نام کتاب : مطارح الأنظار نویسنده : الشيخ الأنصاري جلد : 1 صفحه : 204
اعتبار الوجود فيه أيضا ما هو خلاف التحقيق لا يقتضي ما زعمه من عدم الشمول فإن إطلاق الناس على غير الموجودين إنما هو باعتبار حال وجودهم ولا إشكال أنه حقيقة حينئذ على هذا القول الثالث هل النزاع المذكور عقلي أو لغوي يشهد للثاني ظاهر عنوان الحاجبي وصاحب المعالم وجماعة آخرين حيث إنهم جعلوا النزاع في عموم الصيغة وعدمه وظاهر أن هذا من الأبحاث اللغوية وإن كان البحث في العموم والخصوص ما يرجع إلى أمر عقلي من إمكان مخاطبة المعدوم وامتناعه إذ المدار في كون المسألة لغوية أو عقلية أنما هو على ما هو المسئول عنه في عنوانها دون ما ينتهي إليه مداركها كما يشهد له عدّ المسألة في عداد مسائل العام والخاص فإن إمكان مخاطبة المعدوم وامتناعه لا ربط له بها جزما ويؤيده ما احتج إليه التفتازاني من الشمول فيما إذا كان الخطاب للمعدومين والموجودين على وجه التلفيق فمجاز لا حقيقة ويؤيده استناده إلى التبادر في تشخيص معنى الخطاب ويحتمل قريبا أن يكون ذلك بواسطة تسجيل معنى الخطاب وتعيينه حتى يتمكن من دعوى الاستحالة والامتناع بل هو المصرّح به في كلمات جملة منهم وبالجملة فظاهر جملة من الأمارات يشهد للثاني وظاهر جملة أخرى يشهد للأوّل كإحالة المنكر الامتناع إلى الوجدان ورمي المخالف إلى المكابرة وصريح عنوان بعضهم كما تقدم عن بعض الأعاظم والإنصاف على ما ظهر لي بعد التأمل إمكان الجمع بين هذه الأمارات بل لا يبعد أن يكون هو الواقع في كلمات المتنازعين أيضا أن النزاع في أمر لغوي وهو شمول الصيغة للغائبين والمعدومين أو اختصاصها بالموجودين لكن الوجه في الاختصاص هو ما يدعيه المانع من امتناع حصول الخطاب حقيقة أو مجازا والوجه في الشمول هو ما يراه المجوز من إمكان ذلك حقيقة أو مجازا فلو لوحظ ما هو مناط القولين يمكن القول بأن النزاع عقلي ولو لوحظ نفس الخلاف يمكن القول بكونه لغويا ولكلّ وجهة هو مولَّيها ثم على تقدير النزاع العقلي قد عرفت إمكان جريانه بالنسبة إلى الخطابات التي لم يدل عليها تكاشف لفظي كقوله وللَّه على الناس إلا أنه غير مفيد كما أومأنا إليه وتوضيحه أنا لو قلنا بشمول الخطاب للمعدومين ففي أمثال يا أيّها الناس مما يكون في تلو أداة الخطاب لفظا عامّا لجميع أفراده المعدومة والموجودة فالمقتضي للحمل على العموم موجود لمكان ذلك اللفظ والمانع مفقود كما هو المفروض فيحمل على العموم بخلاف ما إذا لم يكن الخطاب مدلولا عليه بدلالة لفظية فإن غاية ما يكون هناك أن لا يكون مانع عن الخطاب بالمعدوم أما أنه خاطب وأراد بذلك الكلام الخطاب العام للمعدوم والموجود فلا قاضي به من اللفظ لإمكان اختصاص المخاطبة بشخص خاص مع عموم الحكم المستفاد من ذلك الكلام فكل ما لا مانع من أن يكون خطابا للمعدوم لا يكفي في القول بالعموم بل لا بد من وجود المقتضي أيضا ومما ذكرنا يظهر الوجه فيما قلنا من دخول نحو أنتم وافعلوا وأمثاله في النزاع حيث إن المخاطبة بها وأشباهها موقوفة على القصد وإرادة عموم الخطاب وشموله للمعدوم والغائب وذلك مما لا كاشف له ظاهرا بحسب الوضع ثم على تقدير النزاع اللفظي فهل الخلاف في الشمول على نحو الحقيقة أو في الأعم منه ومن المجاز أو في خصوص المجاز إمكانا على وجه لا خلاف في وقوعه على تقدير إمكانه أو وقوعا على وجه لا خلاف في إمكانه وجوه يمكن استفادة كل منها من مطاوي كلماتهم عنوانا واحتجاجا واعتراضا على ما هو غير خفي على المتتبع وإذ قد عرفت ذلك فاعلم أن المنقول منهم في المقام أقوال أحدها ما اختاره في الوافية على ما حكى من الشمول من دون تصريح بكونه على وجه الحقيقة أو المجاز الثاني الشمول حقيقة لغة حكاه البعض عن الفاضل النراقي أنه نسبه إلى بعضهم الثالث الشمول حقيقة شرعا ونفي عنه البعد الفاضل المذكور فيما حكي الرابع الشمول مجازا حكاه البعض عن التفتازاني وظاهره دعوى ذهابه إلى أن الخطابات القرآنية تعم الغائبين أو المعدومين على وجه المجازية فعلا وظني أنه ليس في محله فإن ما يظهر من كلامه المحكي دعوى إمكان الشمول على وجه المجاز ولم يظهر منه وقوعه نعم قد اختاره في المناهج على ما حكي ونقله عن والده في الأنيس الخامس إمكان الشمول على وجه المجاز بنحو من التنزيل والادعاء إذا كان فيه فائدة يتعلق بها أغراض أرباب المحاورة وأصحاب المشاورة ولعله المشهور كما قيل والأظهر عندي القول بإمكان الشمول على وجه الحقيقة إن أريد من المجاز المبحوث عنه في المقام المجاز في أداة الخطاب كما يظهر من جماعة منهم بعض الأجلة حيث صرّحوا بأن الأداة حقيقة في خطاب الموجود الحاضر واستعماله في غير ذلك سواء كان على وجه التغليب كما إذا انضم إلى الموجودين غيرهم أو غيره كما إذا اختص بغيرهم مجاز إن أريد من المجاز ما هو المعهود مثله في المجاز العقلي بمعنى أن التصرف إنما هو في أمر عقلي من دون سرايته إلى اللفظ وتحقيق ذلك أن أداة الخطاب إنما هي موضوعة لأن يخاطب بها والمخاطبة إنما تقتضي أن تكون إلى مخاطب يتوجه إليه الخطاب وذلك لا يعقل في حق المعدوم إلا تنزيله منزلة الموجود وادعاء أنه الموجود ومجرد ذلك يكفي في استعمال اللفظ الموضوع للمخاطبة من دون استلزام لتعرف آخر في اللفظ باستعماله في غير معناه وهل هذا إلَّا مثل استعمال الأسد في الرجل الشجاع بادعاء أنه الحيوان المفترس حقيقة وما يتوهم من أن الأسد مجاز حينئذ لأنه موضوع للحيوان المفترس الحقيقي لا الادّعائي فهو غلط فإن ادعاء كونه من الأسد ليس من وجوه المعنى حتى يقال إنه موضوع لغيره كما لا يخفى ومما ذكرنا يظهر فساد ما تابع فيه بعض الأجلة من امتناع تعلق الخطاب بمعناه الحقيقي وتوجهه نحو المعدوم فإن
204
نام کتاب : مطارح الأنظار نویسنده : الشيخ الأنصاري جلد : 1 صفحه : 204