نام کتاب : مطارح الأنظار نویسنده : الشيخ الأنصاري جلد : 1 صفحه : 184
فيما لو استعمل اللفظ في معنيين بينهما جامع قريب كما فيما نحن فيه احتج المثبتون بوجوه منها التبادر عرفا فإن قول القائل اشتر لي عبدا أسود يدل على عدم مطلوبية شراء العبد الأبيض على وجه لو اشتراه لم يكن ممتثلا وأجاب عنه الشهيد الثاني بما عرفت من التزام المفهوم في القيود الواقعة في الإنشاء وقد عرفت ما فيه ومنه يظهر الوجه في فساد الدليل وبيانه أن عدم مطلوبية شراء الأبيض إنما هو بواسطة المطلوبية بالأسود في الإنشاء الخاص والكلام ليس فيه نعم لو كان مفاده عدم مطلوبيته مطلقا كان ذلك وجها وربما يؤيد التبادر المذكور بدعوى غلبة إرادة المفهوم في كلمات البلغاء وهي على تقديرها تنهض وجها للإشعار المدعى في المقام وأما الزائد فلا نسلَّم الغلبة كما لا يخفى ومنها أنه لولاه للزم اللغو في كلام الحكيم والتالي باطل وأما الملازمة فلأنه لا فائدة في التقييد إلَّا ذلك وعند انتفائها يلزم اللغو وهو المذكور في التالي هذا فيما إذا اعتمد الوصف على الموصوف وأما إذا كان الحكم محمولا على الوصف كما في آية النبإ فقد قرر والدليل بأنه قد اجتمع فيه وصفان أحدهما ذاتي وهو كونه خبر الواحد والآخر عرضي وهو كون مخبره فاسقا والمقتضي للثبت هو الثاني فإن الفسق يناسب عدم القبول فلا يصلح الأول للعلية وإلَّا لوجب الاستناد به إذ التعليل بالذاتي الصّالح للعلية أولى من التعليل بالعرضي لحصوله قبل حصول العرضي فيكون الحكم قد حصل قبل حصول العرضي والجواب منع الملازمة لاحتمال فائدة أخرى كالاهتمام بمحل الوصف كما في قوله والصّلاة الوسطى أو لعدم احتياج السامع إلى غيره أو لدفع توهم اختصاص الحكم بغيره أو لسبق ذلك أو لعدم المصلحة في بيان غيره أو للتوضيح والكشف ونحو ذلك من دواعي التوصيف مع أن ذلك على تقدير تسليمه لا ينهض وجها للمطلوب لأن الكلام في الدلالة اللفظية على حدّ غيره من المباحث المتعلقة بالظواهر اللفظية ومنها أن أبا عبيدة مع كونه من أهل اللسان الذين ينبغي الرجوع إليهم في تشخيص المعاني قد فهم من قوله مطل الغني ظلم أن مطل غيره ليس بظلم ومن قوله ليّ الواجد يحلّ عقوبته أن ليّ غيره لا يحلّ والجواب أنه إن أريد التمسك بفهمه مع قطع النظر عن ملاحظة ظهور اللفظ فيما فهمه وعدمه فهو على تقدير كونه منزّلا منزلة إخباره بالوضع اعتباره مبني على اعتبار قول اللغوي في الأوضاع ونحن لا نرى ذلك فيما إذا كان واحدا ولم يكن ما ذكره مؤيدا بالأمارات التي يعوّل عليها في المطالب اللغوية كالتبادر العرفي ونحوه وبالجملة ففي الموارد الغير المعلومة لا بد في قبول قول اللغوي من اعتبار شروط الشهادة وإن أريد بذلك تأييد التبادر المدعى فبعد عدم وجداننا له في العرف لا جدوى فيه واعترض عليه بالمعارضة بما ذكره الأخفش من أن الأصل في التوصيف التوضيح وهو غير ثابت وفي المقام اعتراضات وأجوبة ركيكة ونظيره الكلام فيما استدل بفهم ابن عباس في بعض الآيات تنبيهات