نام کتاب : مطارح الأنظار نویسنده : الشيخ الأنصاري جلد : 1 صفحه : 199
الأصل ما لم يفد الظن بعد التخصيص والظاهر أن المستدل ممن لا يرى ذلك فلا بد من الأخذ بالأصل في المقام وبذلك يحصل الإطاعة الواجبة إذ المدار في تشخيص الإطاعة هو الرجوع إلى العقلاء والعرف وبعد ما فرضنا من أخبار أصالة العموم ولو عند عدم الظن عند العقلاء يصدق الإطاعة قطعا فلا موجب للفحص الثاني أنه لا إشكال في أن الخاص أقوى من العام والعمل بأقوى الدليلين واجب إجماعا ونصا فيجب تحصيله لكونه من الواجبات المطلقة وهو المراد من الفحص وفيه أنه لا يجدي مع قطع النظر عن العلم الإجمالي لوجود الفرق سندا كان أو دلالة لأن أصالة عدم المعارض لا مانع من جريانها في المقام كما يظهر بملاحظة حال الموالي والعبيد في أمثال أوامرهم ونواهيهم الثالث أنه لا سبيل إلى تخصيص المراد من العام إلا بأصالة عدم التخصيص وهي موهونة في المقام لأمور أحدها ما أفاده في الزبدة من ابتناء تلك الأصول على الظَّنون الشخصية كما هو ديدنه في مطلق الاستصحاب أيضا ما نبهنا عليه في محله وذلك على تقدير القول به لا وجه لعدم حصول الظن الشخصي من الأصل المذكور على تقدير انتفاء العلم الإجمالي لوجود المخصّص فإن دعوى حصول الظن فعلا من الأصل في غير ما نحن فيه دونه بعد تساويهما من حيث وجود المقتضي وعدم المانع فيهما معا مكابرة لا ينبغي الإصغاء إليه مضافا إلى أن المعنى أيضا فاسد لإطباق أهل اللسان على العمل بتلك الأصول ولم يحصل منها الظن إلا أن فيه إشكالا لو لم يكن تلك الأصول حجة شرعية تعبديّة كما احتمله بعضهم وإن كان ضعيفا جدا كما لا يخفى وجه الإشكال أنه لا يعقل اعتماد العقلاء على الشك إذا لم يكونوا متعبّدين لكونه ترجيحا بلا مرجح بل لا يعقل الاعتماد على الظن من حيث هو ظن ما لم يفرض ما ينسد معه احتمال الخلاف كما لا يخفى على المتدبر وثانيها ما قد يستفاد من مطاوي كلمات بعضهم كالمحقق القمي وغيرهم من أنه لا دليل على اعتبار تلك الأصول بالنسبة إلى غير المشافه أو من قصد تفهيمه باللفظ وتوضيحه أن من أراد استكشاف مراد المتكلم إما أن يكون مشافها ومخاطبا فعلا لا إشكال في استقرار السّيرة وجريان العادة على التعويل على الأصول المعمولة في الألفاظ في هذا القسم كاستقرارها وجريانها فيما إذا كان مرادا بالاستفادة ومقصودا للمتكلم وإن لم يكن مخاطبا فعليا ومشافها كما هو الحال في الكتب المؤلفة وما يرسم في سجل الأوقاف والوصايا والأقارير ونحوها والسر في ذلك بعد عدم احتمال السّهو ونحوه في كلام الحكيم المطلق وندوره على وجه لا يفتي في كلام غيره وأن المتكلم حيث علمنا بكونه في مقام الإفادة وعلمنا بكونه عالما بطرق التأدية واختلافها في مفادها فمتى حاول إفادة مطلوب يجب عليه التعويل على بابها لمعهود في إفادة ذلك المطلوب في عرفهم وإلا لم يكن في صدد الإفادة أو كان ولم يكن عالما بطريقها أو كان مقصرا في التأدية ناقضا لغرضه المنزه عن جمع ذلك العقلاء فضلا عن ربهم جلّ وعلا ومما ذكرنا يظهر الوجه في إضمار تلك