نام کتاب : مطارح الأنظار نویسنده : الشيخ الأنصاري جلد : 1 صفحه : 179
العقلية والعادية ومما ذكرنا يظهر فساد ما زعمه أخيرا من احتمال عدم اشتراط السبق كما أفاده أولا حيث قال وجاز أن لا تكون مشروطة به فيشترط حينئذ استدامة التأثير به فيكون العلة بعد تحققه هو والسابق كما في صورة التوارد في زمان واحد والأسبقية لا تصلح للترجيح حينئذ لأن العلية إذا كانت مستدامة كانت بالنسبة إلى كل زمان كالعلة الابتدائية والظاهر أنه أراد بما أفاده أنه يلتزم بتعدد المسببات عند تعدّد الأسباب المتعاقبة لكن بواسطة اعتبار الزمان جزء من المسبب فالحدث الحاصل في القطعة الأولى من الزمان مسبب عن النوم الأول مثلا وفي الثانية عن الثاني وهكذا وإن كان العبارة غير خالية عن حزازة كما لا يخفى على المتأمل وجه الفساد أن بعد ما عرفت من العلاج لا حاجة إلى هذه التكلفات التي لا يساعدها اعتبار فإن استفادة هذه التقييدات من دليل السببية فيما إذا كان لفظا مما لا سبيل إليها وإذا كان عقلا كما في الأسباب العقلية يلزم تخلف المعلول عن العلة إذ المفروض أن السبب الأول إذا لم يتعاقبه السبب الثاني يكفي في الاستدامة أيضا فلحوق الثاني لا يترتب عليه شيء قطعا وذلك ظاهر الثاني من الأمرين اللذين يمكن الاستناد إليهما في منع المقدمة الأولى من الدليل ما يمكن استظهاره مما قدمنا ومحصّله أن قضية القواعد اللفظية فيما نحن بصدده وحدة الأثر والتكليف وذلك لأن اللفظ الواقع في الجزاء موضوع للطبيعة المرسلة التي لا يشوبها شوب التعدد كما هو المختار في وضع اسم الجنس ولا شك أن الماهية في تلك المرتبة واحدة فلا تتحمل وجوبين إذ لا فرق في امتناع اجتماع الأمثال بين أن يكون الوحدة شخصية أو نوعية فعند تعدد الأسباب لا دليل على تعدد الآثار والتكاليف لعدم صلاحية الفعل المتعلق للتكليف المدلول عليه باللفظ المأخوذ في الجزاء للتعدد ولذلك قلنا عند تعدد الأوامر الابتدائية لا دليل على ترجيح التأسيس على التأكيد فإن التأكيد بمقتضى اللفظ بعد كونه انتزاعيا لا يقال إن كون الماهية في تلك المرتبة متحدة لا يجدي في دعوى الاتحاد لأن الوحدة أيضا خارجة عنها وإن كانت متصفة بها حقيقة فمدلول اللفظ لا ينافي الكثرة لأنا نقول عدم دلالة اللفظ على الكثرة كاف في المدعى لإثبات الوحدة بالأصل عند عدم الدليل على خلافها أقول إن بعد الاعتراف بأن اللفظ الواقع في الجزاء إنما هو موضوع لنفس الماهية الخارجة عنها الوحدة وغيرها من أوصاف الماهية لا ينبغي الارتياب في تعدد الأثر والتكليف إذ الوحدة لا وجه لها حينئذ إلَّا الأصل وهو لا يقاوم الدليل وهو ظهور دليل السببية في الفعلية ولازمها التعدد في المحل القابل والمفروض قابلية المحل أيضا لعدم مدخلية الوحدة النوعية في الموضوع له فإن قلت على تقدير التعدد لا بد من تقييد إطلاق المسبب أيضا فإن المطلوب في الثاني ليس نفس المطلوب في الأول بل لا بد أن يكون مغايرا فيئول الأمر إلى القول