الجائر الذي يدفع الله به عن المؤمنين أقل حظا منهم يوم القيامة ، فإن الظاهر منها أن الولاية الجائزة عن الجائر مكروهة مطلقا . وأما المستحبة ، فتدل عليه جملة من الروايات ، إذ الظاهر من رواية محمد بن إسماعيل [1] وغيرها أن الولاية الجائزة عن الجائر مستحبة على وجه الاطلاق ، فيقع التنافي بينها وبين ما تقدم من دليل الكراهة . وجمعهما المصنف ( رحمه الله ) بحمل رواية أبي نصر على من تولى لهم لنظام معاشه قاصدا للاحسان في خلال ذلك إلى المؤمنين ودفع الضرر عنهم ، وحمل ما هو ظاهر في الاستحباب على من لم يقصد بدخوله إلا الاحسان إلى المؤمنين ، إلا أنه لم يذكر وجهه . والتحقيق أن رواية أبي نصر ظاهرة في مرجوحية الولاية الجائزة مطلقا ، سواء كانت لنظام المعاش مع قصد الاحسان إلى المؤمنين أم كانت لخصوص اصلاح شؤونهم ، ورواية محمد بن إسماعيل ظاهرة في محبوبية الولاية عن الجائر إذا كانت لأجل ادخال السرور على المؤمنين من الشيعة .
[1] في رجال النجاشي حكي بعض أصحابنا عن ابن الوليد قال : وفي رواية محمد بن إسماعيل بن بزيع قال أبو الحسن الرضا ( عليه السلام ) : إن لله تعالى بأبواب الظالمين من نور الله له البرهان ومكن له في البلاد ليدفع بهم عن أوليائه ، ويصلح الله به أمور المسلمين إليهم يلجأ المؤمن من الضرر وإليهم يفزع ذو الحاجة من شيعتنا ، وبهم يؤمن الله روعة المؤمن في دار الظلمة ، أولئك المؤمنون حقا ، أولئك أمناء الله في أرضه ، أولئك نور الله في رعيتهم يوم القيامة ، ويزهر نورهم لأهل السماوات كما تزهر الكواكب الدرية لأهل الأرض ، أولئك من نورهم يوم القيامة تضئ منهم القيامة ، خلقوا والله للجنة ، وخلقت الجنة لهم - الحديث ( رجال النجاشي : 331 ، ذيل ترجمة محمد بن إسماعيل بن بزيع ، الرقم : 893 ، مرسل .