نام کتاب : مطارح الأنظار نویسنده : الشيخ الأنصاري جلد : 1 صفحه : 225
بسم اللَّه الرّحمن الرّحيم القول في المجمل والمبيّن وتحقيق البحث في طيّ هدايات هداية المجمل لغة كما عن أهلها المجموع مأخوذ من أجملت الحساب إذا جمعته أو من الخلط كما قيل وعرفه جماعة اصطلاحا بأنه ما لم يتضح دلالته فكأنه مجمع الاحتمالات أو لاختلاطها والمراد بالموصولة اللفظ الموضوع فلا يرد النقض بالمهمل وتقسيم المجمل إلى الفعل والقول لا يدل على جريان الاصطلاح عليه كما لا يخفى مضافا إلى ظهور السالبة في وجود الموضوع وإن صدقت عند انتفائها أيضا والمراد بالدلالة اللفظية الوضعية فإنها المعهود في باب الألفاظ فلا يرد النقض بالمسموع من وراء الجدار فإنه لا يتضح دلالته على قائله إذ تلك دلالة عقلية ومع ذلك يرد عليه أن عدم وضوح الدلالة مما لا يعقل فإن الدلالة مانعة للعلم بالوضع فمتى علم الوضع يتحقق الدلالة فإنه علة تامة لها ويمتنع تخلفها عنه حتى في المشترك بعد العلم بأوضاعه وحتى في المجاز ولو مع القرينة فإنها صارفة عن الإرادة لا عن الدلالة بل ومحاسن المجاز وأسرار البلاغة إنما هو فرع للدلالة على الحقيقة فيما هو غير متضح في الاشتراك والمجاز عند قصد القرينة المعينة هو المراد للدلالة نعم يتصور عدم وضوح الدلالة ولو بوجه فيما إذا علم إجمالا وضع اللفظ لمعنى من المعاني فإنه يمكن أن يقال إن الدلالة غير متضحة بمعنى أنه لا يدل على معنى خاص لعدم العلم به على وجه الاختصاص وكيف كان فالمبين بخلافه وقد قسموا المجمل إلى القول والفعل والترك وإلى المفرد والمركب أما القول فستعرف تفصيله وأما الفعل فوجه الإجمال فيه هو اشتراكه في وقوعه على وجوه عديدة وإذا جهل وجه وقوعه تردد بين جميع ما يحتمله من الوجوه فيكون غير ظاهر الدلالة ومجملا وفيه نظر إذ تلك الوجوه ليست مدلولة للفعل مثل دلالة اللفظ على معناه لعدم الوضع ودلالته على عدم الحرمة إنما هو بواسطة دليل القضية لا بنفس الفعل لها نعم لو وضع فعل لمعنيين وصدر ذلك الفعل عن الفاعل من غير اقترانه بما يرشد إلى أحد الوجهين كان ذلك مجملا فعليّا كالإشارة المردّدة بين الأمر بالذهاب والأمر بالقعود مثلا وكالقيام المردّد بين كونه تواضعا لمن قدم عليه وكونه استراحة لما حصل فيه من الكسالة وأما المفرد فإجماله تارة باعتبار نفس اللفظ ذاتا كتضرب المشترك بين المخاطب والغائبة أو عرضا كالمختار وأخرى باعتبار المعنى ذاتا كالمشترك أو عرضا كالمجاز المتعدد عند فقد القرينة المعينة مع وجود الصارفة وأما المركب فإجماله تارة باعتبار وقوع لفظ في تركيب خاص على وجه لو كان في غيره لم يكن مجملا كقول عقيل أمرني معاوية بلعن علي عليه السلام ألا فالعنوه وقول بعض أصحابنا حين سئل عن الخليفة بعد النبي صلى ا لله عليه وآله فقال من بنته في بيته وأخرى باعتبار نفس التركيب كقوله وإن طلقتموهنّ من قبل أن تمسوهنّ وقد فرضتم لهنّ فريضة فنصف ما فرضتم إلَّا أن يعفون أو يعفو