نام کتاب : مطارح الأنظار نویسنده : الشيخ الأنصاري جلد : 1 صفحه : 219
كان الوجه في شيوعه أيضا ما ذكرنا هداية قد عرفت أن حمل المطلق على الإطلاق موقوف على أمرين أحدهما عدمي والآخر وجوديّ ويتولد من كل واحد منهما شرط للحمل على الإطلاق كما أفاده بعض المحققين في فوائده الأول أن لا يكون منصرفا إلى بعض الأفراد والوجه في ذلك الاشتراط ظاهر بعد قيام الانصراف مقام التقييد اللفظي إلا أنه لا بد من توضيح موارده فنقول إن له أقساما أحدها الشيوع الخطوري بمعنى خطور بعض أقسام المعنى في الذهن بواسطة استئناس حاصل به مع القطع بعدم كونه مرادا بالخصوص كانصراف الماء إلى ما هو المتعارف شربه في البلد كالفرات في العراق مثلا ثانيها ما هو أقوى من ذلك مع ارتفاعه بالتأمل وهو المسمّى بالتشكيك البدوي وثالثها أن يكون الشيوع موجبا لاستقرار الشك واستمراره على وجه لا يزول بالملاحظة والتأمل نظير الشك الحاصل في المجاز المشهور عند التردد في وصول الشهرة حدّا يمكن معها التصرف إلا أنه في المجاز محكوم بإرادة الحقيقة نظرا إلى أصالتها وفي المقام محكوم بالإجمال نظرا إلى أن الحكم بالإطلاق مما لا قاضي به أما على المختار فلأن بعد احتمال البيان قويا لا ضير في ترك الإطلاق ولا يجري فيه أصالة الحقيقة وما على المجازية فلأن شيوع هذا المجاز هو الفارق بينه وبين غيره من عدم جريان أصالة الحقيقة عند احتماله ورابعها بلوغ الشيوع حد الشياع في المجاز المشهور عند تعارضه مع الحقيقة المرجوحة إلا أنه يحكم في المجاز بالتوقف وبالتقييد في المقام أما على المختار فلما عرفت من صلاحيته للبيان وبعد وجود ما يصلح له لا يحكم العقل بالإطلاق من غير فرق بين القرينة الداخلية أعني الشيوع وغيرها وما توهم من أن الشيوع لا يصلح أن يكون دليلا على الخصوصية والتقييد ليلزم منه كون المطلق حقيقة بل إنما هو صالح لأن يراد من المطلق المقيد فيكون مجازا حينئذ لا محالة فهو فاسد إذ لم نجد ما يقضي بذلك فكما أنه يمكن ذلك فيه فما نحن فيه أولى به وأما على المشهور فلوضوح الفرق بين المجازات كما عرفت ولعل الوجه هو الأخذ بالمعلوم فإن المقيد هو القدر المتيقن على دخوله في المطلق إلا أن ذلك خلاف الاحتياط عند عدم التمكن من المقيد فلا بد من بيان ما هو الملاك في التقييد نعم يتم ذلك في مقام العمل فتأمل وخامسها بلوغ الشيوع حدّ الاشتراك ثم النقل وقد يتوهم على المختار من عدم لزوم مجاز في التقييد بلوغه ذلك الحدّ مشكل لأن المعنى الموضوع له محفوظ في جميع المراتب ولا يختلف باختلاف الوجوه كما عرفت والعقل مسبوق بالمجاز لا محالة فكيف يتصور ذلك والجواب عن ذلك أن ما ذكرنا إنما هو في مقام بيان عدم ملازمة بين التقييد والمجاز وإلا فقد يمكن أن يكون التقييد مجازا كأن يراد من لفظ المطلق الموضوع لنفس المعنى المقيد بواسطة القرينة ولا امتناع في ذلك كيف والعموم والخصوص من العلائق التي تراعى بين