ولا يعقل بعد ذلك أن تكون موقوفة على حصول قيد أو شرط ، وأما ارجاعه إلى متعلق الخبر ، وهو وإن كان سائغا في نفسه ولكنه خلاف ظاهر القضايا الشرطية ، وحينئذ فيتعين ارجاعه إلى المخبر به ، وهو الدعاوي النفسانية ، مثلا إذا قال أحد : إن كانت الشمس طالعة فالنهار موجود ، فإن معناه : أن دعوى تحقق النهار مقيدة بطلوع الشمس ومع عدم طلوعها فالدعوى منتفية . وعليه فتقدير الآية : بل فعله كبيرهم إن نطقوا فاسألوهم ، فقد علقت الدعوى على نطق كبيرهم ، ولما استحال نطقه انتفت الدعوى ، فلا تكون كاذبة ، ونظير ذلك قولك : فلان صادق فيما يقول إن لم يكن فوقنا سماء ، وكقولك أيضا : لا أعتقد إلها إن كان له شريك ، ولا أعتقد خليفة للرسول ( صلى الله عليه وآله ) إن لم يكن منصوبا من الله ، هذا فاغتنم . ويؤيد ما ذكرناه خبر الإحتجاج عن الصادق ( عليه السلام ) أنه قال : ما فعله كبيرهم ، وما كذب إبراهيم ، قيل : وكيف ذلك ، فقال : إنما قال إبراهيم : إن كانوا ينطقون ، فإن نطقوا فكبيرهم فعل وإن لم ينطقوا فلم يفعل كبيرهم شيئا ، فما نطقوا وما كذب إبراهيم [1] . وقد ذكر المفسرون وجوها لتفسير الآية فراجع . وأما رمي قول إبراهيم : إني سقيم بالكذب ، فجوابه : إن المراد به كونه سقيما في دينه أي مرتادا وطالبا في دينه ، ويؤيده ما في خبر الإحتجاج المتقدم عن الصادق ( عليه السلام ) ، من قوله : ما كان إبراهيم سقيما ، وما كذب ، وإنما عنى سقيما في دينه أي مرتادا [2] .