فإن الفتى قد طلب المخرج عما أخذه من أموال الناس ، فأجابه الإمام ( عليه السلام ) بالتصدق بجميع ما تحت يده وضمن له بذلك الجنة ، ولو كان التصدق به موجبا للضمان لما جعله الإمام مخرجا له عن ظلامته ، وقد جعل الله التصدق بمجهول المالك وسيلة للتوبة وسببا لفراغ الذمة تسهيلا للأمر على الغاصبين التائبين ، ولكن الرواية ضعيفة السند . ويدل على عدم الضمان أيضا اطلاق الروايات المتقدمة ، كرواية ابن أبي حمزة وغيرها الآمرة بالتصدق بمجهول المالك . ولا فرق في ذلك بين ما كان مجهول المالك عينا خارجية أو دينا ثابتا في الذمة ، فإن الدين وإن كان كليا في الذمة إلا أنه يتشخص بالتصدق وتبرأ به ذمة المديون . وتوهم أن نفوذ التصدق يتوقف على إذن المالك توهم فاسد ، لاطلاق تلك الروايات المتقدمة . ثم إنه لا يجوز للمالك أن يرجع على الفقير لو كانت العين باقية عنده ، لأن آخذ الصدقة هو الله وما كان لله لا يرجع . وعلى الجملة لا يجري على مجهول المالك حكم اللقطة ، لعدم الدليل عليه إلا في ايداع اللص ، وقد عرفت أن النص الوارد فيه ضعيف السند ووارد في قضية شخصية . ومن جميع ما ذكرناه ظهر ضعف ما ذهب إليه المصنف ، من أن الأوجه هو الضمان مطلقا ، أما تحكيما للاستصحاب حيث يعارض البراءة ولو بضميمة عدم القول بالفصل ، وأما للمرسلة المتقدمة عن السرائر - وهي ما روي من أنه بمنزلة اللقطة - وأما لاستفادة ذلك من خبر الوديعة .