طعام الغير في المجاعة ، والتصرف في أرضه لانجاء الغريق ، وأكل المارة من ثمرته ، وأكل اللقطة بعد التعريف المقرر في الشريعة ، والتصرف في الأراضي المتسعة والأنهار الكبار ، وكالتصرف فيما يؤخذ ممن لا يعتقد الخمس ، فإن الأئمة ( عليهم السلام ) قد جعلوا شيعتهم في حل من ذلك واقعا ليطيب نسلهم ، ولكن لا يمكن الذهاب إلى ذلك في مقام الاثبات إلا فيما دل الدليل عليه كما في الموارد المذكورة . نعم يظهر ذلك من اطلاق جملة من الروايات ، كقوله ( عليه السلام ) في رواية أبي ولاد المتقدمة : فلك المهنا وعليه الوزر [1] ، وغير ذلك من الأخبار ، ولكن العمل باطلاقها يقتضي إباحة أخذ الجائزة من الجائر حتى مع العلم التفصيلي باشتمالها على الحرام ولم يتفوه به أحد ، وعليه فلا بد من رفع اليد عن اطلاقها وحمله على الشبهات البدوية أو المقرونة بالعلم الاجمالي الذي لا يوجب التنجيز . ولنا أن نمنع دلالة تلك الروايات على جواز أخذ الجائزة من الجائر مطلقا ، فإن السؤال فيها من جهة ما هو مرتكز في أذهان الناس ، من أن الجائر لا يبالي بالحرام ، وحينئذ فتكون أمواله مشتبهة بالحرام ، إذ ليست أموال الجائرين مقطوعة الحرمة ليكون ذلك احتمالا موهونا في حقهم . ويلوح هذا المعنى من بعض تلك الروايات ، كصحيحة أبي ولاد التي تقدمت ، بل الظاهر من بعضها تقييد الحكم بصورة الشك فقط ، كرواية إسحاق بن عمار [2] .
[1] التهذيب 6 : 338 ، الفقيه 3 : 108 ، عنهما الوسائل 17 : 213 ، وقد مر قبيل هذا . [2] عن إسحاق بن عمار قال : سألته عن الرجل يشتري من العامل وهو يظلم ، قال : يشتري منه ما لم يعلم أنه ظلم فيه أحدا ( التهذيب 7 : 132 ، عنه الوسائل 17 : 221 ) ، موثقة بإسحاق بن عمار .