نام کتاب : مطارح الأنظار نویسنده : الشيخ الأنصاري جلد : 1 صفحه : 188
ومدلولا حرفيا واحتمال أن يكون استعارة عما يصلح لإفادة ذلك ضعيف اللَّهم إلا أن يقال إن قولك لا رجل ولا مال وأضرابها غير محتاج إلى تقدير مخبر بل الكلام المذكور في قوة أن يقال لا شيء ورجل ولا شيء ومال ولا شيء وإله ففي الحقيقة يكون اسم لا محذوفا إلا أنه مع ذلك لا يخلو عن إشكال فإن التزام ذلك في المقام إنما هو بواسطة ما يلزم على القول بالاحتياج إلى الخبر من المحاذير كما هو المشهور وتلك المحاذير على تقدير عدم الحاجة أيضا ثابتة فإن إثبات عنوان الإلهية للَّه تعالى إما أن يكون بالفعل أو بالإمكان فعلى الأول لا يدل على نفي إمكان الغير وعلى الثاني لا يدل على ثبوت العنوان له تعالى فعلا غاية ما يتصور الفرق بينهما أنه على تقدير الاحتياج إلى الخبر إنما يتوجه الترديد المذكور بالنسبة إلى نفس الخبر وعلى تقدير عدمه إنّما يتوجّه بالنسبة إلى مادة القضية وكيفية ثبوت المحمول للموضوع وذلك لا يجدي في دفع المحذور قطعا ومن هنا التجأ بعضهم إلى القول بالنقل الشرعي في الكلام المزبور فالأوجه على ما صرح به بعض المحققين أن المنساق من ذلك ليس الإلهية للَّه تعالى فعلا وأما نفي إمكان غيره فإنما هو بواسطة ملازمة واقعية بينهما ولا يضر خفاء تلك الملازمة فإن ما اختفي منها إنما هو الالتفات إليها تفصيلا بمعنى عدم الشعور بعلمها وأما العلم بنفس الملازمة فإنما هو مما فطر اللَّه تعالى عليه عامة كما ذهب إليه جماعة من العرفاء والحكماء الإلهيين وعلى تقدير الاختفاء فلا مانع من القول بكفاية ذلك في الحكم بالإسلام سيما في صدر الإسلام كما صرح به جماعة أيضا ثم إنهم اختلفوا في كون الدلالة المذكورة هل بالمنطوق أو بالمفهوم فإن أرادوا بذلك ترتيب أحكام أحد القسمين عليها عند التشخيص ففيه أنا لا نعرف حكما يخص بأحدهما إذ ليسا مأخوذين في عنوان دليل شرعي وأمّا تقديم المنطوق عند التعارض فقد عرفت ما فيه إذ المدار على الأقوائية والظهور ولا دليل على دورانهما مدارهما وإن أرادوا بذلك تشخيص ما هو الواقع بحسب الاصطلاح فالظاهر أنه من المفهوم وتحقيق ذلك أن قولك ما زيد إلَّا قائما يشتمل على حكمين أحدهما سلب جميع المحمولات عن زيد وثانيهما إثبات القيام لزيد والأول مستفاد منطوقا والثاني مفهوما نظرا إلى ما وجهنا حديهما فيما تقدم إلا أنه مع ذلك لا طائل تحته ومنها الإضراب بكلمة بل وأما ما جيء به للترقي فلا يفيد الحصر قطعا إذ لا وجه لاستفادة الحصر منها ولعل من جزم بعدم إفادتها الحصر فيما إذا دخلت على الجملة وادعى الوفاق فإنما أراد ما ذكرنا نظرا إلى أن الأغلب كونها للترقي بخلاف ما إذا كان بعدها مفرد فيحتمل الوجهين وكيف كان ففيما إذا كانت إضرابية اختلفوا فيها على أقوال أحدها إفادتها الحصر مطلقا سواء كان في الإيجاب أو النفي وهو المنسوب إلى الحاجبي الثاني العدم مطلقا وهو المنسوب إلى الزمخشري فقولك جاءني زيد بل عمر وإنما يدل على صرف الحكم المقصود بالكلام إنشاؤه