وقد اشتهر بين المتأخرين نسبة استثناء الغناء في قراءة القرآن إلى صاحب الكفاية ، قال في تجارة الكفاية : إن غير واحد من الأخبار [1] يدل على جواز الغناء في القرآن بل استحبابه ، بناء على دلالة الروايات على استحباب حسن الصوت والتحزين والترجيع به ، والظاهر أن شيئا منها لا يوجد بدون الغناء ، على ما استفيد من كلام أهل اللغة وغيرهم ، على ما فصلنا في بعض رسائلنا [2] . وفيه : أن مفاد هذه الروايات خارج عن الغناء موضوعا كما عرفت ، فلا دلالة في شئ منها على جواز الغناء في القرآن ، بل بعضها صريح في النهي عن قراءة القرآن بألحان أهل الفسوق والكبائر الذين يرجعون القرآن ترجيع الغناء ، وقد ذكرنا هذه الرواية في البحث عن موضوع الغناء . وعلى الجملة أن قراءة القرآن بالصوت الحسن وإن كان مطلوبا للشارع ولكنها محدودة بما إذا لم ننجر إلى الغناء وإلا كانت محرمة ، نعم لا شبهة في صدق الغناء عليه على تعاريف بعض أهل اللغة ولكنك قد عرفت أنها ليست بجامعة ولا مانعة .
[1] عن أبي بصير قال : قلت لأبي جعفر ( عليه السلام ) : إذا قرأت القرآن فرفعت به صوتي جاءني الشيطان ، فقال : إنما ترائي بهذا أهلك والناس ، قال : يا أبا محمد اقرأ قراءة ما بين القراءتين تسمع أهلك ، ورجع بالقرآن صوتك ، فإن الله عز وجل يحب الصوت الحسن يرجع فيه ترجيعا ( الكافي 2 : 451 ، عنه الوسائل 6 : 211 ) ، ضعيفة لأبي حمزة . إلى غير ذلك من الروايات الكثيرة المذكورة في المصادر المزبورة ، وفي الوسائل 6 : 210 - 212 ، والمستدرك 4 : 272 - 275 ، ولكن كلها ضعيفة السند ، نعم كثرتها توجب الاطمينان بصدور بعضها عن المعصوم ( عليه السلام ) . [2] كفاية الأحكام : 86 .