وقد يستدل على الحرمة مطلقا بحديث المناهي ، فإن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : نهى عن الغيبة والاستماع إليها ، ونهى عن النميمة والاستماع إليها [1] . وفيه أولا : أنه ضعيف السند كما عرفته مرارا . وثانيا : أن صدره وإن كان ظاهرا في الحرمة مطلقا إلا أن ذيله قرينة على حرمة الاستماع مع عدم الرد فقط ، وهو قوله ( صلى الله عليه وآله ) : ومن تطوع على أخيه في غيبة سمعها فيه في مجلس فردها عنه رد الله عنه ألف باب من الشر في الدنيا والآخرة ، فإن هو لم يردها وهو قادر على ردها كان عليه كوزر من اغتابه سبعين مرة [2] ، وحملها على السماع القهري خلاف الظاهر منها ، على أنه أمر نادر . وقد يجاب عن حديث المناهي بعدم ظهوره في الحرمة التكليفية ، فإن النهي فيه عن استماع الغيبة نهي تنزيهي وارشاد إلى الجهات الأخلاقية ، ويدل عليه من الحديث ذكر الأمور الأخلاقية فيه من آثار الغيبة ، ككونها موجبة لبطلان الوضوء والصوم . وفيه : أن ما ثبت كونه راجعا إلى الأخلاقيات ترفع اليد فيه عن ظهور النهي في الحرمة ، وأما غيره فيؤخذ بظهوره لا محالة كما حقق في محله . ومع الاغضاء عن جميع ما ذكرناه وتسليم صحة الروايات المتقدمة الظاهرة في حرمة استماع الغيبة مطلقا فلا بد من تقييدها بالروايات المتكثرة [3] الظاهرة في جواز استماعها لردها عن المقول فيه ،
[1] الفقيه 4 : 4 ، عنه الوسائل 12 : 282 ، مكارم الأخلاق 2 : 306 ، مجهولة لشعيب بن واقد . [2] الفقيه 4 : 4 ، عنه الوسائل 12 : 282 ، مكارم الأخلاق 2 : 306 ، مجهولة لشعيب بن واقد . [3] في وصية النبي ( صلى الله عليه وآله ) لعلي ( عليه السلام ) : يا علي من اغتيب عنده أخوه المسلم فاستطاع نصره فلم ينصره خذله الله في الدنيا والآخرة ( الفقيه 4 : 269 ، عنه الوسائل 12 : 291 ) ، رجال سند هذه الوصية مجاهيل لا طريق إلى الحكم بصحتها . وعن أبي الورد عن أبي جعفر ( عليه السلام ) قال : من اغتيب عنده أخوه المؤمن فنصره وأعانه نصره الله وأعانه في الدنيا والآخرة ، ومن لم ينصره ولم يعنه ولم يدفع عنه وهو يقدر على نصرته وعونه إلا خفضه الله في الدنيا والآخرة ( ثواب الأعمال : 299 ، ثواب الأعمال : 177 ، المحاسن : 103 ، عنهم الوسائل 12 : 291 ) ، حسنة لأبي الورد . وعن عقاب الأعمال عن النبي ( صلى الله عليه وآله ) أنه قال في خطبة له : ومن رد عن أخيه غيبة سمعها في مجلس رد الله عنه ألف باب من الشر في الدنيا والآخرة ، فإن لم يرد عنه وأعجبه كان كوزر من اغتاب ( عقاب الأعمال : 335 ، عنه الوسائل 12 : 291 ) ، ضعيفة لموسى بن عمران وأبي هريرة وغيرهم . عن النبي ( صلى الله عليه وآله ) في وصية له قال : يا أبا ذر من ذب عن أخيه المؤمن الغيبة كان حقا على الله أن يعتقه من النار ، يا أبا ذر من اغتيب عنده أخوه المؤمن وهو يستطيع نصره فنصره نصره الله في الدنيا والآخرة ، فإن خذله وهو يستطيع نصره خذله الله في الدنيا والآخرة ( أمالي الطوسي 2 : 150 ، عنه الوسائل 12 : 293 ، مكارم الأخلاق 2 : 362 ، الرقم : 2661 ، عنه المستدرك 9 : 131 ) ، ضعيفة لأبي المفضل ورجاء وابن ميمون أو شمون . وغير ذلك من الروايات الدالة على وجوب رد الاغتياب المذكورة في الباب المزبورة من الوسائل والمستدرك وغيرها من المصادر .