نام کتاب : مطارح الأنظار نویسنده : الشيخ الأنصاري جلد : 1 صفحه : 209
المتصورة في الألفاظ إلى أن الشك في أحد التصرفين إذا كان مسبّبا عن التصرف في الآخر وفرضنا علاج ذلك الشك بإعمال أصل من الأصول الممهّدة لذلك فالظاهر تعيين التصرف في غير مورد العلاج كما يساعده الاعتبار بل لعله يوافقه حكم العرف أيضا وما نحن فيه من هذا القبيل فإن الشك في الاستخدام في الضمير إنما هو بواسطة الشك في عموم العام على وجه لو فرض التخصيص فيه علم بعدم الاستخدام ولو فرض عدمه في العام علم بالاستخدام في الضمير وبعد جريان أصالة العموم وعلاج الشك في العموم بالأصل يتعين التصرف في الضمير بالاستخدام لا يقال يمكن قلب الدليل فيؤخذ بظاهر الضمير المقتضي لمطابقته للمرجع وذلك يعين التصرف في العام بالتخصيص لأنا نقول إن الظاهر هو أنّ الشك في المطابقة إنما نشأ من الشك في المراد والسر في ذلك أن الاختلاف في الضمير لا يرجع إلى اختلاف المراد منه لظهور اختصاص الحكم في الضمير بالبعض وإنما هو اختلاف في نحو من أنحاء استعماله كما لا يخفى بخلاف الاختلاف في العام فإنه راجع إلى المراد قطعا على وجه لو أراد المتكلم الكل فتبعه نحو من الاستعمال في الضمير ولو أراد المتكلم البعض يلزمه نحو آخر منه وليس تلك الأنحاء مما يقصد ابتداء مثل قصد العموم والخصوص وذلك ظاهر لمن تدبر وأنصف من نفسه وبذلك يمكن القول بأن المسألة نظيرة لما تقدم من المجاز المشهور وورود الأمر عقيب الحظر وعلى ذلك التقدير يمكن الاستدلال بأصالة الحقيقة ما لم يعلم بالقرينة ولا يعارض بالأصل في الضمير فإنه تابع لجريان الأصل في المرجع وعدمه ولكنه ليس في محله لأن أصالة الحقيقة إنما هي تعتبر من جهة الظهور النوعي وقد عرفت إمكان منع إفادة الأصل لذلك نوعا في المقام لاحتمال ما يصلح أن يكون قرينة فإن قلت إن أصالة عدم القرينة جارية في المقام وبذلك يتم الاستدلال قلت إن مرجع الأصل المذكور إن كان هو الاستصحاب فهو موقوف على العلم بالحالة السابقة ومتى علمت بأن ذلك الشيء المحتمل لكونه قرينة لم يكن قرينة حتى يستصحب وإن كان هو الحكم بالعدم عند الشك في الوجود ولو لم يعلم الحالة السابقة فلا دليل على اعتباره نعم يصح التمسك بأصالة عدم وجود القرينة في الكلام بواسطة العلم به قبل التكلم أو بأصالة عدم التعويل عليها كذلك إلا أنهما لا يجديان لا لأنهما من الأصول المثبتة لاعتبارها في مباحث الألفاظ بل لما عرفت من أن الوجه في التعويل على الأصول المذكورة هو حصول الظن نوعا منها ولا نسلم حصوله ولو نوعا في المقام ولذلك لو فرض العلم بتعويل المتكلم بما يصلح أن يكون قرينة لم يحكم فإنه فعل قبيحا كما لا يخفى على من تدبر ومما ذكرنا يظهر أن الأوفق بالقواعد في المقام على تقدير الشك فيما ذكرنا من أن الشك في الاستخدام إنما هو تابع للشك في العموم هو التوقف لعدم الاعتماد على أصالة الحقيقة في مثل المقام ثم إن بعض الأجلة أورد كلاما في ترجيح التصرف في