responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مطارح الأنظار نویسنده : الشيخ الأنصاري    جلد : 1  صفحه : 202


الرابع ما أشار إليه المستدل المتقدم واعتمد عليه في الوافية وقرره بوجه أتم بعض الأفاضل فقال الضرورة الدينية واقعة على اشتراكنا مع الموجودين المشافهين في التكليف ولازمه لزوم تحصيل تكليفاتهم ولا يمكن ذلك إلا بالرجوع إلى ما خوطبوا به وتحصيل تكليفهم منها لا يمكن إلا بتحصيل طرق فهمهم وهو الغرض من تأسيس الأصول اللفظية ولازم ذلك استخراج الأحكام من الأخبار بطريق استخراجهم وإذا علمنا أنّهم لا يتربّصون للفحص عن المخصّص كما معلوم لمن استعلم حال السلف فإن الصّحابة والتابعين كانوا يعملون بالعمومات ويحتجون بها على المتنازعين ولم يطلب أحد من المتنازعين في المسألة التوقف من صاحبه حتى يبحث عن المعارض فكيف نتربص في العمل بهذه العمومات فهل هذا إلَّا التناقض ومن هنا يظهر وجه آخر وهو تقرير الإمام العامل بها من دون فحص فيكون حجة أخرى على الخصم والجواب أن الضرورة الدينية واقعة على الاشتراك فيما إذا اتحد موضوعنا وموضوع المشافهين وأما إذا اختلفا موضوعا فالضرورة واقعة على عدم الاشتراك وما نحن فيه من الثاني لوجود العلم الإجمالي بكثرة المعارضات على وجه لا يجوز معه الرجوع إلى الأصول كما عرفت في دليل المختار لا يقال إن وجه الاختلاف في المقام مما يجب أن يكون موجودا فيهم أيضا فلا سبيل إلى دعوى اختلاف الموضوع لأنا نقول قد عرفت أن إبلاغ الرّسول للأحكام الدينية لم يكن دفعة واحدة بل إنما كان على وجه التدريج ولازم ذلك اختلاف موضوع المشافه بالخطاب الصادر في أول الشريعة والمشافه عند كمالها مثلا فيحتمل أن يكون الموجودون في زمن الأئمة من الصّحابة والتابعين لم يطلعوا إلا على العمومات لا تفصيلا ولا إجمالا على وجه يوجب الفحص لاحتمال أن يكون كل عام في نظرهم من أطراف الشبهة الغير المحصورة التي لا توجب الموافقة القطعية فإن قلت إنا لو لم نقل بوجود العلم الإجمالي لهم بأجمعهم فلا بد من القول به في زمان الصادقين عليهما السلام ومن بعدهما من الأئمة عليهم السلام ومع ذلك فلم نجد في زبرهم ما يبين فيه وجوب الفحص في العمل بالأدلة المعمولة عندهم قلت لا نسلم أنهم كانوا يعملون بالعمومات بعد العلم الإجمالي بكثرة المعارضات والمخصّصات بالأدلة والعمومات من دون فحص في زمان اجتماع الأخبار وانتظام الآثار فإن ذلك من مقتضيات الجبلة ولوازم الفطرة كما أشعرنا به فكيف يسوغ لك فرض العلم الإجمالي الموجب للفحص لرؤساء الشّريعة وأمنائها من أصحاب الأئمة عليهم السلام مع عدم فحصهم عن المخصّص كلَّا ثم كلَّا نعم حيث إنهم كانوا مشافهين للأئمة عليهم السلام وكان تأخير البيان عن وقت الحاجة غير محتمل عندهم فلذلك كانوا يقنعون بالعموم الملقى إليهم من دون الفحص ولا أقل من أن يكون أكثر العمومات الملقاة إليهم كذلك ومن أين علمنا أن القبيل الذي لم يكن وروده في محل الحاجة لم يتفحّص فيه الراوي ولا ملازمة بين وقوعه ونقله مع هذه الندرة لعدم عموم البلوى به ولذلك ترى