الأصول وأنها ليست من جهة الاستصحاب ولذلك لم ينكره من أنكره على وجه الإطلاق وأنه يندفع الإشكال الذي أشرنا إليه آنفا فإن الشك في وجود القرينة يرتفع بعد فرض المقدمات المفروضة فتدبر في المقام وأما أن لا يكون مشافها ولا مرادا بالإفادة والاستفادة كما في الكتاب العزيز بناء على ما زعمه بعضهم من أنه ليس من قبيل تأليف المؤلفين وكما في الكلام المسموع من وراء الجدار لمن هو غير مخاطب به وغير مراد بالإفادة ففي هذا القسم لا دليل على اعتبار الأصول المعمولة في الألفاظ في تشخيص مراداتها إذ لو فرضنا إهمال بعض ما يوجب خفاء المراد من اللفظ بالنسبة إلى ذلك الغير لم يلزم على المتكلم قبيح وإذ قد تقرر ذلك نقول بأن حالنا في زماننا هذا حال من يريد استفادة الطالب من الكلام الذي لا يكون مخاطبا ولا مراد باستفادته منه كما ستعرف أمّا الأول فظاهر وأما الثاني فلعدم ما يقضي بذلك وقد عرفت عدم اعتبار الأصل حينئذ فلا بد من تحصيل القطع بعدم المخصّص أو ما قام الإجماع على قيامه مقامه وهو الظن الحاصل بعد الفحص وفيه أولا أن دعوى الإجماع على اعتبار الظن بعدم المخصّص على تقدير عدم اعتبار الأصل الفظي مجازفة صرفة نعم لا كلام في العمل بالأصل بعدم الفحص لكنه ليس بناء العامل به على عدم اعتباره كما هو المفروض في الدليل بل المقصود على ما يظهر منهم جعل الأصل بعد الفحص مثل الأصل قبل الفحص في كلام قصد إفهامه للغير مخاطبا أو غيره وبعبارة ظاهرة أن اعتبار الأصل على ما ذكره مبني على أصالة حجية الظن المطلق إذ بدونه لا وجه للعمل بالأصل بعد الفحص أيضا ما لم يحصل منه القطع وثانيا أن مدار العرف على الأخذ بالأصول المذكورة ولو في مقام لم يقصد إفهام العامل بتلك الأصول ولعل الوجه في ذلك أن الأغلب في المحاورات عدم التفرقة بين القسمين وأن من المشاهد عدم اختلاف حال المتكلم في التعبير عن مراده عند إرادة إفهام غير المخاطب أيضا وعدمها فإنه يبالغ في ما يفيد مقصوده من غير ملاحظة الفرق في المقامات وما ذكره وإن كان ممكنا إلا أن الواقع على خلافه على وجه لا يعمل بذلك الاحتمال عندهم مثل احتمال السهو والنسيان والخطإ ونحوه ويشهد بذلك ملاحظة حال السّلف فإن أصحاب الأئمة عليهم السلام كانوا إذا سمعوا خبرا من ثقة أو استند أحد المتخاصمين إلى ظاهر رواية اعتمدوا عليه وسكتوا وأخذوا بظاهر ما يقتضيه ظاهرها مثل المشافهين بل وملاحظة العرف أيضا يشهد بذلك فإنه لا يتوقف أحد في الشهادة فيما لو سمع من وراء الجدار إقرار زيد لعمر وبشيء وقد أبطلنا التفصيل المذكور في محله بما لا مزيد عليه ثالثها أن الأخذ بأصالة عدم التخصيص إنما يجب إذا كان ذكر العام وإرادة الخاص قبيحا وهو ممنوع لاحتمال وجود مصلحة داعية على إيراد العام غير مقترن بما هو قرينة على المراد من العام فلا قبح في إغراء المخاطب بالجهل ومن هنا يظهر أن إخفاء الحكم الواقعي ليس خلافا للطف الواجب على الحكيم كيف وهو واقع جزما ضرورة أن الأحكام
199
نام کتاب : مطارح الأنظار نویسنده : الشيخ الأنصاري جلد : 1 صفحه : 199