نام کتاب : مطارح الأنظار نویسنده : الشيخ الأنصاري جلد : 1 صفحه : 186
في الأغلب ومنه يظهر حال الابتداء في كلمة الابتداء فإنه أيضا ينتزع من الجزء الأول للشيء إلا أن ذلك لا يجدي فيما هو محل الكلام إذ لا يعقل النزاع المذكور فيما إذا كان مدخول حتى أو إلى نهاية بالمعنى المذكور بل لا بد من أن يكون ذلك المدخول مما يفرض له أجزاء كثيرة مثلا كما نبهنا عليه وذلك لا يكون نهاية في الحقيقة بل هو تسامح في جعل ما ينتهي عنده الشيء المغاير له نهاية إذ من الواضح افتراق ما به ينتهي الشيء وهو النهاية وما ينتهي عنده الشيء وهو الضد على ما زعمه المعترض المتقدم وتوضيح المطلب أن أدوات النهاية إنما هي موضوعة لأن يلاحظ حال ما لحقت به من الأفعال على وجه النهاية ولا ريب في أن النهاية الحقيقية غير قابلة لأن ينازع في دخولها في ذيها لأنفسها ولا ما ينتزع منها أما الأول فلكونه أمرا اعتباريا وأما الثاني فلبداهة دخول جزء الشيء فيه وقد يستعمل تلك الأدوات فيما ليست نهاية حقيقة بل ولعل أغلب موارد استعمالها كذلك فيكون مدخول الأدوات نهاية تسامحية فيمكن أن ينازع فيه بالدخول وعدمه إلا أن الأظهر خروج مثل هذه الغاية عما قبلها ولذلك ذهب إليه الأكثر واستظهره نجم الأئمة والتعليل الذي استند إليه حينئذ في محله نعم حيث كان استعمال إلى وحتى في مثل ذلك تسامحا فيمكن فرض الكلام على وجه يستظهر منه الدخول كما في بعض الأمثلة بواسطة القرائن وعند عدم القرينة فمع العلم بأن النهاية ليست نهاية حقيقية فلا بدّ من الرجوع إلى ما يقتضيه الأصل في كل مورد ولا وجه للرجوع إلى أصالة عدم الدخول فإنه إن أريد بها عدم دخول الغاية في المغيّا موضوعا فذلك معلوم وجدانا كما هو المفروض وإن أريد بها عدم دخولها فيه حكما فذلك مما يختلف فيه قضية الأصل بحسب اختلاف موارده ومع عدم العلم بذلك فالظاهر أنه يحكم بالدخول نظرا إلى أصالة الحقيقة لو قلنا بأن الأداة موضوعة للنهاية الحقيقة كما هو الظاهر وأما المقام الثاني فاختلفوا في أن تقييد الحكم بالغاية هل يوجب انتفاء الحكم رأسا وسنخا عما بعد الغاية على وجه لو ثبت له مثل الحكم المذكور بدليل آخر كان معارضا لذلك التقييد أو لا يوجب فالمشهور بل المعظم على الأول وذهب جماعة منهم السيّد والشيخ إلى الثاني ولا ريب في أن اعتبار المفهوم في المقام على القول به إنما هو مثل اعتباره في الشرط من انتفاء سنخ الحكم في جانب المفهوم وإلا فانتفاء الحكم الشخصي ثابت في اللقب والوصف أيضا بل وذلك ضروري ضرورة اختصاص كل حكم مختص بموضوع بذلك الموضوع ومن ذهب إلى القول الأول ومع ذلك يقول يجوز أن يكون الحكم فيما بعد الغاية كالحكم فيما قبلها بالنظر إلى خطاب آخر فقد أتى بشيء عجيب فإنه إن أراد بالجواز المذكور إمكانه بالنظر إلى ترجيح في جانب الخطاب الآخر فهو جار في جميع المفاهيم إذ لا يمنع ترك الظاهر بواسطة ما هو أظهر منه وإن أراد عدم المعارضة فهو ممن لا يقول باعتبار المفهوم قطعا فلا وجه لعدّ نفسه منهم ومن