ينطقون ، فقد دخلت عليها أداة الشرط وجعلتهما قضية واحدة شرطية ، ومن البديهي أنها أيضا كاذبة . فإن الصدق والكذب في القضايا الشرطية يدوران مدار صحة الملازمة وفسادها ، ولا شبهة أنها منتفية في المقام ، بداهة أنه لا ملازمة بين نطق كبير الأصنام وبين صدور الفعل منه ، بل الفعل قد صدر من إبراهيم على كل تقدير ، سواء نطق كبيرهم أم لم ينطق . أقول : أما رمي قول إبراهيم : بل فعله كبيرهم هذا بالكذب ، فجوابه : إنا قد حققنا في مبحث الواجب المشروط من علم الأصول أن الشروط في الواجبات المشروطة أما أن ترجع إلى الانشاء ، أعني به ابراز الاعتبار النفساني ، وأما أن ترجع إلى متعلق الوجوب ، أي المادة المحضة ، كما في الواجب المعلق ، على ما نسب إلى المصنف في التقريرات ، وأما أن ترجع إلى المنشأ ، وهو ما اعتبره في النفس ثم أبرزه بالانشاء ، فيكون مرجع القيد في قولنا : إن جاءك زيد فأكرمه هو وجوب الاكرام ، فيصير مقيدا بمجئ زيد . أما الأول فهو محال ، لأن الانشاء من الأمور التكوينية التي يدور أمرها بين الوجود والعدم ، فإذا أوجده المتكلم استحال أن يتوقف وجوده على شئ آخر ، لاستحالة انقلاب الشئ عما هو عليه . وأما الثاني فهو وإن كان ممكنا في مرحلة الثبوت ولكنه خلاف ظاهر الأدلة في مقام الاثبات ، ولا يمكن المصير إليه بدون دليل وقرينة ، وإذن فيتعين الاحتمال الثالث . وهذا الكلام بعينه جار في القضايا المشروطة من الجمل الخبرية أيضا ، فإن ارجاع القيد فيها إلى نفس الاخبار ، أي الألفاظ المظهرة للدعاوي النفسانية غير معقول ، لتحققه بمجرد التكلم بالقضية الشرطية ،