نام کتاب : مطارح الأنظار نویسنده : الشيخ الأنصاري جلد : 1 صفحه : 216
في الجملة فيصدق على المقيد أيضا فتأمل وعرّفه جماعة منهم الشهيد بأنه اللفظ الدال على الماهية من حيث هي هي والمراد من الماهية أعم من الماهية الغير الملحوظة معها شيء كالحيوان مثلا من دون ملاحظة لحوق فصل من فصوله له ومن الملحوظة معها شيء كالحيوان الصّاهل كالرقبة المؤمنة من غير فرق بين التعبد عنها بما يكشف عن تلك الماهية المركبة على وجه الإجمال كالفرس في المثال المذكور أو على وجه التفصيل كما في المثال المذكور فيشمل الحدّ لما هو غير مقيد أصلا ولما هو مقيد لكنه ملحوظ من جهة إطلاقه في حصصه وأفراده فإنه يصدق عليه أيضا أنه دال على الماهية من حيث هي هي ولا يوجب انحصار المطلق فيما لا تقييد فيه كما في جنس الأجناس إذ لا فرق قطعا بين الإجمال والتفصيل كما لا يخفى وأما الماهية الملحوظة صح التشخيص وإن كان على وجه الإبهام كما في النكرة فالظاهر عدم انطباق الحد عليها كما لعله ظاهر ولا يمكن إدراجها تحته إلا بتكلف فاسد فالإنصاف أن الحدين كلاهما قاصران عن بيان ما هو المراد من المطلق كما يظهر من تضاعيف كلماتهم ومطاوي موارد إطلاقها فإن الحد الأول لا يصدق على اللفظ الدال على الماهية المطلقة والثاني لا يصدق على النكرة مع أن القوم قد تعاملوا مع كل واحدة منهما معاملة المطلق وأجروا عليها أحكامه من غير فرق بينهما بوجه وقد يتخيّل زيادة قسم ثالث للمطلق وهو الإطلاق المستفاد من الأوامر عند الشك في كونها مشروطة أو مطلقة وهو وهم لما قررنا من أنه راجع إلى إطلاق المادة وعلى تقدير عدمه فلم يعلم وجه المغايرة كما هو ظاهر ولا يبعد إحالة التحديد إلى ما هو المستفاد من لفظ المطلق لغة فإنه فيها ما أرسل عنانه فيشمل الماهية المطلقة والنكرة والمقيد بخلافه فهو ما لم يرسل عنانه سواء كان مطلقا ومرسلا ثم لحقه التقييد فأخذ عنانه وقلّ انتشاره مثل رقبة مؤمنة لا من حيث إطلاقه وإرساله أو لم يكن مرسلا من أول الأمر كالأعلام الشخصية ونحوها ولكن إطلاق المقيد عليها من قبيل ضيّق فم الركيّة وهذا الاستعمال في غاية الشيوع بينهم ولا يرد على المطلق أسماء العدد فإنها لا إرسال فيها كما هو ظاهر واللَّه الهادي إلى سبيل الرشاد هداية الحق كما عليه جماعة من أرباب التحقيق أن التقييد لا يوجب مجازا في المطلق من جهته وأول من صرح بذلك من أئمة الفن على ما اطلعت عليه هو السيّد السلطان وإن كان يظهر ذلك من جماعة من المحققين في غير الفن كما لا يخفى على المتدرّب وذهب بعضهم إلى أنه مجاز بل نسب إلى المشهور ولا أظن صدق النسبة وفصّل ثالث بين التقييد بالمتصل فاختار ما اخترناه وبين المنفصل فذهب إلى أنه مجاز وتحقيق المقام موقوف على تمهيد وهو أن الماهية يمكن اعتبارها على وجوه مختلفة فتارة تعتبر على وجه التقييد بشيء خاص وقيد مخصوص سواء كان ذلك القيد مما يقتضي حصرها في شيء خاص كما في ماهية الإنسان الملحوظ معها خصوصية زيد على وجه لا يمكن التعدي