الضمير لا بأس بذكره تنبيها على ما فيه فقال إن الدليل الدال على عدم ثبوت الحكم المتعلق بالضمير لجميع أفراد مرجعه إنما يقتضي منع عموم الضمير دون المرجع فتعين فيه التخصيص واعتبار التصرف في المرجع من التصرف في الضمير لا يوجب التكافؤ لأن التصرف في مورد التعارض أولى وفيه ما مر من أن الضمير ليس من صيغ العموم بل هو من الكنايات فتارة كناية عن جماعة محصورة وأخرى عن غيرها فالمعارض لذلك هو المرجع قطعا غاية ما في الباب أنه بمنزلة تكرار لفظه فتارة يبقى على العموم وأخرى يخصّص سلمنا لكن الدليل الدال على عدم ثبوت الحكم المتعلق بالضمير بجميع أفراد المرجع لا يعارض خصوص ظاهر الضمير فإن نسبة ذلك الدليل إليها نسبة واحدة فإنه أوجب التعارض بينها إذ لو لم يكن ذلك الدليل لم يكن تعارض بينهما ولعله راجع إلى الأول فتدبر واللَّه الهادي هداية لا كلام في تخصيص العام بمفهوم الموافقة الراجع إلى دلالة اللفظ بحكم العقل على ثبوت الحكم في الأشدّ بطريق أولى وأما دلالة اللفظ على مساواة المدلول لغيره وهو المعبر عنه بلحن الخطاب في بعض الألسنة فهو على تقدير القول به أيضا لا ينبغي الكلام في التخصيص والوجه فيه أن السر في دلالة اللفظ على ثبوت الحكم في غير محل النطق مع أنه ليس مدلولا مطابقيا له هو أن المذكور في محل النطق إنما دل عليه باللفظ توطئة للوصول إلى حكم غيره فكان المذكور طريق إليه وإنما قصد به مجرد الإراءة فيكون دلالة اللفظ عليه أظهر من دلالة العام على العموم وإن لم يكن من مداليل اللفظ على وجه الصراحة والمطابقة حتى إنه يمكن أن يقال إن دلالة اللفظ على المفهوم أظهر من دلالته على المنطوق وإن كان مدلولا التزاميا لأنه المقصود بالإفادة ولا ينافي ما ذكرنا من دلالة اللفظ عليه كونه موقوفا على حكم العقل بالأولوية في غير محل النطق كتوقفه على القطع بالمناط لكونه طريقا لثبوت الدلالة اللفظية الالتزامية كما في غيره من موارد الالتزامات العقلية نعم ذلك ينهض وجها آخر لتقديم المفهوم على العموم بعد الغض عن عدم ظهور اللفظ في المفهوم ولم نقل بكونه من الدلالات اللفظية كما تعرفه بعد ذلك ولا فرق فيما ذكرنا بين أن يكون النسبة بين المفهوم والعموم عموما من وجه كما في قولك لا تكرم الفسّاق وأكرم خدام العلماء فالتعارض إنما هو في العالم الواجب الإكرام بالمفهوم ومحرّم الإكرام بالعموم أو كان المفهوم أخص كما إذا قيل أكرم خدّام العالم الفاسق أما الأول فلأن المفهوم في المقام قضيّة لبيّة لا يمكن التصرف فيها بنفسها بالتخصيص وإنما هو يتبع المنطوق فلا بد إما من التصرف في المنطوق بالقول بأن قولنا أكرم خدام العلماء إنما لا يراد منه وجوب إكرام الخدّام بإخراجه عن الظاهر بالمرة أو على تقديره فلا معنى للمنع من ثبوت الحكم للمفهوم لاستقلال العقل ثبوت الحكم على وجه الأولوية نظير استقلال العقل بوجوب المقدمة بعد فرض
209
نام کتاب : مطارح الأنظار نویسنده : الشيخ الأنصاري جلد : 1 صفحه : 209