عن زيد وإثباته لعمرو من غير دلالة على حكم المتبوع الثالث التفصيل بين النفي فيدل والإثبات فلا يدل ذهب إليه جماعة منهم نجم الأئمة والتفتازاني على ما حكي واختاره بعض أعاظم المتأخرين واستند في ذلك بأن احتمال الغلط في النفي بعيد بخلافه في الإثبات ثم إنه ينبغي أن لا يكون من موضع الخلاف ما إذا كانت مسبوقة بلا فإنه حينئذ كالنصّ في ثبوت المفهوم ولا يبعد دعوى الوفاق إلا أن ابن هشام جعله لتأكيد الإضراب فلو كان لمجرد الصرف عنده كان مخالفا ومنها الحصر بإنما كقولك إنما زيد قائم واختلفوا في ذلك والمشهور على الإفادة وذهب بعضهم إلى العدم واحتجوا بأمور أقواها تصريح أهل اللغة كالأزهري بذلك وقال بعضهم لم أظفر بمخالف فيه ونقل بعضهم إجماع النحاة على ذلك وهو المنقول عن أئمة التفسير أيضا وحكي عن المبرد في جواب من سأله عن اختلاف قولهم إن زيدا قائم وإنما زيد قائم أن الأول إخبار عن قيامه مع اختصاصه به وظاهره اختلاف المدلول باختلاف الدلالة وأيّد ذلك بدعوى التبادر عند استعمال تلك اللفظة والإنصاف أنه لا سبيل لنا إلى ذلك فإن موارد استعمال هذه اللفظة مختلفة ولا يعلم بما هو مرادف لها في عرفنا حتى يستكشف منها ما هو المتبادر منها بخلاف ما هو بأيدينا من الألفاظ المترادفة قطعا لبعض الكلمات العربية كما في أداة الشرط وأما النقل المذكور فاعتباره في المقام موقوف على اعتبار قول اللغوي في تشخيص الأوضاع على تقدير أن لا يكون ذلك منهم اجتهادا ولم يثبت ذلك إلَّا على تقدير اعتبار مطلق الظن كما قرر في محله وقد يتمسك بأن العلماء لا يزالون يتمسّكون بحديث إنما الأعمال بالنيات بفساد العمل بلا نية كاعتمادهم على قوله الولد لمن أعتق في مثله وهو لا يجدي شيئا إذ بعد الغض عما فيه لا يزيد عن مجرد الاستعمال وأما كلمة أنما بفتح الهمزة فقد صرح بعضهم بأن الموجب للحصر في إنما بالكسر ما في أنّما بالفتح وهو تضمنها معنى ما ولا أو اجتماع حرفي التأكيد وفيه أن الموجب في إنما على القول ليس إلا الوضع وإلا فمجرد ما زعمه في الموجب فاسد جدّا كما لا يخفى ودعوى الوضع مما لا شاهد عليها ومنها تعريف باللام إذا كان الخبر خاصّا كقولك الإنسان زيد وأما إذا كان الخبر أعم مطلقا كقولك الإنسان حيوان أو من وجه كقولك الإنسان أبيض فظاهر التفتازاني إلحاقه بالأول ونصّ عليه بعض الأفاضل وربما يؤيده أيضا قولهم التوكل على اللَّه والأئمة من قريش فإن الخبر في هذه التراكيب لا يكون أخص قطعا ومنه يظهر عدم اختصاصه بما إذا كان المسند إليه وصفا أيضا ثم إن الظاهر أن الوجه في إفادة الحصر وعدم تجاوز المبتدإ عن الخبر هو التعريف كما يظهر من عنوان البحث إلَّا أنه يلوح من بعض كلماتهم أن الوجه في ذلك هو كون المعنى موضوعا لما هو المحمول في الكلام وعلى ذلك فعنوان البحث بتعريف المسند إليه مما لا وجه له إلا بواسطة ما يتوصل به إلى جعل المعرف مسندا إليه وهو كما ترى خلاف الظاهر سيّما
188
نام کتاب : مطارح الأنظار نویسنده : الشيخ الأنصاري جلد : 1 صفحه : 188