ولقد أجاد صاحب الكفاية في الوجه الأول من الوجهين الذين جمع بهما بين الأخبار قال : أحدهما تخصيص تلك الأخبار الواردة المانعة بما عدا القرآن وحمل ما يدل على ذم التغني بالقرآن على قراءة تكون على سبيل اللهو كما يصنعه الفساق ، ثم أيده برواية عبد الله بن سنان الناهية عن قراءة القرآن بألحان أهل الفسوق [1] . وقد يقال بجواز الغناء في القرآن بدعوى أن أخبار الغناء معارضة بالأخبار الكثيرة المتواترة الدالة على فضل قراءة القرآن والأدعية والأذكار بالعموم من وجه ، وبعد التساقط في مورد الاجتماع يرجع إلى أصالة الإباحة ، وقد ذكر المصنف هذا الوجه في خلال كلام صاحب الكفاية ولكن ليس في تجارة الكفاية من ذلك عين ولا أثر ، ولا لما نسبه إليه المصنف من جملة من العبارات ولا تأييد مذهبه برواية علي بن جعفر ( عليه السلام ) . وقد أشكل عليه المصنف بما حاصله : أن أدلة الأحكام غير الالزامية لا تقاوم أدلة الأحكام الالزامية ، والوجه في ذلك : أن الفعل إنما يتصف بالحكم بغير الالزامي إذا خلا في طبعه عما يقتضي الوجوب أو الحرمة ، ومثاله أن إجابة دعوة المؤمن وقضاء حاجته وادخال السرور في قلبه وكشف كربته من الأمور المستحبة في نفسها ، ولكن إذا استلزم امتثالها ترك واجب كالصوم والصلاة أو ايجاد حرام كالزناء واللواط تخرج عن الاستحباب وتكون محرمة . وفيه : أن ما ذكره لا يرتبط بكلام المستدل ، وتحقيق ذلك : أن ملاحظة اجتماع الأحكام الالزامية مع الأحكام غير الالزامية يتصور على وجوه :