عنه أو كان مما يقضي بعدم حصرها في شيء خاص مثل ما يلحق الإنسان من الاعتبار الموجب لكفاية الإكرام لكل فرد منه في مقام الامتثال لو تعلق الأمر بإكرامه ولا ريب أن ذلك اعتبار زائد على نفس المعنى ولا يلازمه دائما لجواز انفكاكه من الماهية وهذا هو المعبّر عندهم بالماهية بشرط شيء وأخرى تعتبر على وجه عدم التقييد وهي المرسومة عندهم بالماهية بشرط لا وهذه مما لا يتحقق لها حكم علمي لعدم إمكان تحققها إلا في الذهن إن كان القيد الملحوظ عدمه فيها هو الوجود أو ما يلازمه وأخرى تلاحظ على وجه الإرسال وعدم ملاحظة شيء معها من أمر وجودي أو عدمي فهي في هذه المرتبة ليست إلَّا هي ويمكن حذف جميع ما عداها وسلبها عنها كما أنها في هذه المرتبة يحمل عليها الأضداد وهي الموسومة عندهم بالماهية لا بشرط شيء والتي يرتفع عنها النقيضان بمعنى عدم أخذهما فيها كما هو الموضوع لهما أيضا من دون حاجة لأن يلاحظ معها قيد في صحة حمل الأضداد أو المتناقضين عليها كيف وتلك القيود لا بد من رجوعها إلى الأضداد وهي ثابتة لها من دون قيد دفعا للتسلسل ولا فرق بين هذا القسم والمقسم إلا بمجرد الاعتبار والملاحظة على وجه حررناه في غير المقام وملخّصه أن القسم يمايز المقسم بالالتفات إلى أنه في تلك الحالة كذلك وهو غير ملتفت به في المقسم وإن كان هو أيضا كذلك وما ذكرنا أنما يجري بالنسبة إلى جميع القيود التي يمكن اعتوارها على أمر سواء كان ذلك الأمر مما قد لوحظ معه شيء آخر غير ما فرض كونه لا بشرط بالنسبة إليه أو لا وإذ قد تقرر ذلك نقول إن اللفظ المطلق بكلا قسميه إنما هو موضوع للمعنى اللابشرط الذي لم يلاحظ فيه وجود القيد وعدمه من القيود التي يمكن لحوقها له سواء كان ماهية غير مقيدة بفرد كما هو مقتضى التحديد الثاني أو نكرة لأن المفروض فيها أيضا إمكان اعتوار القيود المعينة للتشخص المبهم المأخوذ فيها فالموضوع له هو نفس المعنى الذي قد يكون ذلك المعنى واحدا وقد يكون هو بعينه في عالم نفس المعنى كثيرا وقد يكون أبيض حال كونه أسود إلى غير ذلك ولا ريب في أن المعنى بعد ما كان على هذا الوجه لا يعقل أن يوجب التقييد فيه اختلافا وبعد عدم اختلافه في جميع مراتب تقلباته وأنحاء ظهوره ومراتب وجوده لا يعقل أن يكون التقييد مجازا لأنه هو بعينه في جميع مظاهره وأطواره وشئونه ومن تلك الأطوار ظهوره على وجه السّراية والشيوع فالماهية في هذه الملاحظة ملحوظة بشرط شيء لما أشرنا إليه من أن الشيء المشروط به أعم من ذلك ومن غيره ولذلك تكون القضية التي اعتبر موضوعها على هذا الوجه من المحصورة في وجه وبالجملة فمتى اعتبر مع نفس المعنى أمر غير ما هو مأخوذ فيه في نفسه فهو من أطوار ذلك المعنى سواء كان ذلك الأمر هو اعتبار الوجود الذهني فيه أو الخارجي أو اعتبار آخر غيرهما وفي جميع هذه الأطوار نفس المعنى محفوظ لا تبدل ولا تغير فيه بوجه وإنما المبدّل وجوه المعنى
216
نام کتاب : مطارح الأنظار نویسنده : الشيخ الأنصاري جلد : 1 صفحه : 216