بأن المطلوب هو الفرد المغاير للفرد الأول المطلوب بالسبب الأول ولا شك أن ذلك التقييد ليس في عرض ظهور دليل السببية في الفعلية بل إنما يقضي به العقل بعد الأخذ بذلك الظهور وتوضيح المطلب أن الاستناد إلى الإطلاق ليس إلا بواسطة عدم البيان وانتفاء ما يقتضي التقييد وبعد وجود ما يصلح له لا وجه للقول بمعارضة ظهور الإطلاق لظهور ذلك الصالح فإنه بيان له كما قرر في محله فبعد ما فرضنا من ظهور دليل السببية في الفعلية لا بد من ذلك التقييد لأن ذلك الظهور دليل على التقييد ومن هنا يظهر أنه لا يقاس حال الأوامر الابتدائية بما نحن بصدده فإن مجرد قابلية الفعل المتعلق للأمر لا يقتضي التعدد كما هو الحال فيها بل لا بد من أمر آخر يقضي به كما في تعدد الأسباب فظهر الفرق وبطل القياس ومن الغريب ما وقع عن بعض الأعلام من تسليم ظهور الأوامر الابتدائية في التعدد دون ما نحن فيه مع ما عرفت من أن التحقيق على خلافه ثم إنه بما ذكرنا أيضا يظهر ما توهم بعضهم من أن المسبّب الثاني لا بد أن يكون مغايرا للمسبب الأول إذ على تقدير التغاير يلزم استعمال اللفظ في معنييه بيان اللزوم هو أن قولك إن سلَّم عليك زيد فأكرمه يراد من الإكرام طبيعة الإكرام عند انفراد السّلام وإذا انضم إليه فرد آخر من السّلام لا بد أن يراد منه الفرد المغاير وهو معنى مجازي للإكرام وهو المراد باللازم وجه الفساد أن لفظ الإكرام لا يراد به إلَّا نفس الطبيعة وهذه التصرفات مما يدل عليه العقل في مقام امتثال الأمر المتعلق بتلك الطبيعة أ لا نرى أنه لو صرح الآمر بأن المطلوب هو تعدد الوجودات عند تعدد الأفراد المندرجة في السّبب لا يعدّ ذلك قرينة على الاستعمال المذكور ولو كان كما زعمه يلزمه وقوع ذلك الاستعمال في جميع الموارد التي ثبت فيها عدم التداخل ولا أظنه راضيا بذلك هذا محصّل الكلام في إثبات المقدمة القائلة بأن السبب الثاني لا بد وأن يكون مؤثرا وأما المقدمة الثانية التي يطلب فيها مغايرة الأثر الحاصل من السبب الأول للأثر الحاصل من الثاني فمنعها جماعة منهم المحقق النراقي قال في محكي العوائد بعد ما نقلنا منه من دعوى معرفية الأسباب الشرعية ولا ضير في تواردها نظرا إلى إمكان ذلك في الموجود الذهني ما محصّله أنه لا شك في أن الأسباب الشرعية علل للأحكام المتعلقة بأفعال المكلف لا لنفس الأفعال ضرورة لزوم الانفكاك على تقدير عليتها لها لا لأحكامها فتعددها لا يوجب تعدّد الفعل وإنما يوجب تعدد معلولها وهو الوجوب وتعدد لوجوب لا دلالة فيه على وجوب إيجاد الفعل متعددا لإمكان تعلق فردين من حكم بفعل واحد كما في الإفطار بالحرام في نهار رمضان وقتل زيد القاتل المرتد انتهى ملخّصا وأشعر به بعض الأعلام أيضا حيث قال إن تعدد التكليف بنفسه لا يقتضي تعدّد المكلف به إلا أن ينضم إليه ظهور عرفي انتهى أقول بعد تسليم أن الأسباب الشرعيّة أسباب
179
نام کتاب : مطارح الأنظار نویسنده : الشيخ الأنصاري جلد : 1 صفحه : 179