المعاني الحقيقة والمجازية ومن موارد تلك العلاقة استعمال الكلي والمطلق في الفرد والمقيد فيمكن حصول النقل بملاحظة هذا النحو من الاستعمال نعم ذلك غير ممكن على الوجه الآخر الذي لا يلزم على تقديره مجاز مع أنه يمكن القول بإمكانه على ذلك التقدير أيضا كأن يكون الذهن غير ملتفت إلى ما يوجبه التقييد لكثرة استئناسه بما يوجب التقييد فينتقل تارة بعد تأكيد الأنس إلى المقيد مع قطع النظر عما يوجبه نظير حصول النقل على وجه المجازية أيضا ثم إن الانصراف كما يختلف مراتبه كما عرفت كذلك يختلف مراتبه لأنه بمنزلة التقييد بل هو بعينه إلا أن المقيد هنا لبيّ فقد يكون اللفظ من إحدى الجهات منصرفا ومطلقا من جهة غيرها ويلحق لكل جهة حكمها من دون سراية إلى الأخرى ولو شك في الانصراف أو في بلوغه حدّا لا يؤخذ معه بالإطلاق ففي الأخذ به أو عدمه وجهان ولعل الأول أقرب لعدم العلم ولا ما يقوم مقامه من أصل ونحوه بالبيان فاعتبار المتكلم على ذلك فسنخ ولا رافع له من حكم العرف بالبيان فتأمل تفريع إذا قام إجماع أو نحوه على ثبوت حكم المنصرف إلى الشائع للفرد النادر فهل يوجب ذلك الحكم بإطلاقه من جميع الجهات التي يكون منصرفا بالنسبة إليها أو لا فيقتصر على ثبوت الحكم لذلك المورد بالخصوص ويؤخذ بالانصراف في الجهات الباقية وجهان بل قولان فالمشهور على الثاني ونسب إلى الشريف المرتضى الأول حيث حكم بجواز التطهير بالمضاف خلافا للمشهور لذهابهم إلى عدم الجواز لانصراف الغسل إلى ما يحصل بالماء المطلق فقال المرتضى إن الغسل بالمضاف كما أنه من الأفراد النادرة فكذلك الغسل بماء الكبريت ونحوه من الأفراد النادرة أيضا والإجماع على جواز التطهير بأمثال ماء الكبريت وبذلك يستكشف عن كون المراد هو المطلق على وجه الإطلاق وقال بعضهم إن الحق في ذلك التفصيل بأن يقال إن علمنا أن مستند الإجماع على تعلق الحكم الكذائي ببعض الأفراد النادرة هو تعلق الحكم على المطلق ليكون فتوى المجتمعين مستندا إلى ظاهر الإطلاق فالتعويل على ما اختاره الشريف المرتضى كما هو كذلك في الفرع المتنازع فيه فلا وجه لردّ السيد بالانصراف ولا بد له من إبداء وجه غيره وإن لم يعلم ذلك فلا إذ لعل هناك دليلا خاصّا دل على تعلق الحكم المذكور بخصوص هذا الفرد النادر كما لا يخفى ومما ذكرنا يظهر أن النسبة المذكورة مما لا دليل عليها فإن السيّد حكم بالإطلاق في ذلك المورد الخاص لا مطلقا وهو في محله ويمكن أن يقال إن ذلك غير وجيه بعد تعدد جهات الإطلاق والانصراف فإنهم لو استندوا إلى الإطلاق من جهة خاصة لا ملازمة بين ذلك وبين استنادهم إليه من جهة أخرى فإن الانصراف أيضا كما عرفت من التقييد فكما لا ينافي ورود التقييد اللفظي الأخذ بالإطلاق في جهة ولم يرد فيها فكذلك الانصراف ولكنه لا بد من التأمل من حيث نسبة ذلك إلى من هو أعرف منّا
219
نام کتاب : مطارح الأنظار نویسنده : الشيخ الأنصاري جلد : 1 صفحه : 219