العجب أنه صرح بأن مفهوم الغاية أقوى من مفهوم الشرط وصرّح بظهور الثمرة عند التعارض بتقديم الأقوى وأغرب من ذلك ما وجدناه في كلام بعض الأجلة حيث قال إن النزاع يتصور هنا في مقامين الأول أن التقييد بالغاية هل يقتضي مخالفة ما بعدها لما قبلها مطلقا أو لا الثاني أن التقييد بها هل يقتضي المخالفة بالنسبة إلى الحكم المذكور أو لا فاختار في الأول العدم وفي الثاني اختار الدلالة مع اعترافه بأن ظاهر كلامهم هو الأول ثم استدل على مطلوبه في المقام الأول بأن قول القائل صم إلى الليل إنما يقتضي عرفا ولغة تعلق طلبه بالصّوم المغيّا بالليل وظاهر أن هذا لا ينافي تعلق أمره أيضا بصوم الليل إلى الصبح بطلب مستقل فإن مرجع الأمرين إلى طلب الصومين المحدودين وهذا لا يستدعي خروجه عما يقتضيه ظاهر الأمر واستدل على الثاني بأن المفهوم من قولك صم إلى اللَّيل انقطاع الصوم المأمور به بذلك الخطاب ببلوغ الغاية ثم حقق ما ذكره بأن توابع الفعل من القيود اللاحقة للموضوع فيجري ذلك مجرى الوصف فكما لا نقول به فيه فكذلك فيما نحن فيه أقول وما أفاده مما لا يرجع إلى طائل أما أولا فلأن الانتفاء في المقام الثاني مما لا حاجة فيه إلى تجشم الاستدلال ضرورة ارتفاع الحكم بارتفاع الموضوع فلا يعقل توجيه النزاع فيه وأما ثانيا فلأن ما ذكره وجها في المقام الأول مما لا وجه له وتوضيحه أن تعليق الفعل بالغاية كما في قولك سر من البصرة إلى الكوفة يحتمل وجهين أحدهما أن يلاحظ السير المبتدأ من البصرة المنتهى إلى الكوفة ويأمر به بواسطة اشتمال هذه القطعة من السير على مصلحة أو ينهى عنه مع قطع النظر عن سائر قطعات السّير وجودا وعدما ومرجعه إلى طلب فعل واحد أوله كذا وآخره كذا فالطلب إنما تعلق بالفعل المحدود ابتداء وانتهاء الثاني أن يلاحظ السير المطلوب فعله أو تركه أولا ثم بعد اعتبار تعلق طلبه به يلاحظ تحديده بداية ونهاية بما يصلح لذلك التحديد فعلى الأول لا وجه لاستعمال أداة الغاية والتعليق بها بل لو كان المراد ذلك فمن حقه استعمال الغاية على جهة التوصيف إذ الكلام في أمثال المقام إنما هو في الظهور وعلى الثاني فمن حقه استعمال التركيب المتنازع فيه ومجرد إمكان رجوعه إلى التوصيف لا يجدي إذ لم يقم دليل على امتناعه في الشرط أيضا وبما ذكرنا يظهر فساد ما زعمه في توجيه ما صار إليه من أن توابع الفعل من القيود اللاحقة للمادة لا للهيئة نظرا إلى أن مفادها معنى حرفي فإن ذلك لا يقتضي بما زعمه مضافا إلى عدم قدحه فيما إذا كان الطلب بمادة الطلب أو الوجوب مثلا ولا ينافي ذلك كونه إنشاء لا إخبارا كما لا يخفى ثم لا فرق في الوجه الثاني بين أن يكون المطلوب المحدود ملحوظا على وجه يكون فعلا واحدا كما عرفت في الوجه الأول أو أفعالا متعددة فينحلّ إلى مطلوبات متعدّدة لكنها محدودة بالغاية المذكورة أو يكون على وجه التوسعة فيكون المطلوب التخيير في الأفعال التي يمكن إيجادها
186
نام کتاب : مطارح الأنظار نویسنده : الشيخ الأنصاري جلد : 1 صفحه : 186