نام کتاب : مطارح الأنظار نویسنده : الشيخ الأنصاري جلد : 1 صفحه : 203
في المقام أنه يجب الفحص إلى أن يرتفع ما يقتضي الفحص وقد عرفت أن ما يقتضي الفحص عندهم أمور فعلى القول باعتبار الظن الشخصي ومنع حصوله قبل الفحص لا بد من القول بكفاية الظن بعدم المخصّص عند حصول الظن بالمراد بعد الفحص وإن كان ذلك غير مرضي عندنا كما نبهنا عليه وعلى ما اخترنا من أن المانع عن العمل بالعام هو العلم الإجمالي وارتفاعه بالفحص يظهر أن الفحص يفيد القطع بعدم المخصّص الذي كان احتماله مانعا من الأخذ بالعموم وأما احتمال التخصيص البدوي فلا يمنع من العموم ويكفي في دفعه أصالة عدم المخصّص كما عرفت ذلك في دليل المختار مفصّلا فراجعه ثم إن مما ذكرنا في مناط وجوب الفحص يظهر أنه لا يجب استقصاء البحث في جميع أبواب الكتب الجوامع الفقهية والأخبارية بل يكفي في العمل بعمومات باب الطهارة استقصاء ذلك الباب إذ لا نعلم المعارض لذلك العام في غير الأخبار المذكورة في ذلك الباب فأصالة عدم المعارض والمخصص سليمة لا بد من الأخذ بها ولا سيما فيما إذا تفحّصنا عن المعارض في مثل كتاب الوسائل والكتب الفقهية المفصّلة المصنفة في زمان العلامة والشهيدين ومن تأخر منهم إلى زماننا فإنهم قد بالغوا في ضبط الأخبار وجمعها فلو فرضنا أن في باب لباس المصلي خبرا يناسب باب الطهارة فقد تعرضوا لذكره ولو بالإشارة الكافية لأهل الدراية فشكر اللَّه مساعيهم الجميلة وجزاهم اللَّه عن المسلمين والإسلام خير جزاء السابقين واللاحقين بمحمّد وآله الطيّبين الطاهرين هداية الحق إمكان شمول الخطاب للمعدومين على وجه الحقيقة وتوضيح المرام بعد رسم أمور الأول اعلم أن كلماتهم قد اختلفت في تحرير العنوان فقال في المعالم ما وضع لخطاب المشافهة نحو يا أيّها الناس ويا أيّها الذين آمنوا لا يعم بصيغته من تأخر عن زمن الخطاب وإنما يثبت حكمه لهم بدليل آخر وظاهر المثالين ولو بعد تصرف في الثاني بتجريده عن الماضوية أو بالقول بأن المناط اتصافهم بالإيمان حال وجودهم وتعبير الماضوية بالنسبة إليها كما قيل اعتبار أن يكون في تلو أداة الخطاب لفظ شامل للمتأخر عن زمن الخطاب لو لا المخاطبة فيرجع النزاع إلى أن لفظ الناس بعده توجيه لغير المخاطب في نفسه هل يصلح له بعد الخطاب أيضا لعدم ما يقضي بالتقييد والتخصيص أو لا يصلح لاقتضاء أداة الخطاب ذلك وقال بعض الأجلة في فصوله اختلفوا في أن الألفاظ التي وضعت للخطاب كيا أيّها النّاس هل يكون خطابا لغير الموجودين ويعمّهم بصيغته أو لا وأنت خبير بأنه لا يعقل النزاع في عموم صيغة الخطاب في قوله يا أيّها الناس على ما مثّل به ويقتضيه ظاهر الضمير في قوله بصيغته على أن البحث على هذا لا يلائم مباحث العام كما لا يخفى وقريب من ذلك في وجه ما عنون به بعض الأعاظم حيث قال اختلفوا في إمكان عموم خطاب المشافهة لغير الموجودين وعدمه ويمكن الذب عنه بأن المراد ليس عموم الخطاب بل عموم اللفظ الواقع