نام کتاب : مطارح الأنظار نویسنده : الشيخ الأنصاري جلد : 1 صفحه : 217
كما هو ظاهر وإلى ما ذكرنا يشير السيّد المتقدم بقوله إنه يمكن العمل بالمطلق والمقيد من دون إخراج عن حقيقته بأن يعمل بالمقيد ويبقى المطلق على إطلاقه فلا يجب ارتكاب مجاز حتى يجعل ذلك وظيفة المطلق فإن مدلول المطلق ليس صحة العمل بأيّ فرد كان حتى ينافي مدلول المقيد بل هو أعم منه ومما يصلح للتقييد بل المقيد في الواقع أ لا ترى أنه معروض للقيد كقولنا رقبة مؤمنة وإلا لزم حصول المقيد بدون المطلق مع أنه لا يصلح لأيّ رقبة كانت فظهر أن مقتضى المطلق ليس ذلك وإلا لم يتخلف فيه انتهى قوله فإن مدلول المطلق ليس والوجه فيه ما عرفت من أن هذه الملاحظة من أطوار المعنى وشئونه ومدلول اللفظ ليس إلا نفس المعنى قوله بل هو أعم منه ومما يصلح للتقييد بل المقيد والوجه فيه هو ما عرفت من أن اللفظ موضوع لنفس المعنى الذي هو المقسم في الأقسام المعتبرة في المعنى وإن كان أحد أقسامه وهو ما يصلح التقييد المعبر عنه بالماهية لا بشرط أيضا نفس ذلك المعنى من غير اختلاف بينهما إلَّا بمجرد الاعتبار كما عرفت وكلمة بل في قوله بل المقيد ليست للإضراب كما زعمه بعض الأجلة بل هو للترقي والوجه فيه هو أن المقيد هو ذلك المعنى القابل للتقييد الذي عرضه التقييد بواسطة تلك القابلية وذلك لا يوجب خروج المعنى عما كان عليه بل هو هو ولذلك يصح الحمل عليه ولو لا أن اللفظ موضوع لنفس المعنى لم يصح الحمل في قولك زيد إنسان من دون تأويل وخروج عن الظاهر وبطلان التالي كنفس الملازمة ظاهر جدّا إذ الماهية الملحوظة على وجه السراية والشيوع ليست متحدة مع الموضوع بل المتحد معه هو نفس المعنى على وجه لا يمازجه شيء غيره فقضية صحة الحمل بدون تأويل كون اللفظ موضوعا لنفس المعنى القابل للتقييد والشيوع والسراية خارجة عنه ولعمري إن ذلك من المعاني الظاهرة التي لا ينبغي خفاؤها على أحد ولعله أيضا غير خفي في غير المقام إلا أنه ظهر من بعضهم كلمات تخالف ما ذكرنا فالقول بالمجازية مما لا نعرف له وجها والذي يقضي بذلك مضافا إلى ما عرفت أن المركبات لا بد لها من وضع شخصي أو نوعي به يدل على ما هو المقصود من التركيب من توصيف أو إضافة أو اتحاد ففي قولنا رقبة مؤمنة لفظ الرقبة يدل على الموصوف كالمؤمنة على الصفة والهيئة على التوصيف وكل واحد من هذه المعاني مما يدل عليه لفظه بدون مشاركة القرينة أو العلاقة فمن أين يحكم بكونه مجازا ولما ذا يلزم وما الداعي إلى التزامه فإن قلت إن ذكر الصفة قرينة على إرادة الموصوف من حيث اتصافه بالصفة قلت كلَّا فإن هذه الحيثية إنما يصح انتزاعها من الموصوف بعد ذكر الصفة فكيف يمكن اعتبارها في لفظ الموصوف فإن قلت إن المتبادر من المطلق هو الإشاعة والسراية ولذا لا يتأمل في الحكم بصحة أيّ فرد كان بعد السّماع لقولك أكرم رجلا ونحوه قلت إن أريد أن نفس اللفظ إنما يستفاد ذلك منه فهو ممنوع بل هو مقطوع الفساد لوجود أمارات خلافه على وجه القطع وإن أريد أن اللفظ بمعونة المقام كما ستعرف تفصيله يستفاد منه ذلك فهو مسلم لكنه