نام کتاب : مطارح الأنظار نویسنده : الشيخ الأنصاري جلد : 1 صفحه : 196
الوفاء به لعموم قوله أوفوا بالنذر وكل ما يجب الوفاء به يجب أن يكون صحيحا فيجب أن يكون الوضوء صحيحا أما الصغرى فبالعموم وأما الكبرى فللقطع بأن ما ليس صحيحا لا يجب الوفاء به وقد شاع التمسك بمثل ذلك في كلمات بعضهم كما لا يخفى على المتتبع وهو فاسد جدّا أما إجمالا فلأن النذر وأمثاله من العناوين الثانوية التي لا ترد إلَّا على محلّ يعلم قبوله له ولا يمكن استكشاف ذلك وأما تفصيلا فلأن الأحكام الواردة في الشريعة على ضربين أحدهما ما لا يؤخذ ضدّه في موضوع ذلك الحكم كإباحة السّكر وحرمة الخمر ووجوب الصّلاة ونحوها فإنه لا يعقل القول بأنه يباح السّكر الذي ليس بحرام فإنه في مقام إنشاء الإباحة التي في عرض الحرمة نعم يمكن تقييد موضوعه بأمر ذلك ليوجب الحرمة كأكل المسكر المضرّ مثلا وثانيهما ما يؤخذ في موضوعه أحد الأحكام المتعلقة بالأفعال بعناوينها الأولية كوجوب إطاعة الوالدين في الأمور المباحة أو الغير المحرّمة وكإمضاء وصايا الميت في غير الأمور المحرمة وكإجابة الأخ المؤمن في الأمور المباحة وقد اصطلحنا على قسميه الأول بالعناوين الأولية والثاني بالعناوين الثانوية فموضوع هذه الأحكام إنما أخذ فيه الجواز وليس الجواز ما يتفرع على وجوب النذر حتى يمكن استكشافه بالعموم بل يجب أولا إحراز الجواز مع قطع النظر عن لحوق هذه الأحكام للموضوع ثم بعد ذلك التمسك بالعموم في وجوب ترتيب الآثار ولو صح التمسك بالعموم في مثل المقام لم يبق لنا مشكوك من الأمور إلَّا ويمكن استكشافه من العموم كما إذا شك في جواز شرب مائع فيتمسّك بأدلة استحباب قضايا الحاجة ونشير فيما لو أراده مؤمن وهو باطل جدّا كيلا يختلط عليك الأمر في الموارد المتقدمة فإنها بعد تقاعدها متقاربة جدّا الثاني إذا علمنا أن زيدا مثلا مما لا يجب إكرامه وشككنا في أنه هل هو عالم وخصّص في هذه الموارد أو ليس عالما فلا يخصّص وأصالة عدم التخصيص تقول أنه ليس بعالم ولو تردّد زيد بين شخصين أحدهما عالم والآخر جاهل وسمعنا قول القائل لا تكرم زيدا يحكم بأنه زيد الجاهل لأصالة عدم التخصيص فنقول كل عالم يجب إكرامه بالعموم وينعكس بعكس النقيض إلى قولنا كل من لا يجب إكرامه ليس بعالم وهو المطلوب وعلى ذلك جرى ديدنهم في الاستدلالات الفقهية كاستدلالهم على طهارة الغسالة على أنها لا ينجس المحل فإن كان نجسا غير متنجس يلزم تخصيص قولنا كل نجس متنجّس الثالث الحكم المتعلق بالعام إذا علل بعلة فإن علمنا بعدم المطابقة عموما وخصوصا فالحكم يدور مدار العلة في التعميم والتخصيص كما إذا قيل لا تأكل الرّمان لأنه حامض فيخص بالحامض منه ويعم غير الرّمان أيضا ومجال لتوهم كشف الحموضة من العموم في المقام وأما إذا لم يعلم بالتخصيص فبأصالة عدم التخصيص يحكم بالمطابقة فكل رمّان يحكم بحموضته وذلك ظاهر في الجملة ولا بد من التأمل في الموارد كيلا يشتبه الأمر فيها فإنّ تشخيصها موكول إلى نظر آخر وهو المسدد الهادي هداية