وأما النجاسة ، فإن رواية تحف العقول وإن دلت على حرمة بيع النجس ، لقوله ( عليه السلام ) فيها : أو شئ من وجوه النجس ، فهذا كله حرام محرم ، لأن ذلك كله منهي عن أكله وشربه ولبسه وملكه وامساكه والتقلب فيه ، فجميع تقلبه في ذلك حرام ، إلا أن ذلك فيما تكون منافعه كلها محرمة ، كما هو مقتضى التعليل المذكور فيها ، وأما إذا كان للنجس منفعة محللة فلا دليل على حرمة بيعه ، وأبوال ما لا يؤكل لحمه مما له منفعة محللة ، ومتقضى ذلك جواز بيعها . اللهم إلا أن يقال : إن كل نجس يحرم الانتفاع به بجميع منافعه ، فإذا كان كذلك حرم بيعه وشراؤه ، ولكنه دعوى بلا دليل ، هذا ، مضافا إلى ضعف سندها وعدم انجبارها بعمل الأصحاب كما عرفت . على أنه لو سلمنا دلالة الحرمة والنجاسة على حرمة البيع لدلتا على الحرمة التكليفية دون الوضعية كما تقدم في أول المسألة . ومما ذكرنا ظهر أن المشهور لم يستندوا في فتياهم بحرمة بيع النجس إلى رواية تحف العقول ، ولا إلى غيرها من الروايات العامة المتقدمة كرواية فقه الرضا ( عليه السلام ) الدالة على أن كلما يكون محرما من جهة يحرم بيعه ، ولو كان مستندهم ذلك لم يكن الحكم بحرمة البيع مختصا بالنجس بل كان يعم سائر المحرمات ، ولو كانت من الأعيان الطاهرة ، كأبوال ما لا يؤكل لحمه بناء على حرمة شربها . وأما عدم جواز الانتفاع بها ، فربما قيل بأنه يستلزم فساد البيع وإن لم يقم دليل على حرمة ذلك البيع تكليفا ، لأن حرمة الانتفاع بها يستلزم نفي ماليتها التي لا بد منها في تحقق البيع ، وفيه : أولا : أنه لا دليل على اعتبار المالية في البيع ، وإنما المناط صدق