لا يرتبط بما ذكر بوجه من غير فرق فيما ذكرنا بين موارد استعماله من الأخبار كما في قوله تعالى وجاء رجل من أقصى إلى آخره أو الإنشاء كما في قولك أكرم رجلا لاتحاد المناط فيهما والقول بأن الرجل على وجه الإهمال مما يمتنع تعلق الحكم الشرعي به فلا بد من أن يراد به إما الإطلاق بمعنى الماهية ملحوظة على وجه السراية أو خصوص المقيد مثل زيد بخلاف الأخبار فإنه يعقل أن يخبر عن عنوان الرجل ولو على وجه الإجمال والإهمال وهذا هو الوجه في الفرق بين المقامين مدفوع بأن ذلك إنما يتم فيما لو كان المقصود من الأمر المتعلق بالماهية المهملة هو بيان تمام المراد والمقصود كما أنه لو كان المقصود الإخبار عن تمام من قام به السّعي في الآية الشريفة لم يصح في بيانه الانتفاء وأما إذا كان المراد بيان بعض ما هو المطلق فلا بأس به ولا ضير فيه كما هو كذلك في الآية الشريفة فالفرق مما لا وجه له وممّا يدل على ما ذكرنا أنه لو فرض لماهية واحدة إرسال من جهات عديدة فقيدت من إحدى الجهات فعلى القول بالمجازية لا بد وأن يكون لانسلاخ الشيوع والسراية من تلك الجهة من اللفظ والمفروض عدم التقييد من جهات أخرى فالشيوع باق بحاله من جهتها ولا بد أن يكون حقيقة من تلك الجهة فيلزم كون اللفظ الواحد في استعمال واحد حقيقة ومجاز أو هو باطل جدّا وبعد ملاحظة أن جميع المطلقات مما لا يخلو عن تقييد ما يلزم كون جميعها حقيقة ومجازا والقول بأن ذلك نظير العام المخصوص فإنه إما أن يكون حقيقة أو مجازا باطل للفرق بين المقامين كما لا يخفى مضافا إلى أن ذلك في المقام محل كلام نظرا إلى أن أغلب التخصيصات فيه راجع إلى التقييد فتأمل حتى تهتدي إلى المرام ومما يشهد بما ذكرنا كثير من موارد استعمال الألفاظ المطلقة كقول الطبيب لمن حاول أن يعالجه أنه لا بد لك أن تشرب الدواء ولا يجوز أن يؤخذ بإطلاقه فيشرب كل ما هو يصدق عليه الدواء فإن أمثال هذه الاستعمالات في العرف فوق حد الإحصاء ولا ريب في أنها خالية عن أمارة المجاز مضافا إلى مساعدة أمارة الحقيقة عليها كما يظهر بعد التأمل الصادق في مواردها ومن هذا القبيل جملة من الأوامر الشرعية التي يختلف تفاصيل مواردها على حسب اختلاف موضوع المكلفين سفرا وحضرا صحة ومرضا اختيارا واضطرارا إلى غير ذلك مثل قوله تعالى أقيموا الصّلاة بناء على القول بوضع الصّلاة للأعم فالمراد من ذكره بيان أصل المشروعية وأما تفاصيل ذلك فهي موقوفة على بيان آخر في مورد آخر كما هو كذلك أيضا ولذا لا يحسن الاستفهام عند الاطلاع على مثل الواقعة الواردة في مقام الإهمال فإنه لازم للإجمال سواء كان في الاشتراك اللفظي أو في الاشتراك المعنوي ثم إنه لا فرق فيما ذكرنا بين اتصال القيد بالمطلق كقولك رقبة مؤمنة وانفصاله عنه كقولك أعتق رقبة مؤمنة بعد الأمر بالمطلق فإن ما عرفت من الوجوه متساوية النسبة إليهما ولا وجه لما تخيله البعض من أنه على تقدير الانفصال لا بد وأن يراد من المطلق خصوص المقيد على وجه المجازية لإمكان أن يراد به
217
نام کتاب : مطارح الأنظار نویسنده : الشيخ الأنصاري جلد : 1 صفحه : 217