في تلو أداته فينطبق على التحرير الأول إلا أنه لا يخلو عن تمحل في الأول فتدبر فعلى ما هو الظاهر من العالم الأورع في عدم شمول الخطابات الخاصة كيا أيّها الرّسول ويا أيّها المدّثر والمزمّل وأنت وأشباهها لعدم تعقل الشمول إلَّا على وجه بعيد كذكر المقيد وإرادة المطلق وأمّا مثل قولك أنتم وصيغ الجمع من الأمر الحاضر كافعلوا ونحوها فلا دليل على خروجه مع ظهور اتحاد المناط أيضا وحكي عن التوني التمثيل بذلك أيضا ومع ذلك فلا يخلو عن تأمل الثاني الخطاب بمعناه المصدري عبارة عن توجيه الكلام نحو الغير للإفهام وبعضهم أسقط القيد الأخير وظاهر المحكي عن الطريحي أنه معناه لغة وصرح به بعض الأعاظم أيضا وقد يطلق ويراد به الكلام الموجه نحو الغير للإفهام فيكون اسم عين والظاهر أنه مجاز من الأول من حيث إنه حاصل بسببه وزعم بعضهم أنه الحاصل لذلك المصدر فإن أراد ما هو المتعارف في غير المقام ففيه نظر واضح حيث إن الكلام ليس حاصلا لذلك المصدر بل هو أيضا مصدر آخر يعم نفس الكلام يمكن اعتباره حاصلا لمصدره كما لا يخفى وإن أراد حصوله بسببه ولو بوجه هو يرى وإن لم يكن حاصلا له فهو حق كما ذكرنا لكنه خلاف ظاهر كلامه ولعل المراد بالكلام معناه اللغوي فيشمل المخاطبة بنحو يا زيد لو لم نقل بكونه كلاما نحويا وكيف كان فما ذكر من معنى الخطاب يحصل بمجرد المواجهة بالكلام نحو الغير وإن لم يكن الكلام مقرونا بواحدة من أدوات الخطاب كالنداء ونحوه كما في قوله تعالى وللَّه على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا نعم قد يكون الكلام مقرونا بأداة الخطاب كما عرفت من التمثيل والظاهر أن النزاع إنما هو في الثاني لا في الأول إذ لم نجد مخالفا في شمول حكم الآية السّابقة لمن تأخر عن زمن الخطاب ولا يلازم ذلك مخاطبة المعدوم حتى يشاجر في إمكانه وامتناعه وليس هناك لفظ خوطب به حتى يقال إنه حقيقة أو مجاز ولا ينافيه اختصاص التوجيه والخطاب بواحد كما إذا وجه الخطاب بواحد وكان غيره مكلفا نحو قولك يا زيد يجب على عمر وكذا نعم لو فرض إرادة المواجهة بالكلام والمخاطبة به للمعدوم أو لغير الحاضرين توجه النزاع في أنه هل يمكن مخاطبة المعدوم أو لا ومما ذكرنا يظهر النظر في كلام المعالم في بحث الأخبار حيث قال إن أحكام الكتاب كلها من قبيل خطاب المشافهة وقد مر أنه مخصوص بالموجودين إذ الأحكام المستفادة من الكتاب قد تكون من قوله تعالى وللَّه عَلَى النّاسِ ولا نزاع في شموله لغير الحاضرين وإن اختص خطابه بهم على تقدير الامتناع وقد يذب عنه بأن الاختصاص بالحاضرين يستند إلى أن لفظ الناس حقيقة في الموجودين وهو خبط وخلط ولا يخفى على أحد إذ الظاهر أنه قياس اسم الجنس الواقع في تلو أداة النداء بغيره حيث إن المنادى على تقدير امتناع المعدوم يجب أن يكون موجودا حال النداء وأما اسم الجنس الخالي عن النداء فعلى
203
نام کتاب : مطارح الأنظار نویسنده : الشيخ الأنصاري جلد : 1 صفحه : 203