دلالة الروايات هنا على ثبوت الولاية للواجد . وأما الاحتمال الثاني فإن كان المراد أن الحاكم أعرف بمصرف مجهول المالك من حيث الشبهة الحكمية فهو مسلم ، لأن ذلك وظيفة العالم إلا أن ذلك لا يدل على وجوب دفعه إليه بل الواجب على العامي أن يسأل العالم عن حكم الواقعة ويعمل على طبق ما أفتى به ، وإن كان المراد كونه أعرف من حيث الشبهة الموضوعية ، فهو ممنوع ، إذ قد يكون الواجد أعرف به لكثرة معاشرته للفقراء واطلاعه على أحوالهم . وكما لا يجب دفع مجهول المالك إلى الحاكم ، فكذلك لا يجب تحصيل الإجازة منه في ايصاله إلى موارده لاطلاق الروايات المتقدمة ، نعم الأولى اختيار أحد الأمرين لوجود القائل بوجوبه ، لكن لا بد وأن يكون الدفع إلى الحاكم بعنوان أنه يوصله إلى موارده ، وإلا ضمنهم الواجد كما عرفت . وقد يتوهم وجود الفرق بين الحق الكلي فيجب أما دفعه إلى الحاكم وأما تحصيل الإذن منه في التصدق به عن المالك ، لأن الكلي لا يتعين إلا بإذن المالك أو وليه ، وبين الحق الشخصي فلا يجب فيه ذلك لتعينه في نفسه . ولكنه توهم فاسد ، لأن مقتضى الاطلاقات المتقدمة هو عدم الفرق بينهما ، وأن الولاية لمن عليه الحق على وجه الاطلاق . قوله : ثم إن حكم تعذر الايصال إلى المالك . أقول : المال الذي لا يمكن ايصاله إلى صاحبه قد يكون مجهول المالك من جميع الجهات ، وهو مورد المطلقات المتقدمة [1] .
[1] قد تقدمت الإشارة إلى مصادرها في البحث عن رد المأخوذ من الجائر إلى أهله .