يعامل ضيفه بالحد الأدنى ، وإلا لجاز لأي منهما أن يذكر ما فعله الآخر معه من المساءة ، لأنه نوع من التظلم فيكون مشمولا للآية من دون احتياج إلى الرواية ، وحينئذ فيكون تطبيق الآية على إساءة الضيافة مؤيدة لما ذكرناه . وقد يستدل على الجواز هنا بأمور غير ناهضة للدلالة على المقصود : 1 - قوله تعالى : والذين إذا أصابهم البغي هم ينتصرون [1] ، وقوله تعالى : ولمن أنتصر بعد ظلمه فأولئك ما عليهم من سبيل [2] ، بدعوى أن ذكر المظلوم ما فعله الظالم معه من السوء نحو من الانتصار فيكون مشمولا للآيتين . وفيه : أن الآيتين أجنبيتان عما نحن فيه ، بل هما راجعتان إلى جواز الاعتداء والانتقام بالمثل ، نظير قوله تعالى : فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم [3] ، وقد ذهب إلى هذا جمع من الأكابر ، حتى صرح الأردبيلي في محكي كلامه بجواز اعتداء المضروب بالضرب والمشتوم بالشتم ، كما عرفته اجمالا في البحث عن حرمة السب . ويدل على ما ذكرناه ، من حمل الآيتين على الانتقام بالمثل ، قوله تعالى بينهما : وجزاء سيئة سيئة مثلها [4] . ودعوى أن الغيبة نحو من الاعتداء دعوى جزافية ، فإنه لا اطلاق للآيتين بالنسبة إلى المجازات بالمحرمات وإلا لجاز الاعتداء بالزناء ونحوه ولم يلتزم به أحد بل هو ضروري البطلان .