أن أرباب التصنيف وأصحاب التأليف أخذوا فيهما ما قصروا في الفحص على وجه يعلم منه أن إتعاب أنفسهم في تحصيل الكتب العلمية وتحمّلهم لمشاق الفحص ولوازمه إنما هو لملزم شرعي أو عقلي لذلك إذ لم يعهد إلى الآن استمرار طريقتهم على الوجه المذكور على أمر غير لازم عندهم كما هو معلوم لمن أنصف وتأمل ومما ذكرنا يظهر الجواب عن التقرير المذكور في آخر الاحتجاج الخامس ما استدل به بعض الأفاضل من أخبار التسامح المستفيضة الواردة فيمن بلغه ثواب فإن إطلاق تلك الأخبار يدل على كون العامل بالعموم مثابا في جميع أفراده ولعمري أنه استدلال عجيب بعد ما عرفت من جهة الشك في المقام وأعجب منه استدلاله بقوله عليه السلام إلقاء الأصول وعليكم التفريع فإن المراد بالأصول العمومات وقد أمر بالتفريع وتطبيقها على الجزئيات من دون تقييد بالفحص وأغرب من ذلك الاستدلال بالأخبار الواردة في تعيين ما فيه الزكاة بعد ما سئل عنه فأجاب الإمام عليه السلام بأنها في تسعة وقال وعفا رسول اللَّه صلى ا لله عليه وآله عما سوى ذلك فقال الراوي عندنا شيء كثير مثل الأرز هل فيه الزكاة فردّ الإمام عليه السلام بأني أقول عفا عما سوى ذلك وتقول عندنا أرز فإن قياس حال المشافه الواقع في محل الحاجة بغيره قياس قد عرفت فساده وأمّا رواية التفريع فقد عرفت أن إطلاقها لا يجدي في مثل المقام واستدل أيضا بقوله تعالى لا يكلف اللَّه نفسا إلا وسعها ولا يكلَّف اللَّه نفسا إلَّا ما آتاها وتقريب الاستدلال بأمثال هذه الأدلة فيما نحن بصدده مما لا سبيل إليه للمنصف فكيف بإتمامها والتعويل عليها ولعمري أنه نظير الاستدلالات الموروثة عن بعض الأخباريين في المسائل الخلافية بينهم وبين المجتهدين مثل استدلالهم بالأخبار الواردة في فضيلة العلماء مثل ما دل على ترجيح مدادهم على دماء الشهداء على جواز تقليد الميت وهذه الأدلة من أقوى الأدلة على أن المستدل إنما لم يبلغ إلى ما هو المبحوث عنه في المقام وإلا فهو أجل من ذلك تذنيب اختلف القائلون بوجوب الفحص في مقداره فنسب إلى القاضي لزوم تحصيل القطع والأكثرون على كفاية الظن واحتج القاضي بأن القطع مما يتيسّر حصوله للمجتهد بالفحص فلا بد من تحصيله أمّا الأول فلأن الحكم المستفاد من العام إن كان مما كثر البحث عنه لم يطلع على ما يوجب تخصيصه فالعادة قاضية بالقطع بانتفائه ولو قبل الفحص وإلا فبحث المجتهد يوجب القطع بانتفائه إذ لو أريد بالعام الخاص لاطلع عليه فإذا حصل الفحص ولم يطلع عليه وجب النبأ على العموم وأما الثاني فلقضاء صريح العقل بعدم الاقتناع بالظن عند إمكان تحصيل العلم إلا أن يدل على ذلك دليل من الشرع وأجيب عنه بوجوه مرجعها إلى منع حصول القطع من الفحص فلا بد من الاكتفاء بالظن واعترض عليه المدقق الشيرواني بأن عدم إمكان حصول القطع في الغالب لا يوجب جواز الاكتفاء بالظن عند إمكانه فلا بد من الالتزام باشتراطه إلا إذا تعذر والتحقيق

202

نام کتاب : مطارح الأنظار نویسنده : الشيخ الأنصاري    جلد : 1  صفحه : 202
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست