نام کتاب : مطارح الأنظار نویسنده : الشيخ الأنصاري جلد : 1 صفحه : 220
بمواقع الكلام الشرط الثاني إذا فرض لإطلاق المطلق جهات عديدة فالشرط في حمله على الإطلاق من كل جهة أن يكون واردا في مقام بيان تلك الجهة بخصوصها فلا يجوز التعويل على الإطلاق في الجهة التي لم ير المطلق في بيانها ووجه الاشتراط ظاهر بعد ما عرفت من أن الإطلاق إنما هو موقوف على وروده في مقام البيان لأنه لو لم يحمل على العموم من تلك الجهة وحمل على الإهمال من جهتها لا يلزم قبيح على المتكلم ويظهر ذلك في الغاية بالمراجعة إلى المحاورات العرفية فلو أفتى المجتهد مقلده بجواز الصّلاة في القلنسوة النجسة فهل ترى أن يؤخذ بإطلاق القلنسوة ويحكم بجواز الصّلاة فيها إذا كانت مغصوبة أيضا ومنها نفدوا على الشيخ في استدلاله على طهارة موضع عضّ الكلب بإطلاق قوله تعالى وكلوا مما أمسكن مع وروده في مقام بيان الحلية ولا يرتبط بجهة الطهارة والنجاسة نعم من لا يرى أن وجه العموم في المطلق هو ما ذكرنا بل العموم عنده وضعي يشكل عليه الأمر في إثبات الشرط مثل من ذهب إلى أن وجه العموم هو استواء نسبة الماهية الملحوظة بنفسها إلى جميع الأفراد من غير حاجة إلى إحراز مقام البيان وإن كان قائلا بخروج الشيوع عن المعنى كما هو الظاهر من بعض الأفاضل قال في الفوائد بعد نقل ما ذكرنا عن الوحيد البهبهاني وهذا الكلام يجري على دليل الحكمة ولا يجري على المختار من كون عموم المطلق لوجود الطبيعة لأنها موجودة في ضمن كل فرد من أفرادها ثم إنه حاول الاعتراض على ما ذكره فأورد عليه بما حاصله أن ملاحظة الجهات والحيثيات توجب ارتفاع التناقض بين المطلقين فيما إذا تقارب الجهات فلا يكون تعارض بين قوله في الغنم زكاة وبين قوله ليس في الحيوان الأسود زكاة وأنت خبير بأن عدم التعارض إنما هو الحق الحقيق بالتصديق لما عرفت من ارتفاعه حيث لا يلاحظ المعنى على وجه السراية والشيوع وبالجملة فبملاحظة موارد إطلاق المطلق في العرف من أقوى الشواهد ثم إن وروده في مقام بيان حكم آخر قد يكون واضحا جليا وقد لا يكون كذلك فيحصل الشك فهل يحكم بوروده في مقام بيان الحكم من جميع الجهات أو من الجهة المشكوك فيها أو لا وجهان مبنيان على دعوى الغلبة ومنعها ومجال الكلام فيه واسع تذنيب ما ذكرنا من عدم السراية إلى الجهة التي لم يرد المطلق في بيانها إنما هو إذا لم يكن لتلك الجهة ملازمة عقلية أو عادية أو شرعية للجهة التي ورد في بيانها لا مثل ما ورد في صحة الصّلاة في ثوب فيه عذرة ما لا يؤكل لحمه من جهة النجاسة عند عدم العلم بها فإنها تدل على صحة الصلاة في أجزاء ما لا يؤكل عند عدم العلم بها إذا كانت النجاسة من الأجزاء لعدم الانفكاك بينهما على هذا التقدير فلو حمل على نفس الجهة التي ورد في بيانها للزم الغاية بالمرة ومثله أيضا أنه سئل الإمام عليه السلام عن الكافر إذا وقع في البئر ومات قال