إلى أن إضافة الحلّ والحرمة إلى نفس العين ليست إضافة حقيقية لامتناع تعلقها بها بل إنما هي إضافة لملابسة بين الحل والعين باعتبار الفعل المتعلق بها ابتداء وحيث إن ذلك مما لا دليل على تعيينه بعد تعدّده في نفسه يصير مجملا واحتج الثاني بأن حذف المتعلق يفيد العموم بعد أن الأصل في كل كلام حمله على البيان والإفادة نظير المطلق الوارد بدون القيد والجواب عن الأول فبأنه ربما يكون الفعل الرابط بينهما ظاهرا عند أهل الاستعمال كما هو كذلك في أغلب الموارد التي يتعاطونها أهل العرف في محاوراتهم كالأكل في المأكول واللبس في الملبوس والشرب في المشروب ونحوها فإن أريد الملازمة بمعنى أن نفس التركيب مع قطع النظر عن ظهور خارجي يقتضي الإجمال فهو حق وإن أريد أن الواقع على الإجمال في جميع موارد التركيب فهو فاسد جدا لكن الإنصاف أنه لم يظهر من القائل بالإجمال غير الشق الأول من الترديد وعن الثاني فبأن حذف المتعلق إنما يفيد العموم بعد البيان في الجملة بواسطة إحرازه أو كان الكلام من الموضوع والمحمول وأما عند عدم إحرازها كذكر الفعل بدون الفاعل أو العكس فلا شك في إجماله كما نحن بصدده فإن المضاف إليه هو الفاعل والموضوع في هذه التراكيب وأصالة البيان لا تجري بعد العلم بالإجمال عرفا فلا يقاس ذلك بالمطلق ثم اعلم أن الحلية والحرمة في هذه التراكيب كسائر الأحكام المتعلقة بموضوعاتها تدور مدار صدق ذلك العنوان الذي تعلق به الحكم على وجه لو زال العنوان زال الحكم إلا أن يعلم من دليل خارج عن نفس القضية الحملية ثبوت الحكم بعد زوال العنوان أيضا فيكشف ذلك الدليل عن كون العلة التامة للحكم هو حدوث العنوان في أحد الأوقات ثم إنه بما ذكرنا ظهر أن وجه الإفادة في أمثال هذه التراكيب في مورد إفادتها ليس وضعا جديدا للهيئة التركيبية لعدم الحاجة إليه والأصل عدمه بل يكفي في ذلك ملاحظة صحة الإضافة بواسطة ارتباط حاصل من الحكم والعين من جهة ما هو منسوب إلى الطرفين كالأكل في أحلَّت لكم بهيمة الأنعام فإن له تعلقا بالحل من حيث اتصافه فيه وبين العين من حيث تعلقه بها فيضاف الحل بما هو متعلق لمتعلقه مجازا في الإضافة والإسناد كما يشهد بما ذكرنا أن الذهن إنما يلتفت إلى هذا المذهب بعد الالتفات إلى عدم تعقل سلوك سبيل يقتضيه الوضع من ارتباط الحكم إلى العين بلا واسطة وهذا ظاهر وإن زعم بعض الأجلة تبعا للمحكي عن الشيخ والعلامة خلافه واللَّه الهادي هداية قد تداول في تضاعيف المحاورات إطلاق مثل قوله لا صلاة إلَّا بطهور وموارد مثل هذا التركيب لا يخلو من وجوه فتارة يستعمل في نفس الحقيقة والذات فيكون مفاد كلمة لا مفاد لفظ العدم إذا وقع محمولا بنفسه كقولك زيد معدوم ومن هنا ذهب جماعة إلى عدم احتياجه إلى الخبر كما تقدم في كلمة التوحيد ثم إن المنفي قد يكون مجرد الذات من دون عنوان وقد يكون الذات باعتبار عنوانه الملحوظ في الكلام كقولك لا صغيرة مع الإصرار فإن المنفي هو عنوان الصغر فالمنفي يمكن اعتباره على وجه المحمولية إن لوحظ المنفي هو الذات المعنون من حيث إنه معنون ويمكن اعتباره على وجه الربط من حيث إن ذلك راجع
226
نام کتاب : مطارح الأنظار نویسنده : الشيخ الأنصاري جلد : 1 صفحه : 226