أقول : الروايات الواردة في هذا المقام كثيرة جدا ، وكلها ظاهرة في وجوب الوفاء بالوعد وحرمة مخالفته ، ولم نجد منها ما يكون ظاهرا في الاستحباب ، ولكن خلف الوعد حيث كان يعم به البلوى لجميع الطبقات في جميع الأزمان فلو كان حراما لاشتهر بين الفقهاء كاشتهار سائر المحرمات بينهم . مع ما عرفت من كثرة الروايات في ذلك وكونها بمرأى منهم ومسمع ، ومع ذلك كله فقد أفتوا باستحباب الوفاء به وكراهة مخالفته حتى المحدثين منهم ، كصاحبي الوسائل والمستدرك وغيرهما مع جمودهم على ظهور الروايات [1] ، وذلك يدلنا على أنهم اطلعوا في هذه الروايات على قرينة الاستحباب فأعرضوا عن ظاهرها . ولكنا قد حققنا في علم الأصول أن اعراض المشهور عن العمل بالرواية الصحيحة لا يوجب وهنها ، كما أن عملهم بالرواية الضعيفة لا يوجب اعتبارها إلا إذا رجع اعراضهم إلى تضعيف الرواية ورجوع عملهم إلى توثيقها . وإذن فلا وجه لرفع اليد عن ظهور الروايات المذكورة على كثرتها وحملها على الاستحباب .
[1] الوسائل : 12 ، باب 109 : 165 ، والمستدرك : 8 باب 92 : 461 استحباب الصدق في الوعد .