ينزح سبعون دلوا فإنه وإن ورد من جهة النجاسة من حيث إنه كافر لكن النجاسة الحادثة بالموت نظرا إلى الإطلاق لا يمكن أن يكون أزيد منها وإلا لغا الكلام ويبقى بلا مورد ومثله ما ورد من طهارة سؤر الهرة حيث إن الغالب عدم خلوّ موضع السؤر عن النجاسة فيحكم بكون السؤر طاهرا مطلقا ولو كان قبل الملاقاة ملاقيا بالنجاسة بل وذلك هو عمدة الوجه في اتّكالهم على طهارة الحيوان بزوال النجاسة فراجع ومثله الاستدلال بعمومات البراءة الواردة في الشبهة الموضوعية البدوية على حلية أطراف الشبهة الغير المحصورة لعدم انفكاك هذه الجهة في الأغلب عنها فلما لم يدل على هذه الجهة يبقى تلك العمومات عادم المورد لأن النادر كالمعدوم إلى غير ذلك من الموارد لا يكاد ضبطها ولا خفاؤها على الملاحظة المتتبع واللَّه الهادي هداية إذا ورد مطلق ومقيد فإما أن يكون المحكوم به متحدا أو متعددا وعلى التقديرين فهما إما منفيان أو مثبتان أو مختلفان وعلى التقادير إما أن يكون الموجب فيهما مذكورا أو لا وعلى الأول إما أن يكون الموجب واحدا أو متعدّدا وتنقيح البحث في طي مقامات المقام الأول فيما إذا كان المحكوم به متعددا بجميع الصور المفروضة لا حمل كقولك أطعم فقيرا واكس فقيرا هاشميّا لعدم ما يقضي بالحمل ضرورة عدم ارتباط أحدهما بالآخر إلَّا أن يكون هناك ما يقضي بذلك من توقف أحد الموضوعين على الآخر كقولك أعتق رقبة ولا يملك رقبة كافرة فإن توقف العتق على الملك أوجب تقييد الرقبة بالمؤمنة وعند التحقيق ذلك خارج عما نحن فيه فإن قولك أعتق بمنزلة أملك رقبة وأعتقها بواسطة التوقف فيدخل في المتحدين هذا إذا كان اختلافهما على وجه التباين الكلي وأما إذا كان بينهما عموم من وجه فلا حمل أيضا إلا أنه يمكن الحكم في مورد اجتماع الفعلين بالامتثال إذا تعلق الأمر بهما ولعله ظاهر وأما إذا كان بينهما عموم مطلق فكما إذا كان بين متعلقيهما كذلك الثاني إذا إذا اتحد المحكوم به فمع تعدد الموجب كقولك إن ظاهرت أعتق رقبة وإن قلت أعتق رقبة مؤمنة فلا حمل أيضا كما عليه أصحابنا الإمامية أجمع على ما حكي لعدم ما يوجب ذلك من العقل والنقل لعدم التنافي بينهما وحكي عن بعض أهل الخلاف أنهم خالفوا في ذلك وقالوا بالحمل وشذوذه يكفي في الإعراض عنه المقام الثالث إذا اتحد الموجب مذكورا أو مستورا وكان الكلامان مثبتين فالمشهور على الحمل بل وعليه الإجماع صريحا في كلام جماعة من أصحابنا كالعلامة والعميدي والبهبهاني وغيرهم كالآمدي والحاجبي والعضدي ولعل ذلك هو الواقع أيضا فإذا قال القائل أعتق رقبة وأعتق رقبة مؤمنة مجردين عن ذكر الموجب أو مضافين إلى قوله إن ظاهرت فالعرف إنما يساعد على الحمل المذكور وإن المراد بالمطلق هو المقيد وهو راجع إلى التقييد وإن توهم اختلافهما كما هو ظاهر فاستدل الأكثرون
220
نام کتاب : مطارح الأنظار نویسنده : الشيخ الأنصاري جلد : 1 صفحه : 220