إجمال المخصّص يسري إلى العام فيوجب إجماله عند أكثر المحققين بل نفي الخلاف فيه جماعة وادعى بعضهم صريحا وينبغي أن يكون مرادهم من سراية الإجمال أنه لا يؤخذ بعمومه كما يؤخذ به فيما إذا لم يكن مجملا وليس مرادهم سقوطه عن الاعتبار بالمرة فلا يستفاد منه شيء بوجه من الوجوه ولعله يشعر بذلك تصريح جماعة بسقوطه من جهة إجماله فلو كان مبيّنا من جهة أخرى يلزم الأخذ لوجود المقتضي وانتفاء المانع ولا فرق في جهة البيان بين أن يكون المبيّن أمرا معلوما من جميع الجهات كما إذا قيل اقتلوا الكفّار إلا بعض اليهود فإن غير اليهود مما يجب الأخذ فيه بعموم العام فهم من دون حاجة إلى أمر آخر كما في جميع العمومات والمطلقات وبين أن يكون المبين أمرا مجملا كأن يعلم بالتكليف مجملا في مورد العام كما إذا قيل يجب الاجتناب من هذه الآنية إلا بعضها فإنه صريح في ثبوت التكليف إجمالا فيها وإن لم يعلم المكلف به شخصا فلا بد من الأخذ بالمعلوم فإن اقتضى العلم الإجمالي ثبوت التكليف في الجميع كما هو التحقيق في مورد الشبهة المحصورة فهو وإلا فلا بد من العمل بما يقتضيه الأصول في ذلك المورد وبالجملة فالمراد من نفي الحجية في العام المخصوص بالمجمل عدم الأخذ به في القدر الذي لا يمكن الاستكشاف وأما ما يمكن استكشافه تفصيلا كما في قولك أكرم العلماء إلا بعض النحويين إذا كان البعض معيّنا عنده ووجوب إكرام غير النحويين فلا إشكال عندهم في اعتباره أو إجمالا كوجوب إكرام بعض النحويين في المثال المذكور ثم الأخذ بما يقتضيه القواعد المقررة في أمثال المقام من لزوم الاحتياط في بعض الموارد والتخيير في آخر أو الرجوع إلى البراءة كما هو غير خفي على أحد ولا فرق في ذلك بين القول بأن العام المخصّص حقيقة في الباقي أو مجاز فإن التكليف التفصيلي مما لا يمكن استفادته منه والإجمالي ما لا مانع من استفادته لما قررنا من أن المجاز في العام المخصّص ليس على حدّ سائر المجازات التي على تقدير تعذر الحقيقة وتعددها يصير اللفظ مجملا ومما ذكرنا يظهر فساد ما قد يفصّل في المقام كما في المناهج من أن اختيار الجملة فيما إذا كان العام المخصوص حقيقة وعدمها إذا كان مجازا ويبين الحجية على الأول بما حاصله يرجع إلى الأخذ بما يستفاد من العام على وجه الإجمال وعدمها على الثاني بعدم ظهوره في شيء من المجازية وجه الفساد أولا أنه لم يظهر من القائل بالإجمال نفي الحكم الإجمالي المستفاد من الخطاب المجمل كيف وقد وضعوا لذلك بابا على حدة وثانيا أنه على تقدير المجازية أيضا يجب الأخذ بما هو المعلوم إجمالا لما عرفت من الفرق بين المجاز اللازم في المقام على تقدير المجازية وبين غيره كما أشرنا إليه ثم إن في كلامه مواقع للنظر يطلع عليها الخبير بموارد الكلام ومن أراد الاطلاع فعليه الرجوع إليه ونحن لا نطيل الكلام بذكره فراجعه ثم اعلم أن الإجمال على قسمين أحدهما أن يكون المراد مرددا بين المتباينين كقولك
196
نام کتاب : مطارح الأنظار نویسنده : الشيخ الأنصاري جلد : 1 صفحه : 196