الأول ومما تقرر عند القائل بثبوت المفهوم في الصّفة أنه يشترط أن لا يكون واردا مورد الغالب كما في قوله تعالى وربائبكم اللَّاتي في حجوركم فإن التوصيف في المقام لا يدل على انتفاء الحكم في الربائب اللاتي ليست في الحجور وعلَّله الرازي على ما حكي بأن الباعث على التخصيص هو العادة فإن الربيب غالبا يكون في الحجور وإذا احتمل أن يكون ذلك هو الوجه في التخصيص لم يغلب على الظن أن سببه نفي الحكم عما عداه وتبعه في ذلك جماعة وما ذكره يناسب القول بأن التزام المفهوم إنما هو لأجل إخراج الكلام عن اللغوية أو القول بأن أصالة الحقيقة إنما لا يعوّل عليها إذا لم تكن مفيدة للظن وإلا فعلى القول بالدلالة الوضعية مع عدم اعتبار الظن لا وجه له كما هو ظاهر وعلَّله المحقق القمي رحمه الله بأن النادر هو المحتاج حكمه إلى التنبيه والأفراد الشائعة تحضر في الأذهان عند إطلاق اللفظ المعرّى فلو حصل احتياج في الانفهام من اللفظ فإنما يحصل في النادر فالعلة في المذكور لا بد أن تكون شيئا آخر لا تخصيص الحكم بالغالب وهو فيما نحن فيه يعني قوله تعالى وربائبكم التشبيه بالولد فإن أراد أن مجرد انصراف المطلق إلى الأفراد الشائعة الغالبة ينهض وجها في عدم إرادة التخصيص من التوصيف مع إمكان إرادة التخصيص في الوصف الغالب أيضا فهو مطالب بالفرق بين المقامين حيث إنه لا يعتبر التخصيص في الوصف الغالب ويعتبر في غيره مع إمكانه فإن قلت إن الوصف الغالب بمنزلة الوصف المساوي للموصوف فكما لا وجه لاعتبار التخصيص فيه كذلك فيما إذا كان الوصف غالبيّا قلت يمكن تصحيح ذلك فيما لو قلنا بأن الانصراف في المطلق ينزل منزلة التخصيص اللفظي فيكون الوصف مساويا حينئذ وأما لو لم نقل به أو قلنا ولكن لا في جميع مراتب التشكيك كما ستعرفه في محله إن شاء اللَّه فلا وجه لذلك لإمكان إرادة إخراج الفرد النادر عن مورد الحكم وإثبات خلاف الحكم له كما هو مقتضى المفهوم وإن أراد أن الوصف الغالبي مع إرادة التخصيص منه واختصاص محل الحكم في الموصوف لا وجه لاعتبار المفهوم فيه نظرا إلى أن النادر إنما هو المحتاج حكمه إلى التنبيه إلى آخر ما ذكره في التعليل ففيه ما أورده بعضهم بأن غاية ما يلزم من انصراف المطلق إلى الفرد الغالب اختصاص الحكم به وهو غير الدلالة على الانتفاء فيمكن أن يكون التقييد بالوصف الغالب للدلالة على المفهوم على القول به في غيره بل المقام أولى به من غيره لانتفاء بعض الفوائد التي لأجل احتمالها طرحنا القول بالمفهوم كما لا يخفى لكن الإنصاف أن الظاهر من كلامه هو أن الغلبة في الوصف مانعة عن إرادة التخصيص به وبعد عدم إرادة التخصيص من الوصف لا يعقل ثبوت المفهوم لأن الانتفاء فرع الاختصاص إلا أنه بعد مطالب بالفرق كما لا يخفى الثاني قد بسطنا لك القول في مفهوم الشرط من أن اللازم في أخذ المفهوم الأخذ بجميع مجامع الكلام وقيوده سوى النفي والإثبات فمفهوم الوصف
184
نام کتاب : مطارح الأنظار نویسنده : الشيخ الأنصاري جلد : 1 صفحه : 184