فهذه الرواية دلت بمفهومها على أن من ارتكب الأمور المذكورة فهو جائز الغيبة ، ومن الواضح أن من ظلم الناس في معاملاتهم وكذبهم في حديثهم كان متجاهرا بالفسق . ولكن الرواية بجميع طرقها ضعيفة السند ، على أن الظاهر من هذه الرواية ومن صحيحة ابن أبي يعفور ورواية علقمة الآتيتين اعتبار العدالة في حرمة الغيبة ولم يلتزم به أحد . ومنها : صحيحة ابن أبي يعفور [1] ، فقد دلت على أن حرمة التفتيش عن أحوال الناس مترتبة على الستر والعفاف منهم ، ومقتضى ذلك أن حرمة التفتيش تنتفي إذا انتفت الأمور المذكورة . وفيه : أن التفتيش غير الغيبة وحرمة أحدهما لا تستلزم حرمة الآخر ، نعم قد يجتمعان ، ثم لو سلمنا اتحادهما فإن مقتضى ذلك اعتبار العدالة في حرمة الغيبة . ومنها : ما في رواية علقمة عن الصادق ( عليه السلام ) ، وهو قوله : فمن لم تره بعينك يرتكب ذنبا أو لم يشهد عليه بذلك شاهدان فهو من أهل العدالة والستر وشهادته مقبولة ، وإن كان في نفسه مذنبا ، ومن اغتابه بما فيه فهو خارج من ولاية الله وداخل في ولاية الشيطان [2] . قال المصنف : دل على ترتب حرمة الاغتياب وقبول الشهادة على كونه من أهل الستر وكونه من أهل العدالة ، على طريق اللف والنشر ، أو على اشتراط الكل بكون الرجل غير مرئي منه المعصية ولا مشهودا عليه بها ومقتضى المفهوم جواز الاغتياب مع عدم الشرط خرج منه غير المتجاهر .
[1] راجع الوسائل باب 41 ما يعتبر في الشاهد من أبواب الشهادات . [2] أمالي الصدوق : 91 ، عنه الوسائل 12 : 285 ، ضعيفة لصالح بن عقبة وعلقمة .