الذي بيده عقدة النّكاح فقالوا إن المعطوف محتمل لأن يكون الزوج فيكون العفو عما في ذمة الزوجة إذا كان المهر مقبوضا لها ولأن يكون ولي الزوجة فيكون المعفو عنه الزوج بإبراء ذمته عن المهر والإجمال إنما هو في جملة الكلام لا في جزء خاص وفيه نظر لأن الإجمال على تقدير تسليمه إنما هو ناش من جزء خاص في الكلام وهو صلاحية الصّلة المذكورة للموصول لكل واحد من الوليين فليس الإجمال في الجملة مضافا إلى أنه لا إجمال في الآية بوجه أما أولا فلأن الصّلاحية لا تنافي البيان لاحتمال العموم بل وهو الظاهر حيث لا عهد إلا أن يكون المعهود كما ستعرف وجهه وأما ثانيا فلأن قضية العطف أن يكون المراد هو وليّ الزوجة إذ لو كان المراد هو الزوج لزم أن يكون مستثنى من المفهوم الثابت بواسطة قوله تعالى فنصف ما فرضتم وهو خلاف الظاهر للمتعاطفين فإن الظاهر خروجهما من مخرج واحد كما لا يخفى على من له أنس بمواقع الكلام ولا يعارض ذلك لظهور عقدة النكاح في الزوج إذ هذه الصفة موجودة فعلا في الزوج دون الولي لأن ذلك أظهر بل لم نجد في العربية نظيرا له ومنه يظهر عدم إمكان إرادة العموم من الموصول إذ يلزم الاستثناء تارة من المفهوم وأخرى من المنطوق وهو لا يصح في استعمال واحد ولا يجوز أن يكون المراد هو الولي ويكون الاستثناء من المفهوم منقطعا لكونه خلاف الظاهر مع شناعته ولو حمل قوله فنصف ما فرضتم على بيان ما يستحقه الزوج فهو أشنع لأن المراد بالمعطوف إن كان الولي لزم استثناؤه كالمعطوف عليه من المفهوم وإن كان صحيحا لكنه بعيد جدّا وإن كان المراد الزوج فالمعطوف عليه خارج من المفهوم والمعطوف من المنطوق وهو أيضا فاسد لو لا حمل على بيان المتصف بينهما حتى يكون بمنزلة قولنا لكل منهما نصف المهر صح استثناء كل منهما من المنطوق إلا أنه أبعد المحامل المتصورة في الآية ولا يصار إليه ثم إن المجمل على قسمين أحدهما ما عرفت والآخر ما له ظاهر لم يرده المتكلم كما في العام المخصوص واقعا مع عدم العلم به على القول بجواز تأخير البيان عن وقت الخطاب كما هو الحق والمطلق عند عدم ذكر المقيد فإن أرادوا أنه من المجمل فيما لو علم بوقوعه على هذا الوجه من المتكلم كان ذلك حقا لا مناص عنه فإنا إذا علمنا أن المتكلم إنما لاحظ المطلق لا على وجه السراية فمراده مجمل لإجماله كما إذا علم التخصيص ولم يعلم بخصوصه وهذا هو الذي قلنا في بعض المباحث المتقدمة بسراية إجمال المخصّص إلى العام وإن أرادوا أنه مع عدم العلم من المجمل فمما لا يرى له وجه بل هو محكوم بالبيان إلى ظهور القيد وبعد الظهور ينكشف كونه واقعا على وجه الإجمال نعم يشكل ذلك فيما إذا قلنا باعتبار الأصول لا من جهة الظن بل تعبّدا إذ عند عدم الحاجة لا يترتب على الكلام أثر شرعي حتى يؤخذ بالأصل ويحكم بكونه مبينا بخلاف الظن فإن وجوده لا يناط بترتيب الأثر كما لا يخفى على المتأمل
225
نام کتاب : مطارح الأنظار نویسنده : الشيخ الأنصاري جلد : 1 صفحه : 225