وتقرير الاستدلال : أن الآية الشريفة تدل بالمطابقة على جواز التكلم بكلمة الكفر والارتداد عن الاسلام عند الاكراه والاضطرار بشرط أن يكون المتكلم معتقدا بالله ومطمئنا بالايمان ، فتدل على جواز الكذب في غير ذلك للمكره بطريق أولى . 2 - قوله تعالى : لا يتخذ المؤمنون الكافرين أولياء من دون المؤمنين ومن يفعل ذلك فليس من الله في شئ إلا أن تتقوا منهم تقاة [1] ، أي لا يجوز للمؤمنين أن يتخذوا الكافرين أولياء لأنفسهم يستعينون بهم و يلتجؤون إليهم ، ويظهرون المحبة والمودة لهم إلا أن يتقوا منهم تقاة ، فإنه حينئذ يجوز إظهار مودتهم تقية منهم ، فتدل هذه الآية أيضا على جواز الكذب في سائر موارد التقية بالأولى . ولكن لا دلالة في الآيتين على جواز الكذب في جميع موارد الاضطرار غير مورد الخوف والتقية . وأما الأخبار المجوزة للكذب في موارد الخوف والتقية فهي أكثر من أن تحصى ، وقد استفاضت بل تواترت على جواز الحلف كاذبا لدفع الضرر البدني أو المالي عن نفسه أو عن أخيه ، وستأتي الإشارة إلى جملة منها . قوله : إنما الاشكال والخلاف في أنه هل يجب حينئذ التورية لمن يقدر عليها أم لا . أقول : قد وقع الخلاف بين الأعلام في أن جواز الكذب هل هو مقيد بعدم التمكن من التورية أم لا ؟ فنسب المصنف القول الأول إلى ظاهر المشهور ، ولكن العبارات التي نقلها عنهم أما غير ظاهرة في مقصوده وأما ظاهرة في خلافه .