يختص بغير القادر على التورية ، كما أن الاضطرار على الكذب مختص بالعاجز عنها ، وعليه فإذا أكره على البيع فلم يور مع قدرته على التورية فقد أوجد البيع بإرادته واختياره فيكون صحيحا . وأجاب عن هذا الايراد بوجود الفارق بين المقامين ، وحاصله : أن ما أكره عليه في باب المعاملات إنما هو نفس المعاملة وواقعها ، والأخبار الدالة على رفع ما استكره عليه كحديث الرفع ونحوه لم تقيد ذلك بعدم القدرة على التورية ، فإذا أوجد المكره المعاملة فقد أوجد نفس ما أكره عليه ويرتفع أثره بالاكراه ، وهذا بخلاف الكذب ، فإنه لا يجوز إلا في مورد الاضطرار ، ومن المعلوم أن الاضطرار لا يتحقق مع التمكن من التورية . وفيه أولا : أنه لا فارق بين الاكراه والاضطرار ، لأن الاكراه في اللغة حمل المكره على أمر واجباره عليه من غير رضى منه ، ولا شبهة في أن هذا المعنى لا يتحقق إذا أمكن التفصي كما هو الحال في الاضطرار . وثانيا : إنا لو لم نعتبر في مفهوم الاكراه أن لا يتمكن المكره من التفصي فإن لازم ذلك جواز ارتكاب المحرمات إذا أكره عليها وإن كان قادرا على التخلص ، كما إذا أكرهه أحد على شرب الخمر وكان متمكنا من هراقتها على جيبه ، وكما إذا أكرهه جائر على أخذ أموال الناس بالظلم والعدوان وكان متمكنا من أن يدفع مال الظالم إليه ويوهمه أنه إنما يعطيه من مال غيره ، ولا شبهة في حرمة الارتكاب في أمثال هذه الصورة . هذا كله بناء على المشهور كما نسبه المصنف إلى ظاهرهم ، من تقييد جواز الكذب بعدم القدرة على التورية ، والتحقيق أن يفصل بين الأحكام التكليفية وبين الأحكام الوضعية في باب المعاملات ، العقود منها والايقاعات . أما الأحكام التكليفية وجوبية كانت أم تحريمية ، فإن تنجزها على