نام کتاب : مطارح الأنظار نویسنده : الشيخ الأنصاري جلد : 1 صفحه : 171
إسم الكتاب : مطارح الأنظار ( عدد الصفحات : 307)
تستفاد منها العلقة فاستعمالها في الاتفاقيات ليس استعمالا حقيقيا وفي المورد الثاني أن هذه العلقة هي علية الشرط على وجه الاستقلال دون المعلولية لعلة ثالثة ولا التضايف ولا معلولية الشرط للجزاء كما عرفت فهل يستفاد منها انحصار العلة التامة في الشرط كأن لا يكون من أفرادها هو العلة حقيقة أو لا يستفاد ذلك منها وهذا هو النزاع المعروف بين القوم فالمثبتون على أن الجملة ظاهرة في انحصار العلة التامة في الشرط ولذلك يحكم بانتفاء الجزاء عند انتفاء الشرط ولو مع قيام احتمال شرط آخر مقامه إذ ذلك الاحتمال مدفوع عندهم بظهور الانحصار من اللفظ فلا يعتنى به والمانعون على أنه لا يستفاد منها ذلك وربما يحتمل أن يكون وجه المنع التأمل في أحد الموردين المتقدمين كما يتراءى من بعضهم لكن استدلال السيّد باحتمال قيام سبب آخر مقام الشرط ينادي بتسليمه الموردين وإنما النزاع في الثالث كما لا يخفى وهل الأصل يقتضي ثبوت المفهوم أو عدمه قد يقال بالثاني لأصالة عدم اعتبار الواضع في مدلول الأداة التعليق على وجه خاص وإن ذلك الأصل مما لا عبرة به لمكان المعارضة كما هو ظاهر والحق أن مقالة القائل بالمفهوم مطابقة للأصل سواء كان نفس الحكم المذكور في المنطوق مخالفا للأصل كما إذا كان مثل الوجوب والحرمة أو مطابقا كالإباحة أما في الأول فظاهر لأصالة عدمه في غير مورد اليقين وأصالة براءة الذمة عن الشواغل الشرعية عند عدم ما يدل عليها وأما في الثاني فلأن تعليل الإباحة وتعليقها على الشرط يشعر بأن تلك الإباحة الثابتة في المنطوق ليست إباحة مطابقة للأصل وإلا لم يحتج إلى التعليل بالعلَّة المذكورة ولا شك أن هذه الإباحة عند الشك فيها محكومة بالعدم وليس ذلك قولا بالمفهوم كما هو ظاهر وذلك نظير ما قيل من أن قوله إذا كان الماء قدر كرّ لم ينجّسه شيء يفيد أن الأصل في الماء انفعاله بالملاقاة فإن تعليق عدمه بالكرية يفيد ذلك بحسب الأصل وهو ظاهر ثم إن القول بالمفهوم هو المشهور على ما نسبه جماعة وذهب السيّد من أصحابنا إلى عدمه واختاره بعض المتأخرين أيضا كالشيخ الجليل الحر العاملي رحمه الله والحق كما أشرنا إليه هو الأول لنا قضاء صريح العرف بذلك فإن المنساق إلى الأذهان الخالية من الجمل والشرطية هو التعليق على وجه ينتفي الحكم بانتفاء الشرط وكفانا بذلك دليلا وحجة ملاحظة الاستعمالات الواردة في العرف وذلك لا ينافى ثبوت استعمال الجملة في معنى آخر فإن باب المجاز غير منسدّ ولم يزل البلغاء والفصحاء يستعملونه في موارد تقضي بها الحال فما حكي عن الفوائد الطوسية من أنه تجشم باستخراج مائة مورد بل وأزيد من القرآن الكريم لا دلالة فيها على المفهوم فهو تكلف من غير حاجة إذ لا نزاع في ثبوت ذلك في الجملة ولا يوجب ذلك وهنا في قضاء العرف بثبوت المفهوم وإلى ما ذكرنا يرجع استدلال البعض باستدلال أهل اللسان بالمفهوم في موارد جمة كما ورد ذلك في جملة من الأخبار وهي مذكورة في الإشارات ولا ينافي ما ذكرنا من ثبوت المفهوم ما ذكره أهل الميزان من أن القياس الاستثنائي وضع المقدم فيه ينتج وضع التالي كما أن رفع التالي ينتج رفع المقدم وأما رفع المقدم فلا ينتج رفع التالي ولو كان المستفاد من الجمل الشرطية هو سببية الشرط للجزاء كانت النتيجة المذكورة أولى بالثبوت من غيرها ووجه عدم المنافاة أن مقصود المنطقيين ومحط نظرهم في القياس الاستثنائي الاستدلال بالملازمة والاستكشاف منها على وجود أحد طرفيها أو عدمه ولا شك أن صرف الملازمة بين الشيئين لا دلالة فيها زيادة على ما ذكروه من ثبوت اللازم عند ثبوت الملزوم ومن انتفاء الملزوم عند انتفاء اللازم وأما ثبوت اللازم فلا يدل على ثبوت ملزوم خاص لجواز كونه أعم كما أن نفي الأخص لا يلازم نفي الأعم كما يظهر من قولك لو كان هذا إنسانا كان حيوانا فإن نفي الإنسان لا يلازم نفي الحيوان كما أن إثبات الحيوان لا يلازم إثبات الإنسان ولذلك لم يذكروا ذلك في عداد النتائج الحاصلة من الاستثنائي وحيث كانت الجملة الشرطية مفادها ثبوت الملازمة جعلوا تلك الجملة أمارة على ما راموه من الاستنتاج كما عرفت وليس ذلك لأجل اختصاص تلك الجملة بإفادة الملازمة على وجه لا يلزم من نفي المقدم نفي التالي والحاصل أنه حيث كان مقتضى الترتيب الطبيعي عند إرادة الاستنتاج أن يجعل ما هو الأعم مذكورا في التالي وما هو الأخص في المقدم وكان ثبوت الخاص دليلا على ثبوت العام وعدم العام دليلا على عدم ثبوت الخاص اقتصروا في النتيجة على ما ذكروا وأين ذلك من انحصار مدلول الجملة الشرطية فيما لا يلزم من عدم المقدم عدم التالي وبالجملة فمنشأ ذلك اختلاف أنظارهم احتج المنكرون بوجوه الأول ما عزاه جماعة إلى السيّد وهو أن تأثير الشرط إنما هو تعليق الحكم به وليس يمنع أن يخلفه وينوب منابه شرط آخر يجري مجراه ولا يخرج عن كونه شرطا فإن قوله تعالى فاستشهدوا شهيدين من رجالكم يمنع من قبول الشاهد الواحد حتى ينضم إليه شاهد آخر فانضمام الثاني إلى الأول شرط في القبول ثم علمنا أن ضمّ امرأتين إلى الشاهد الأول شرط في القبول ثم علمنا أن ضم اليمين إلى الأول يقوم مقامه أيضا فنيابة بعض الشروط عن بعض أكثر من أن يحصى مثل الحرارة فإن انتفاء الشمس لا يلزم انتفاء الحرارة لاحتمال قيام النار مقامه والأمثلة لذلك كثيرة شرعا وعقلا والجواب أن ما أفاده مما لا ينافى ما نحن بصدده فإن ظاهر الاستدلال ناظر إلى إمكان نيابة شرط عن شرط فكأنه جعل النزاع في أمر عقلي فحاول رفع امتناع
171
نام کتاب : مطارح الأنظار نویسنده : الشيخ الأنصاري جلد : 1 صفحه : 171