نام کتاب : مطارح الأنظار نویسنده : الشيخ الأنصاري جلد : 1 صفحه : 178
المعرفية في الوضوء لا يجدي في إثباتها في غيره إلَّا على وجه القياس ولا نقول به سلَّمنا أن الأسباب الشرعية معرفات لكن ذلك يلازم تعدد الأثر لامتناع توارد المعرفات على معرّف واحد فتعدد المعرّف كاشف عن تعدد المعرف ولا ينافي ذلك عدم دلالة تعدّد اللوازم على تعدد الملزومات حيث إن ذلك إنما يكون فيما إذا لم يقصد بها الاستكشاف فإن قلت نعم ولكنه معرف شأني قلنا ظاهر الدليل فعلية المعرفية ومنه يظهر فساد ما أفاده في التعليقة من أن السببية الشرعية لا تنافي عدم فعلية التأثير لصدق السببية الشرعية مع شأنية التأثير قطعا كما في مسألة الأحداث وجه الفساد أنه إن أريد بذلك الفرق بين الأسباب العادية والشرعية لعدم منافاتها للفعلية في الثاني دون الأول فهو كلام خال عن التحصيل إذ لا يعقل الفرق بينهما وإن أريد به منع ظهور دليل السببية في الفعلية فقد يظهر فساده بالرجوع إلى العرف فكيف كان فلا نعرف وجها للدعوى المذكورة عدا ما عرفت من مسألة تعاقب الأحداث وأشباهها مما لا دلالة فيها عليها نعم يظهر من بعض الأجلة الاستناد إلى وجه آخر في الدعوى المذكورة حيث قال في دفع ما استشكل على القول بحجية المنصوص العلة من أنه ينافي القول بأن علل الشرع معرفات أن علل الشرع على ضربين الأول العلل المجعولة في الشرع عللا وأسبابا بالأحكام مخصوصة كالأحداث للطهارة وأسباب الكفارة والعقود والإيقاعات لما يترتب عليها فإنها معرفات لها وليست عللا حقيقية لانحصارها في الأربع وعدم كونها من المادية والصورية واضح وكذا عدم كونها من الفاعلية لاستناد جعل الأحكام الشرعية إليه تعالى لا إلى تلك الأسباب وكذا عدم كونها من الغائية لظهور أن المقصود بوضع تلك الأحكام ترتب تلك الأسباب عليها الثاني العلل التي هي منشأ حكم الحكيم وجهات حسن الشريعة وما يستند إليه مطلوبية الفعل ومبغوضيته كإسكار الخمر الموجب لمبغوضيتها وهذه العلل علل حقيقية إذ مرجعها إلى العلة الغائية فإن المقصود من تحريم الخمر حفظ المكلف عن السّكر وفساد العقل ثم حمل قولهم بأنها معرفات على القسم الأول وجعل مبنى القول بحجية المنصوص العلة القسم الثاني انتهى كلامه رفع مقامه ملخصا وفيه أولا أنه لا وجه للإشكال المذكور إذ القول بالمعرفية لا ينافي الحجية إذ لا ضير في كون الإسكار كاشفا عن علة التحريم مع اطراد الحكم نعم لو قيل بكونها عللا ناقصة تم الإشكال المذكور ولا مدفع له وثانيا أن ما استند إليه في نفي كونها عللا حقيقية من انحصارها في الأربع غير مستقيم أمّا أولا فلأن دعوى الانحصار فيها باطلة كما أذعن به جماعة منهم شارح المقاصد حيث قال بعد تقسيم الخارج إلى ما به الشيء وهي الفاعلية وإلى ما لأجله الشيء وهي الغائية لا دليل على انحصاره فيهما سوى الاستقراء وهو أيضا ممنوع فإن موضوع العرض خارج لا فاعل ولا غاية وثانيا سلمنا الانحصار ولكنا نقول أنها علل فاعلية كما أن حركة اليد علة فاعلية لحركة المفتاح بل ولا بد من تعميم العلة الفاعلية على وجه يدخل فيها الشروط والآلات كما صنعه بعضهم قوله لاستناد جعل الأحكام إليه تعالى لا إلى تلك الأسباب فيه من الخلط ما لا يخفى سيّما على ما زعمه من مجعولية الأحكام الوضعية بنفسها فإنه تعالى فاعل لسببية تلك الأسباب وأين ذلك من استناد المسببات لتلك الأسباب إليها فإن شرعية السّبب لا تنافي استناد المسبب إليه بعد تشريع السببية ثم لا يخفى ما فيما أفاده من نفي كونها من الغائية ثم إن ما أفاده في القسم الثاني من أنها علل حقيقية لا وجه له على ما زعمه قوله إذ مرجعها إلى العلة الغائية فيه أنه لا يعقل أن يكون الإسكار غاية لحرمة الخمر وكون المقصود من تحريم الخمر حفظ المكلف عن فساد العقل مما لا ربط له بالمقام لظهور الفرق بين داعي التحريم وهو الحفظ وبين غاية الحرمة التي هي معلول الإسكار وتوضيحه أن العلة الغائية هي علة فاعلية الفاعل وسبب ترجيح الفاعل أحد طرفي المقدور فمعلولها لا بد أن يكون فعلا من الأفعال وما ذكره إنما يصح غاية للتكليف الذي هو فعل المكلف ولا دخل له بما نحن بصدده من فرض علية الإسكار للحرمة التي هي من الأوصاف دون الأفعال وذلك ظاهر في الغاية ثم إن هذا المستدل ذكر في خلال بيان اجتماع العلل ما ملخّصه ولو لم يكن الحكم قابلا للشدة والضعف أو كان وعلم عدم الاشتداد بدليل جاز أن يكون علية الثاني مشروطة بعدم سبق المتقدم فيكون الثاني معرفا وكاشفا محضا انتهى أقول ولعله أخذه من أخيه البارع في تعليقاته حيث قال علي ما تقدم نقله لا مانع من كون السبب الثاني معرفا وكاشفا عن المسبب الأول وما أفاده ليس في محله فإنه لا يعقل القول بأن الشيء إذا لم يكن مسبوقا بمثله فهو سبب وإذا كان فهو معرّف لاستواء الحالتين بالنسبة إلى دليل السببية فإن اقتضى السببية فالقول بالمعرفية لا وجه له وإن اقتضى المعرفية فلا وجه للقول بالسببية وتوضيح ذلك أن الأسباب الشرعية ليست إلا كالأسباب العقلية سواء كانت من جنس واحد أو من أجناس مختلفة لرجوع الكل إلى سببية القدر المشترك ضرورة امتناع اجتماع العلل على معلول واحد فإذا تواردت على شيء واحد غير قابل للتعدد يمتنع تأثير الثاني لامتناع تحصيل الحاصل لو كان الأثر هو الأثر الحاصل بالأول وامتناع اجتماع الأمثال لو كان غيره فعدم تأثير السبب الثاني ليس بواسطة تصرف لفظي في دليل السببية كما هو المشاهد في الأسباب العقلية بل بواسطة عدم قابلية المحل لحصول الأثر وذلك لا يقضي بالكاشفية فلا وجه للقول بأن السبب كاشف نعم هو سبب شأني لمقارنته وجود المانع عن التأثير وهو حصول الأثر في المحل وكيف كان ففساد هذه الدعوى ظاهر لمن تأمل الأسباب
178
نام کتاب : مطارح الأنظار نویسنده : الشيخ الأنصاري جلد : 1 صفحه : 178