نام کتاب : مطارح الأنظار نویسنده : الشيخ الأنصاري جلد : 1 صفحه : 176
واحدة فالأثر مستند إلى الماهية الموجودة ولا اختصاص للوجودات فلا يلزم محذور لعدم تعددها وبما ذكرنا يظهر فساد ما قيل من أنّها معرفات أما أولا فلما ستعرف أنه خلاف الواقع وأما ثانيا فلأن الأسباب الواقعية ربما يكون كذلك الثالث حكي عن فخر المحققين أنه جعل مبنى المسألة على أن الأسباب الشرعية هل هي معرفات وكواشف أو مؤثرات وعلى الأول فالأصل التداخل بخلافه على الثاني ولعله تبعه في ذلك بعض المحققين في كتابه الموسوم بالعوائد حيث إنه بعد ما قسم الأسباب قسمين وجعل الأسباب الشرعية من المعرفات وصرح بامتناع اجتماع الأسباب الواقعية قال إنه لا يراد من الأسباب في قولهم الأصل عدم التداخل هذا القسم يعني الأسباب الواقعية لأن الأصل إنما يستعمل في مكان جاز التخلف عنه بدليل بل يصرحون بأن الأصل عدم التداخل إلا فيما ثبت التداخل وكذا لا كلام في جواز التداخل فيما كان من الثاني إذ المعرف علة للوجود الذهني ومعلولية موجود واحد ذهني لعلل متعددة جائزة ولذا يستدل على مطلوب واحد بأدلة كثيرة ويصح أن يستند وجود ذلك الوجود الذهني إلى كل منهما ولذا لا يرتفع ذلك الموجود الذهني بظهور بطلان واحد من الأدلة أقول القول بأن الأسباب الشرعية معرفات من المشهورات التي لم نقف على أصل لها نعم قد يكون في الأسباب الشرعية ما هو كاشف عن أمر آخر غير الحكم الذي قد جعله الشارع سببا له كالبينة واليد ونحوهما فإنهما سببان للعمل بمقتضاهما ووجوب التعويل عليهما مع كونهما كاشفين عن نفس المقتضي والمدلول وأين ذلك من كون الأسباب الشرعية معرفات على وجه الإطلاق وتعدد الأسباب الشرعية ليس إلا كتعدد الأسباب العقلية فكما أن ذلك لا يقتضي الكاشفية فيها لا يقتضي فيها أيضا وأما ما أفاده من أنه لا يراد من الأسباب في قولهم إلى آخره ففيه أن المحال هو تعدد العلة التامة وتلك الأسباب ليست كذلك لرجوعها إلى القدر المشترك كما في الأسباب العقلية ولا ينافي ذلك كونه أصلا يجوز التخلَّف عنه بدليل نظرا إلى ظهور اللفظ في العلية التامة مضافا إلى أن كلماتهم مشحونة بما يدل على خلاف ما أفاده في موارد شتى كما هو غير خفي على المتتبع وأما قوله لا كلام في جواز التداخل فيما كان معرفا لما ذكره من الوجه ففيه أنه لم يعلم فرق في امتناع توارد العلل التامة على معلول واحد بين أن يكون موجودا ذهنيا أو خارجيّا بل وليس ذلك إلا الموجود الخارجي وأما الموجود الذهني فهو المعلوم دون العلم فإن وجود العلم في الخارج وإن كان من الأمور الذهنية إنما هو بواسطة المعرّف وطريق الامتناع واحد وهو لزوم خلاف الفرض فيما لم يكف إحداهما في الوجود أو تحصيل الحاصل على تقدير الكفاية وأما تعدد الأدلة فربما يحتمل أن يكون لتحصيل مرتبة من الكشف لم يكن قبل كما هو المحسوس في الأمارات الظنية التي يفيد اجتماعها العلم وإلا فلا بد من توجيه ذلك على ما وجهنا به العلل في الموجودات الخارجية وأما عدم ارتفاع الصّورة عند ظهور بطلان أحد الأدلة فلم يظهر لنا وجه ارتباطه بالمقام والعجب أنه تفطن بذلك واعتذر عنه بالفرق بين الموجود الذهني والخارجي حيث إنه لا يمكن كون الشيئين في الخارج شيئا واحدا بخلاف الموجود الذهني فإنه يصير ألف موجود ذهني موجودا واحدا بمعنى تطابق موجود واحد في الذهن لألف موجود خارجي فينتزع من كل ألف موجود صورة وهيئة كلها منطبقة على موجود ذهني واحد وفيه أن تعدد الموجود الذهني إنما هو بتعدد نفس الملاحظة والانتزاع ولا ريب في امتناع تلك الملاحظات كامتناع اتحاد الموجودات الخارجية بل ما نحن فيه منها أيضا كما عرفت وأما اتحاد تلك الصور المنتزعة من أفراد كلي واحد فعلى تقدير تعدد الملاحظات يراد به عدم اختلافها مع قطع النظر عن خصوصيات الوجود الذهني إذ لا يرتاب عاقل في التغاير مع ملاحظتها على أن ذلك خلط بين التصوّر والتصديق فإن الاعتقاد مما لا يتصور فيه ما ذكره في الصورة الكلية المتصورة فإنه موجود علمي واحد لا يشوبه شوب التعدد كما هو ظاهر لمن ألقى السّمع وهو شهيد وبالجملة فلم يظهر لنا وجه في صحة الابتناء المذكور فلا بد من التأمل لعلّ اللَّه يحدث بعد ذلك أمرا الرابع زعم بعضهم جريان النزاع المذكور فيما إذا قال الشارع صم يوما وصم يوما نظرا إلى أن الأمر سبب للوجوب فيتعدد السّبب مع وحدة المسبب فيمكن أن يقال فيه ما يقال في غيره والظاهر اختصاص النزاع بما إذا كان الأمران مسبّبين عما جعله الشارع سببا أو ينتزع عما جعله الشارع سببا أو ينتزع منه السّببيّة على القول بعدم تعلق الجعل بها على وجه الاستقلال وانتفاؤه فيما زعمه ظاهر وإن كان يمكن للعقل انتزاع السببية والمسبّبيّة من المصلحة الداعية إلى الأمر وإيجاب الشارع كما لا يخفى ثم إن المشهور في مثل ما فرضه هو تعدد التكليف مع قطع النظر عن قرينة الاتحاد كما إذا كان أحدهما منكرا والآخر معرّفا أو قرينة التعدد كالعطف ولم أقف على وجه فيه عدا ما يظهر من بعض الأعلام من دعوى الظهور العرفي وستعرف الكلام فيه إن شاء الله الخامس الظاهر أن النزاع في هذه المسألة إنما يئول إلى اقتضاء معنى السببية عند التعدد تعدد المسببات وعدمه إن لم يكن ذلك المعنى مدلولا عليه بدلالة لفظية كما إذا قام إجماع على سببية أمرين لوجوب شيئين فمع القطع بسببية الأمرين يمكن أن ينازع في الاقتضاء المذكور فما يظهر من بعضهم في المقام من الاستدلال على مذهب المشهور بإطلاق الأدلة لا وجه له فلعل مقصوده رفع منع آخر يتوجه على عدم التداخل فيما إذا كان دليل السببية فيهما لفظا وإلا فالقائل بالتداخل لم يظهر منه دعوى التخصيص أو التقييد حتى يتمسك بالإطلاق في
176
نام کتاب : مطارح الأنظار نویسنده : الشيخ الأنصاري جلد : 1 صفحه : 176